وَالثَّانِي، يَبْطُلُ؛ لِأَنَّهُ بَذَلَ الْعِوَضَ لِهَذَا الْغَرَضِ، فَإِذَا لَمْ يَحْصُلْ لَهُ غَرَضُهُ لَا يَلْزَمُهُ الْعِوَضُ. وَكُلُّ مَوْضِعٍ فَسَدَتْ الْمُسَابَقَةُ، فَإِنْ كَانَ السَّابِقُ الْمُخْرِجَ أَمْسَكَ سَبْقَهُ، وَإِنْ كَانَ الْآخَرَ، فَلَهُ أَجْرُ عَمَلِهِ؛ لِأَنَّهُ عَمَلٌ بِعِوَضٍ لَمْ يُسَلَّمْ لَهُ، فَاسْتَحَقَّ أَجْرَ الْمِثْلِ، كَالْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ.
[فَصْلٌ كَانَ الْمُخْرِجُ غَيْرَ الْمُتَسَابِقَيْنِ]
(٧٩١١) فَصْلٌ: وَإِذَا كَانَ الْمُخْرِجُ غَيْرَ الْمُتَسَابِقَيْنِ، فَقَالَ لَهُمَا أَوْ لِجَمَاعَةٍ: أَيُّكُمْ سَبَقَ فَلَهُ عَشَرَةٌ. جَازَ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَطْلُبُ أَنْ يَكُونَ سَابِقًا، وَأَيُّهُمْ سَبَقَ، اسْتَحَقَّ الْعَشَرَةَ، وَإِنْ جَاءُوا جَمِيعًا، فَلَا شَيْءَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّهُ لَا سَابِقَ فِيهِمْ. وَإِنْ قَالَ لِاثْنَيْنِ: أَيّكُمَا سَبَقَ فَلَهُ عَشَرَةٌ، وَأَيُّكُمَا صَلَّى فَلَهُ عَشَرَةٌ. لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي طَلَبِ السَّبْقِ، فَلَا يَحْرِصُ عَلَيْهِ، لِعَدَمِ فَائِدَتِهِ فِيهِ. وَإِنْ قَالَ: وَمَنْ صَلَّى فَلَهُ خَمْسَةٌ صَحَّ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَطْلُبُ السَّبْقَ لِفَائِدَتِهِ فِيهِ بِزِيَادَةِ الْجُعْلِ. وَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ اثْنَيْنِ، فَقَالَ: مَنْ سَبَقَ فَلَهُ عَشَرَةٌ، وَمَنْ صَلَّى فَلَهُ كَذَلِكَ. صَحَّ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَطْلُبُ أَنْ يَكُونَ سَابِقًا أَوْ مُصَلِّيًا، وَالْمُصَلِّي هُوَ الثَّانِي؛ لِأَنَّ رَأْسَهُ عِنْدَ صَلَى الْآخَرِ، وَالصَّلَوَانِ: هُمَا الْعَظْمَانِ النَّاتِئَانِ مِنْ جَانِبَيْ الذَّنَبِ.
وَفِي الْأَثَرِ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: " سَبَقَ أَبُو بَكْرٍ، وَصَلَّى عُمَرُ، وَخَبَطَتْنَا عَشْوَاءٌ وَقَالَ الشَّاعِرُ:
إنْ تَبْتَدِرْ غَايَةً يَوْمًا لِمَكْرُمَةٍ ... تَلْقَ السَّوَابِقَ مِنَّا وَالْمُصَلِّينَا
فَإِنْ قَالَ: لِلْمُجَلِّي - وَهُوَ الْأَوَّلُ - مِائَةٌ، وَلِلْمُصَلِّي - وَهُوَ الثَّانِي - تِسْعُونَ، وَلِلتَّالِي - وَهُوَ الثَّالِثُ - ثَمَانُونَ، وَلِلنَّازِعِ - وَهُوَ الرَّابِعُ - سَبْعُونَ، وَلِلْمُرْتَاحِ وَهُوَ الْخَامِسُ - سِتُّونَ، وَلِلْحَظِّيِّ - وَهُوَ السَّادِسُ - خَمْسُونَ، وَلِلْعَاطِفِ - وَهُوَ السَّابِعُ - أَرْبَعُونَ، وَلِلْمُؤَمِّلِ - وَهُوَ الثَّامِنُ - ثَلَاثُونَ، وَلِلَّطِيمِ - وَهُوَ التَّاسِعُ - عِشْرُونَ، وَلِلسِّكِّيتِ - وَهُوَ الْعَاشِرُ - عَشَرَةٌ، وَلِلْفَسْكَلِ - وَهُوَ الْآخِرُ - خَمْسَةٌ.
صَحَّ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَطْلُبُ السَّبْقَ، فَإِذَا فَاتَهُ طَلَبَ مَا يَلِي السَّابِقَ، وَالْفِسْكِلُ اسْمٌ لِلْآخِرِ، ثُمَّ يُسْتَعْمَلُ هَذَا فِي غَيْرِ الْمُسَابَقَةِ بِالْخَيْلِ تَجَوُّزًا، كَمَا رُوِيَ أَنَّ أَسْمَاءَ ابْنَةَ عُمَيْسٍ، كَانَتْ تَزَوَّجَتْ جَعْفَرَ بْنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute