فِي ذِمَّتِهِ، وَلَا رَقَبَتِهِ، وَلَا ذِمَّةِ سَيِّدِهِ، وَلَا إسْقَاطُهَا، فَلَمْ يَبْقَ إلَّا أَنْ تَتَعَلَّقَ بِكَسْبِهِ. وَقَالَ الْقَاضِي: تَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ فِي النِّكَاحِ بِمَنْزِلَةِ الْجِنَايَةِ، وَأَرْشُ جِنَايَةِ الْعَبْدِ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ، يُبَاعُ فِيهَا، أَوْ يَفْدِيه سَيِّدُهُ. وَهَذَا قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْي.
وَلَنَا، أَنَّهُ دَيْنٌ أَذِنَ السَّيِّدُ فِيهِ، فَلَزِمَ ذِمَّتَهُ، كَاَلَّذِي اسْتَدَانَهُ وَكِيلُهُ. وَقَوْلُهُمْ: إنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ الْوَطْءِ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ فَإِنَّهُ يَجِبُ مِنْ غَيْرِ وَطْءٍ، وَيَجِبُ لِلرَّتْقَاءِ، وَالْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ، وَزَوْجَةِ الْمَجْبُوبِ وَالصَّغِيرِ، وَإِنَّمَا يَجِبُ بِالتَّمْكِينِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِجِنَايَةٍ وَلَا قَائِمٍ مَقَامَهَا. وَقَوْلُ مَنْ قَالَ: إنَّهُ تَعَذَّرَ إيجَابُهُ فِي ذِمَّةِ السَّيِّدِ. غَيْرُ صَحِيحٍ، فَإِنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ إيجَابِهِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا وُجُودَ مُقْتَضِيه، فَلَا مَعْنَى لِدَعْوَى التَّعَذُّرِ.
[مَسْأَلَةٌ أَمَةٌ تَأْوِي بِاللَّيْلِ عِنْدَ الزَّوْجِ وَبِالنَّهَارِ عِنْدَ الْمَوْلَى فَمِنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهَا]
(٦٥٠٩) مَسْأَلَةٌ قَالَ: (وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً تَأْوِي بِاللَّيْلِ عِنْدَ الزَّوْجِ، وَبِالنَّهَارِ عِنْدَ الْمَوْلَى، أَنْفَقَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُدَّةَ مُقَامِهَا عِنْدَهُ) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ قَدْ تَقَدَّمَتْ، وَذَكَرْنَا أَنَّ النَّفَقَةَ فِي مُقَابَلَةِ التَّمْكِينِ، وَقَدْ وُجِدَ مِنْهَا فِي اللَّيْلِ، فَتَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ النَّفَقَةُ فِيهِ، وَالْبَاقِي مِنْهَا عَلَى السَّيِّدِ، بِحُكْمِ أَنَّهَا مَمْلُوكَتُهُ لَمْ تَجِبْ لَهَا نَفَقَةٌ عَلَى غَيْرِهِ فِي هَذَا الزَّمَنِ، فَيَكُونُ عَلَى هَذَا عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ النَّفَقَةِ. وَهَذَا أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ. وَقَالَ فِي الْآخَرِ: لَا نَفَقَةَ لَهَا عَلَى الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُمَكِّنْ مِنْ نَفْسِهَا فِي جَمِيعِ الزَّمَانِ، فَلَمْ يَجِبْ لَهَا شَيْءٌ مِنْ النَّفَقَةِ، كَالْحُرَّةِ إذَا بَذَلَتْ نَفْسَهَا فِي أَحَدِ الزَّمَانَيْنِ دُونَ الْآخَرِ.
وَلَنَا، أَنَّهُ وُجِدَ التَّمْكِينُ الْوَاجِبُ بِعَقْدِ النِّكَاحِ فَاسْتَحَقَّتْ النَّفَقَةَ كَالْحُرَّةِ إذَا مَكَّنَتْ مِنْ نَفْسِهَا فِي غَيْرِ أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَاتِ وَالصَّوْمِ الْوَاجِبِ، وَالْحَجِّ الْمَفْرُوضِ. وَفَارَقَ الْحُرَّةَ إذَا امْتَنَعَتْ فِي أَحَدِ الزَّمَانَيْنِ، فَإِنَّهَا لَمْ تَبْذُلْ الْوَاجِبَ، فَتَكُونَ نَاشِزًا، وَهَذِهِ لَيْسَتْ نَاشِزًا وَلَا عَاصِيَةً. (٦٥١٠) مَسْأَلَةٌ قَالَ: (فَإِنْ كَانَ لَهَا وَلَدٌ، لَمْ تَلْزَمْهُ نَفَقَةُ وَلَدِهِ، حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا، وَنَفَقَتُهُمْ عَلَى سَيِّدِهِمْ) يَعْنِي الْأَمَةَ لَيْسَ عَلَى زَوْجِهَا نَفَقَةُ وَلَدِهَا مِنْهَا، وَإِنْ كَانَ حُرًّا؛ لِأَنَّ وَلَدَ الْأَمَةِ عَبْدٌ لِسَيِّدِهَا، فَإِنَّ الْوَلَدَ يَتْبَعُ أُمَّهُ فِي الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ، فَتَكُونُ نَفَقَتُهُمْ عَلَى سَيِّدِهِمْ دُونَ أَبِيهِمْ، فَإِنَّ الْعَبْدَ أَخَصُّ بِسَيِّدِهِ مِنْ أَبِيهِ؛ وَلِذَلِكَ لَا وِلَايَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبِيهِ، وَلَا مِيرَاثَ، وَلَا إنْفَاقَ، وَكُلُّ ذَلِكَ لِلسَّيِّدِ، وَقَدْ رُوِيَتْ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ رَحِمَهُ اللَّهُ رِوَايَةٌ أُخْرَى، أَنَّ وَلَدَ الْعَرَبِيِّ يَكُونُ حُرًّا، وَعَلَى أَبِيهِ فِدَاؤُهُ. فَعَلَى هَذَا تَكُونُ نَفَقَتُهُمْ عَلَيْهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute