للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَسْلَافُكُمْ» رَوَاهُ ابْنُ السَّمَّاكِ بِإِسْنَادِهِ قِيلَ: إنَّهُمْ إنَّمَا يُسَمَّوْنَ لِيُدْعَوْا يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَسْمَائِهِمْ. فَإِذَا لَمْ يُعْلَمْ هَلْ السِّقْطُ ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى، سُمِّيَ اسْمًا يَصْلُحُ لَهُمَا جَمِيعًا؛ كَسَلَمَةَ، وَقَتَادَةَ، وَسَعَادَةَ، وَهِنْدٍ، وَعُتْبَةَ، وَهِبَةِ اللَّهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.

[مَسْأَلَةٌ الْمَرْأَةُ تُغَسِّلُ زَوْجَهَا]

(١٦١٩) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: وَتُغَسِّلُ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ تُغَسِّلُ زَوْجَهَا إذَا مَاتَ. قَالَتْ عَائِشَةُ: لَوْ اسْتَقْبَلْنَا مِنْ أَمْرِنَا مَا اسْتَدْبَرْنَا مَا غَسَّلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا نِسَاؤُهُ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.

وَأَوْصَى أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنْ تُغَسِّلَهُ امْرَأَتُهُ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ، وَكَانَتْ صَائِمَةً، فَعُزِمَ عَلَيْهَا أَنْ تُفْطِرَ، فَلَمَّا فَرَغَتْ مِنْ غُسْلِهِ ذَكَرَتْ يَمِينَهُ، فَقَالَتْ: لَا أُتْبِعُهُ الْيَوْمَ حِنْثًا. فَدَعَتْ بِمَاءٍ فَشَرِبَتْ. وَغَسَّلَ أَبَا مُوسَى امْرَأَتُهُ أُمُّ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَوْصَى جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ أَنْ تُغَسِّلَهُ امْرَأَتُهُ. قَالَ أَحْمَدُ لَيْسَ فِيهِ اخْتِلَافٌ بَيْنَ النَّاسِ.

[مَسْأَلَةٌ دَعَتْ الضَّرُورَةُ إلَى أَنْ يُغَسِّلَ الرَّجُلُ زَوْجَتَهُ]

(١٦٢٠) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: وَإِنْ دَعَتْ

الضَّرُورَةُ

إلَى أَنْ يُغَسِّلَ الرَّجُلُ زَوْجَتَهُ، فَلَا بَأْسَ. الْمَشْهُورُ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ لِلزَّوْجِ غُسْلَ امْرَأَتِهِ. وَهُوَ قَوْلُ عَلْقَمَةَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ الْأَسْوَدِ، وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَقَتَادَةَ، وَحَمَّادٍ، وَمَالِكٍ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَإِسْحَاقَ. وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ ثَانِيَةٌ، لَيْسَ لِلزَّوْجِ غَسْلُهَا. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالثَّوْرِيِّ؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ فُرْقَةٌ تُبِيحُ أُخْتَهَا، وَأَرْبَعًا سِوَاهَا، فَحَرَّمَتْ النَّظَرَ وَاللَّمْسَ، كَالطَّلَاقِ.

وَلَنَا، مَا رَوَى ابْنُ الْمُنْذِرِ أَنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - غَسَّلَ فَاطِمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - وَاشْتُهِرَ ذَلِكَ فِي الصَّحَابَةِ فَلَمْ يُنْكِرُوهُ، فَكَانَ إجْمَاعًا وَلِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِعَائِشَةَ: - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «لَوْ مِتَّ قَبْلِي لَغَسَّلْتُكِ وَكَفَّنْتُكِ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ. وَالْأَصْلُ فِي إضَافَةِ الْفِعْلِ إلَى الشَّخْصِ أَنْ يَكُونَ لِلْمُبَاشَرَةِ، وَحَمْلُهُ عَلَى الْأَمْرِ يُبْطِلُ فَائِدَةَ التَّخْصِيصِ. وَلِأَنَّهُ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ، فَأُبِيحَ لَهُ غَسْلُ صَاحِبِهِ كَالْآخَرِ، وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ يَسْهُلُ عَلَيْهِ إطْلَاعُ الْآخَرِ عَلَى عَوْرَتِهِ دُونَ غَيْرِهِ، لِمَا كَانَ بَيْنَهُمَا فِي الْحَيَاةِ، وَيَأْتِي بِالْغُسْلِ عَلَى أَكْمَلِ مَا يُمْكِنُهُ، لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْمَوَدَّةِ وَالرَّحْمَةِ.

وَمَا قَاسُوا عَلَيْهِ لَا يَصِحُّ، لِأَنَّهُ يَمْنَعُ الزَّوْجَةَ مِنْ النَّظَرِ، وَهَذَا بِخِلَافِهِ، وَلِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ إلَّا بَقَاءُ الْعِدَّةِ، وَلَا أَثَرَ لَهَا، بِدَلِيلِ، مَا لَوْ مَاتَ الْمُطَلِّقُ ثَلَاثًا، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهَا غَسْلُهُ مَعَ الْعِدَّةِ وَلِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَوْ وَضَعَتْ حَمْلَهَا عَقِبَ مَوْتِهِ كَانَ لَهَا غَسْلُهُ، وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا. وَقَوْلُ الْخِرَقِيِّ وَإِنْ دَعَتْ

الضَّرُورَةُ

إلَى أَنْ يُغَسِّلَ الرَّجُلُ زَوْجَتَهُ فَلَا بَأْسَ " يَعْنِي بِهِ، أَنَّهُ يُكْرَهُ لَهُ غَسْلُهَا مَعَ وُجُودِ مَنْ يُغَسِّلُهَا سِوَاهُ، لِمَا فِيهِ مِنْ الْخِلَافِ وَالشُّبْهَةِ، وَلَمْ يَرِدْ أَنَّهُ مُحَرَّمٌ؛ فَإِنَّ غَسْلَهَا لَوْ كَانَ مُحَرَّمًا لَمْ تُبِحْهُ الضَّرُورَةُ، كَغَسْلِ ذَوَاتِ مَحَارِمِهِ وَالْأَجْنَبِيَّاتِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>