للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَصَابَهَا زَوْجُهَا فِي الْعُمْرَةِ: عَلَيْك فِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ، أَوْ صَدَقَةٍ، أَوْ نُسُكٍ. قَالَتْ: أَيُّ النُّسُكِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: إنْ شِئْت فَنَاقَةٌ، وَإِنْ شِئْت فَبَقَرَةٌ. قَالَتْ: أَيُّ ذَلِكَ أَفْضَلُ؟ قَالَ: انْحَرِي نَاقَةً. رَوَاهُ الْأَثْرَمُ. وَلِأَنَّ مَا كَانَ أَكْثَرَ لَحْمًا كَانَ أَنْفَعَ لِلْفُقَرَاءِ، وَلِذَلِكَ أَجْزَأَتْ الْبَدَنَةُ مَكَانَ سَبْعٍ مِنْ الْغَنَمِ، وَالشَّاةُ أَفْضَلُ مِنْ سُبْعِ بَدَنَةٍ؛ لِأَنَّ لَحْمَهَا أَطْيَبُ، وَالضَّأْنُ أَفْضَلُ مِنْ الْمَعْزِ لِذَلِكَ.

[فَصْلٌ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى فِي الْهَدْيِ سَوَاءٌ]

(٢٧٣٦) فَصْلٌ: وَالذَّكَرُ وَالْأُنْثَى فِي الْهَدْيِ سَوَاءٌ. وَمِمَّنْ أَجَازَ ذَكَرَانِ الْإِبِلِ ابْنُ الْمُسَيِّبِ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَمَالِكٌ، وَعَطَاءٌ، وَالشَّافِعِيُّ. وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ: مَا رَأَيْت أَحَدًا فَاعِلًا ذَلِكَ، وَأَنْ أَنْحَرَ أُنْثَى أَحَبُّ إلَيَّ. وَالْأَوَّلُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [الحج: ٣٦] . وَلَمْ يَذْكُرْ ذَكَرًا وَلَا أُنْثَى، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَهْدَى جَمَلًا لِأَبِي جَهْلٍ، فِي أَنْفِهِ بُرَّةٌ مِنْ فِضَّةٍ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَابْنُ مَاجَهْ.

وَلِأَنَّهُ يَجُوزُ مِنْ سَائِرِ أَنْوَاعِ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ، وَلِذَلِكَ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أَقْرَنَ ". فَكَذَلِكَ مِنْ الْإِبِلِ، وَلِأَنَّ الْقَصْدَ اللَّحْمُ، وَلَحْمُ الذَّكَرِ أَوْفَرُ، وَلَحْمُ الْأُنْثَى أَرْطَبُ، فَيَتَسَاوَيَانِ. قَالَ أَحْمَدُ: الْخَصِيُّ أَحَبُّ إلَيْنَا مِنْ النَّعْجَةِ. وَذَلِكَ لِأَنَّ لَحْمَهُ أَوْفَرُ وَأَطْيَبُ.

[مَسْأَلَةٌ وَجَبَتْ عَلَيْهِ بَدَنَةٌ فَذَبَحَ سَبْعًا مِنْ الْغَنَمِ]

(٢٧٣٧) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَمَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ بَدَنَةٌ، فَذَبَحَ سَبْعًا مِنْ الْغَنَمِ، أَجْزَأَهُ) وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّ سَبْعًا مِنْ الْغَنَمِ يُجْزِئُ عَنْ الْبَدَنَةِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا. سَوَاءٌ كَانَتْ الْبَدَنَةُ وَاجِبَةً بِنَذْرٍ، أَوْ جَزَاءِ صَيْدٍ، أَوْ كَفَّارَةِ وَطْءٍ.

وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: إنَّمَا يُجْزِئُ ذَلِكَ عَنْهَا عِنْدَ عَدَمِهَا، فِي ظَاهِرِ كَلَامِ أَحْمَدَ لِأَنَّ ذَلِكَ بَدَلٌ عَنْهَا، فَلَا يُصَارُ إلَيْهِ مَعَ وُجُودِهَا، كَسَائِرِ الْأَبْدَالِ. فَأَمَّا مَعَ عَدَمِهَا فَيَجُوزُ؛ لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ، قَالَ: «أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلٌ، فَقَالَ: إنَّ عَلَيَّ بَدَنَةً، وَأَنَا مُوسِرٌ لَهَا، وَلَا أَجِدُهَا فَأَشْتَرِيَهَا فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَبْتَاعَ سَبْعَ شِيَاهٍ فَيَذْبَحَهُنَّ.» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ. وَلَنَا، أَنَّ الشَّاةَ مَعْدُولَةٌ بِسُبْعِ بَدَنَةٍ، وَهِيَ أَطْيَبُ لَحْمًا، فَإِذَا عَدَلَ عَنْ الْأَدْنَى إلَى الْأَعْلَى جَازَ، كَمَا لَوْ ذَبَحَ بَدَنَةً مَكَانَ شَاةٍ.

(٢٧٣٨) فَصْلٌ: وَمِنْ وَجَبَ عَلَيْهِ سَبْعٌ مِنْ الْغَنَمِ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ، لَمْ يُجْزِئْهُ بَدَنَةٌ فِي الظَّاهِرِ؛ لِأَنَّ سَبْعًا مِنْ الْغَنَمِ أَطْيَبُ لَحْمًا، فَلَا يَعْدِلُ عَنْ الْأَعْلَى إلَى الْأَدْنَى، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي كَفَّارَةِ مَحْظُورٍ، أَجْزَأَهُ بَدَنَةٌ؛ لِأَنَّ الدَّمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>