الْأَصْلِيَّةَ فَنَأْخُذَهَا، وَلَا نَأْخُذُ زَائِدَةً بِأَصْلِيَّةٍ. فَأَمَّا إنْ كَانَ لَهُ قَدَمَانِ فِي رِجْلٍ وَاحِدَةٍ، فَالْحُكْمُ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِي الْيَدَيْنِ.
فَإِنْ كَانَتْ إحْدَى الْقَدَمَيْنِ أَطْوَلَ مِنْ الْأُخْرَى، وَكَانَ الطَّوِيلُ مُسَاوِيًا لِلرِّجْلِ الْأُخْرَى، فَهُوَ الْأَصْلِيُّ، وَإِنْ كَانَ زَائِدًا عَنْهَا، وَالْآخَرُ مُسَاوٍ لِلرِّجْلِ الْأُخْرَى، فَهُوَ الْأَصْلِيُّ. وَإِنْ كَانَ لَهُ فِي كُلِّ رِجْلٍ قَدَمَانِ، يُمْكِنُهُ الْمَشْيُ عَلَى الطَّوِيلَتَيْنِ مَشْيًا مُسْتَقِيمًا، فَهُمَا الْأَصْلِيَّانِ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ، فَقُطِعَا، وَأَمْكَنَهُ الْمَشْيُ عَلَى الْقَصِيرَتَيْنِ، فَهُمَا الْأَصْلِيَّانِ، وَالْآخَرَانِ زَائِدَانِ. وَإِنْ أَشَلَّ الطَّوِيلَتَيْنِ، فَفِيهِمَا الدِّيَةُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُمَا الْأَصْلِيَّانِ، فَإِنْ قَطَعَهُمَا قَاطِعٌ، فَأَمْكَنَهُ الْمَشْيُ عَلَى الْقَصِيرَتَيْنِ تَبَيَّنَ أَنَّهُمَا الْأَصْلِيَّانِ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ، فَالطَّوِيلَانِ هُمَا الْأَصْلِيَّانِ.
[مَسْأَلَةٌ دِيَة ثَدْيِ الرَّجُل وَالْمَرْأَة]
(٦٩٤٣) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَفِي الثَّدْيَيْنِ الدِّيَةُ، سَوَاءٌ كَانَ مِنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ) أَمَّا ثَدْيَا الْمَرْأَةِ، فَفِيهِمَا دِيَتُهُمَا. لَا نَعْلَمُ فِيهِ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ خِلَافًا، وَفِي الْوَاحِدِ مِنْهُمَا نِصْفُ الدِّيَةِ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، عَلَى أَنَّ فِي ثَدْيِ الْمَرْأَةِ نِصْفَ الدِّيَةِ، وَفِي الثَّدْيَيْنِ الدِّيَةَ، وَمِمَّنْ حَفِظْنَا ذَلِكَ عَنْهُ الْحَسَنُ وَالشَّعْبِيُّ وَالزُّهْرِيُّ وَمَكْحُولٌ وَقَتَادَةُ وَمَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَلِأَنَّ فِيهِمَا جَمَالًا وَمَنْفَعَةً فَأَشْبَهَا الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ.
وَفِي أَحَدِهِمَا نِصْفُ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّ كُلَّ عُضْوَيْنِ وَجَبَتْ الدِّيَةُ فِيهِمَا، وَجَبَ فِي أَحَدِهِمَا نِصْفُهَا، كَالْيَدَيْنِ. وَفِي قَطْعِ حَلَمَتَيْ الثَّدْيَيْنِ دِيَتُهُمَا. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ، - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَرَوَى نَحْوَ هَذَا الشَّعْبِيُّ، وَالنَّخَعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ. وَقَالَ مَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ: إنْ ذَهَبَ اللَّبَنُ، وَجَبَتْ دِيَتُهُمَا، وَإِلَّا وَجَبَتْ حُكُومَةٌ بِقَدْرِ شَيْنِهِ. وَنَحْوَهُ قَالَ قَتَادَةُ: إذَا ذَهَبَ الرَّضَاعُ بِقَطْعِهِمَا، فَفِيهِمَا الدِّيَةُ. وَلَنَا، أَنَّهُ ذَهَبَ مِنْهُمَا مَا تَذْهَبُ الْمَنْفَعَةُ بِذَهَابِهِ، فَوَجَبَتْ دِيَتُهُمَا، كَالْأَصَابِعِ مَعَ الْكَفِّ، وَحَشَفَةِ الذَّكَرِ، وَبَيَانُ ذَهَابِ الْمَنْفَعَةِ أَنَّ بِهِمَا يَشْرَبُ الصَّبِيُّ وَيَرْتَضِعُ فَهُمَا كَالْأَصَابِعِ فِي الْكَفِّ. وَإِنْ قَطَعَ الثَّدْيَيْنِ كُلَّهُمَا، فَلَيْسَ فِيهِمَا إلَّا دِيَةٌ، كَمَا لَوْ قَطَعَ الذَّكَرَ كُلَّهُ. وَإِنْ حَصَلَ مَعَ قَطْعِهِمَا جَائِفَةٌ، وَجَبَ فِيهَا ثُلُثُ الدِّيَةِ مَعَ دِيَتِهِمَا.
وَإِنْ حَصَلَ جَائِفَتَانِ، وَجَبَتْ دِيَةٌ وَثُلُثَانِ. وَإِنْ ضَرَبَهُمَا فَأَشَلَّهُمَا، فَفِيهِمَا الدِّيَةُ، كَمَا لَوْ أَشَلَّ يَدَيْهِ. وَإِنْ جَنَى عَلَيْهِمَا، فَأَذْهَبَ لَبَنَهُمَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَشُلَّهُمَا، فَقَالَ أَصْحَابُنَا: فِيهِمَا حُكُومَةٌ. وَهَذَا قَوْلُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَجِبَ دِيَتُهُمَا؛ لِأَنَّهُ ذَهَبَ بِنَفْعِهِمَا، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَشَلَّهُمَا؛ وَهَذَا ظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ، وَالثَّوْرِيِّ، وَقَتَادَةَ وَإِنْ جَنَى عَلَيْهِمَا مِنْ صَغِيرَةٍ ثُمَّ وَلَدَتْ، فَلَمْ يَنْزِلْ لَهَا لَبَنٌ، سُئِلَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ، فَإِنْ قَالُوا: إنَّ الْجِنَايَةَ سَبَبُ قَطْعِ اللَّبَنِ، فَعَلَيْهِ مَا عَلَى مَنْ ذَهَبَ بِاللَّبَنِ بَعْدَ وُجُودِهِ. وَإِنْ قَالُوا: يَنْقَطِعُ بِغَيْرِ الْجِنَايَةِ. لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ أَرْشُهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ، فَلَا يَجِبُ فِيهَا شَيْءٌ بِالشَّكِّ.
وَإِنْ جَنَى عَلَيْهِمَا، فَنَقَصَ لَبَنُهُمَا، أَوْ جَنَى عَلَى ثَدْيَيْنِ نَاهِدَيْنِ فَكَسَرَهُمَا، أَوْ صَارَ بِهِمَا مَرَضٌ، فَفِيهِ حُكُومَةٌ؛ لِنَقْصِهِ الَّذِي نَقَصَهُمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute