فَصَحَّ اسْتِثْنَاؤُهُ، كَالشَّجَرَةِ الْمُعَيَّنَةِ، وَقِيَاسُ الْمَعْلُومِ عَلَى الْمَجْهُولِ فِي الْفَسَادِ لَا يَصِحُّ، فَعَلَى هَذَا يَصِيرَانِ شَرِيكَيْنِ فِيهِ، لِلْمُشْتَرِي ثُلُثَاهُ وَلِلْبَائِعِ ثُلُثُهُ.
[فَصْلٌ قَالَ بِعْتُك قَفِيزًا مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ إلَّا مَكُّوكًا]
(٢٩٣٢) فَصْلٌ: فَإِنْ قَالَ: بِعْتُك قَفِيزًا مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ إلَّا مَكُّوكًا. جَازَ؛ لِأَنَّ الْقَفِيزَ مَعْلُومٌ، وَالْمَكُّوك مَعْلُومٌ، فَلَا يُفْضِي إلَى الْجَهَالَةِ، وَلَوْ قَالَ: بِعْتُك هَذِهِ الثَّمَرَةَ بِأَرْبَعَةِ دَرَاهِمَ، إلَّا بِقَدْرِ دِرْهَمٍ. صَحَّ؛ لِأَنَّ قَدْرَهُ مَعْلُومٌ مِنْ الْمَبِيعِ وَهُوَ الرُّبْعُ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: بِعْتُك ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ هَذِهِ الثَّمَرَةِ بِأَرْبَعَةِ دَرَاهِمَ. وَلَوْ قَالَ: إلَّا مَا يُسَاوِي دِرْهَمًا. لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ مَا يُسَاوِي الدِّرْهَمَ قَدْ يَكُونُ الرُّبْعَ، أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ، فَيَكُونُ مَجْهُولًا، فَيَبْطُلُ.
[فَصْلٌ بَاعَ قَطِيعًا وَاسْتَثْنَى مِنْهُ شَاةً بِعَيْنِهَا]
(٢٩٣٣) فَصْلٌ: وَإِنْ بَاعَ قَطِيعًا، وَاسْتَثْنَى مِنْهُ شَاةً بِعَيْنِهَا، صَحَّ. وَإِنْ اسْتَثْنَى شَاةً غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ، لَمْ يَصِحَّ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَقَالَ مَالِكٌ: يَصِحُّ أَنْ يَبِيعَ مِائَةَ شَاةٍ إلَّا شَاةً يَخْتَارُهَا، أَوْ يَبِيعَ ثَمَرَةَ حَائِطِهِ، وَيَسْتَثْنِيَ ثَمَرَةَ نَخَلَاتِ يَعُدُّهَا.
وَلَنَا، «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: نَهَى عَنْ الثُّنْيَا إلَّا أَنْ تُعْلَمَ. وَنَهَى عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ.» وَلِأَنَّهُ مَبِيعٌ مَجْهُولٌ، وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَجْهُولٌ، فَلَمْ يَصِحَّ، كَمَا لَوْ قَالَ: إلَّا شَاةً مُطْلَقَةً. وَلِأَنَّهُ مَبِيعٌ مَجْهُولٌ، فَلَمْ يَصِحَّ، كَمَا لَوْ قَالَ: بِعْتُك شَاةً تَخْتَارُهَا مِنْ الْقَطِيعِ. وَضَابِطُ هَذَا الْبَابِ، أَنَّهُ لَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ مَا لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ مُفْرَدًا أَوْ بَيْعُ مَا عَدَاهُ مُنْفَرِدًا عَنْ الْمُسْتَثْنَى، وَنَحْوُ هَذَا مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ، إلَّا أَنَّ أَصْحَابَنَا اسْتَثْنَوْا مِنْ هَذَا سَوَاقِطَ الشَّاةِ، وَجِلْدَهَا؛ لِلْأَثَرِ الْوَارِدِ فِيهِ. وَالْحَمْلُ عَلَى رِوَايَةِ الْجَوَازِ؛ لِفِعْلِ ابْنِ عُمَرَ، وَمَا عَدَا هَذَا فَيَبْقَى عَلَى الْأَصْلِ.
[فَصْلٌ بَاعَ حَيَوَانًا مَأْكُولًا وَاسْتَثْنَى رَأْسَهُ وَجِلْدَهُ وَأَطْرَافَهُ وَسَوَاقِطَهُ]
(٢٩٣٤) فَصْلٌ: وَإِنْ بَاعَ حَيَوَانًا مَأْكُولًا، وَاسْتَثْنَى رَأْسَهُ وَجِلْدَهُ وَأَطْرَافَهُ وَسَوَاقِطَهُ، صَحَّ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ. وَقَالَ مَالِكٌ: يَصِحُّ فِي السَّفَرِ دُونَ الْحَضَرِ؛ لِأَنَّ الْمُسَافِرَ لَا يُمْكِنُهُ الِانْتِفَاعُ بِالْجِلْدِ وَالسَّوَاقِطِ. فَجَوَّزَ لَهُ شِرَاءَ اللَّحْمِ دُونَهَا. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ: لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ إفْرَادُهُ بِالْعَقْدِ، فَلَمْ يَجُزْ اسْتِثْنَاؤُهُ كَالْحَمْلِ.
وَلَنَا، «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ الثُّنْيَا إلَّا أَنْ تُعْلَمَ.» وَهَذِهِ مَعْلُومَةٌ، وَرُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا هَاجَرَ إلَى الْمَدِينَةِ، وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ، مَرُّوا بِرَاعِي غَنَمٍ، فَذَهَبَ أَبُو بَكْرٍ وَعَامِرٌ فَاشْتَرَيَا مِنْهُ شَاةً، وَشَرَطَا لَهُ سَلَبَهَا.» وَرَوَى أَبُو بَكْرٍ، فِي " الشَّافِي " بِإِسْنَادِهِ عَنْ جَابِرٍ، عَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ: قَضَى زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَأَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَقَرَةٍ بَاعَهَا رَجُلٌ وَاشْتَرَطَ رَأْسَهَا، فَقَضَى بِالشَّرْوَى. يَعْنِي أَنْ يُعْطِيَ رَأْسًا مِثْلَ رَأْسٍ. وَلِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute