[مَسْأَلَةٌ الْأَخُ لِأَبِ مِثْل الْأَخ الشَّقِيق فِي وِلَايَة النِّكَاح]
(٥١٥٥) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: وَالْأَخُ لِلْأَبِ مِثْلُهُ. اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ عَنْ أَحْمَدَ فِي الْأَخِ لِلْأَبَوَيْنِ وَالْأَخِ لِلْأَبِ إذَا اجْتَمَعَا فَالْمَشْهُورُ عَنْهُ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ فِي الْوِلَايَةِ. وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ، وَالشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ؛ لِأَنَّهُمَا اسْتَوَيَا فِي الْإِدْلَاءِ بِالْجِهَةِ الَّتِي تُسْتَفَادُ مِنْهَا الْعُصُوبَةُ، وَهِيَ جِهَةُ الْأَبِ، فَاسْتَوَيَا فِي الْوِلَايَةِ، كَمَا لَوْ كَانَا مِنْ أَبٍ، وَإِنَّمَا يُرَجَّحُ الْآخَرُ فِي الْمِيرَاثِ بِجِهَةِ الْأُمِّ، وَلَا مَدْخَلَ لَهَا فِي الْوِلَايَةِ، فَلَمْ يُرَجَّحْ بِهَا، كَالْعَمَّيْنِ أَحَدُهُمَا خَالٌ، وَابْنَيْ عَمٍّ أَحَدُهُمَا أَخٌ مِنْ أُمٍّ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ، الْأَخُ مِنْ الْأَبَوَيْنِ أَوْلَى. وَاخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ
وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ فِي الْجَدِيدِ. وَهُوَ الصَّحِيحُ، إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى لِأَنَّهُ حَقٌّ يُسْتَفَادُ بِالتَّعْصِيبِ، فَقُدِّمَ فِيهِ الْأَخُ مِنْ الْأَبَوَيْنِ، كَالْمِيرَاثِ وَكَاسْتِحْقَاقِ الْمِيرَاثِ بِالْوَلَاءِ، فَإِنَّهُ لَا مَدْخَلَ لِلنِّسَاءِ فِيهِ، وَقَدْ قُدِّمَ الْأَخُ لِلْأَبَوَيْنِ فِيهِ. وَبِهَذَا يَبْطُلُ مَا ذَكَرْنَاهُ لِلرِّوَايَةِ الْأُولَى. وَهَكَذَا الْخِلَافُ فِي بَنِي الْإِخْوَةِ وَالْأَعْمَامِ وَبَنِيهِمْ. فَأَمَّا إذَا كَانَ ابْنَا عَمٍّ لِأَبٍ، أَحَدُهُمَا أَخٌ لِأُمٍّ، فَهُمَا سَوَاءٌ؛ لِأَنَّهُمَا اسْتَوَيَا فِي التَّعْصِيبِ وَالْإِرْثِ بِهِ. وَقَالَ الْقَاضِي: فِيهِمَا مِنْ الْخِلَافِ مِثْلُ مَا فِي ابْنِ عَمٍّ مِنْ أَبَوَيْنِ وَابْنِ عَمٍّ مِنْ أَبٍ؛ لِأَنَّهُ يُرَجَّحُ بِجِهَةِ أُمِّهِ. وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ جِهَةَ أُمِّهِ يَرِثُ بِهَا مُنْفَرِدَةً، وَمَا وَرِثَ بِهِ مُنْفَرِدًا لَمْ يُرَجَّحْ بِهِ، وَلِذَلِكَ لَمْ يُرَجَّحْ بِهِ فِي الْمِيرَاثِ بِالْوَلَاءِ وَلَا فِي غَيْرِهِ
فَعَلَى هَذَا، إذَا اجْتَمَعَ ابْنُ عَمٍّ لِأَبَوَيْنِ وَابْنُ عَمٍّ لِأَبٍ هُوَ أَخٌ مِنْ أُمٍّ، فَالْوِلَايَةُ لِابْنِ الْعَمِّ مِنْ الْأَبَوَيْنِ عِنْدَ مَنْ يَرَى تَقْدِيمَ وَلَدِ الْأَبَوَيْنِ.
[مَسْأَلَةٌ الْوِلَايَة فِي النِّكَاح تَتَرَتَّبُ عَلَى تَرْتِيبِ الْإِرْثِ بِالتَّعْصِيبِ]
(٥١٥٦) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: ثُمَّ أَوْلَادُهُمْ وَإِنْ سَفَلُوا، ثُمَّ الْعُمُومَةُ، ثُمَّ أَوْلَادُهُمْ وَإِنْ سَفَلُوا، ثُمَّ عُمُومَةُ الْأَبِ. وَجُمْلَتُهُ أَنَّ الْوِلَايَةَ بَعْدَ مَنْ ذَكَرْنَا تَتَرَتَّبُ عَلَى تَرْتِيبِ الْإِرْثِ بِالتَّعْصِيبِ، فَأَحَقُّهُمْ بِالْمِيرَاثِ أَحَقُّهُمْ بِالْوِلَايَةِ، فَأَوْلَاهُمْ بَعْدَ الْآبَاءِ بَنُو الْمَرْأَةِ، ثُمَّ بَنُوهُمْ وَإِنْ سَفَلُوا، ثُمَّ بَنَوْا أَبِيهَا وَهُمْ الْإِخْوَةُ، ثُمَّ بَنُوهُمْ وَإِنْ سَفَلُوا، ثُمَّ بَنُو جَدِّهَا وَهُمْ الْأَعْمَامُ، ثُمَّ بَنُوهُمْ وَإِنْ سَفَلُوا، ثُمَّ بَنُو جَدِّ الْأَبِ وَهُمْ أَعْمَامُ الْأَبِ، ثُمَّ بَنُوهُمْ وَإِنْ سَفَلُوا، ثُمَّ بَنُو جَدِّ الْجَدِّ، ثُمَّ بَنُوهُمْ، وَعَلَى هَذَا لَا يَلِي بَنُو أَبٍ أَعْلَى مَعَ بَنِي أَبٍ أَقْرَبَ مِنْهُ وَإِنْ نَزَلَتْ دَرَجَتُهُمْ، وَأَوْلَى وَلَدِ كُلِّ أَبٍ أَقْرَبُهُمْ إلَيْهِ
لِأَنَّ مَبْنَى الْوِلَايَةِ عَلَى النَّظَرِ وَالشَّفَقَةِ، وَذَلِكَ مُعْتَبَرٌ بِمَظِنَّتِهِ، وَهِيَ الْقَرَابَةُ، فَأَقْرَبُهُمْ أَشْفَقُهُمْ. وَلَا نَعْلَمُ فِي هَذَا خِلَافًا بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ.
[فَصْلٌ لَا وِلَايَةَ فِي النِّكَاح لِغَيْرِ الْعُصُبَات مِنْ الْأَقَارِبِ]
(٥١٥٧) فَصْلٌ: وَلَا وِلَايَةَ لِغَيْرِ الْعَصَبَاتِ مِنْ الْأَقَارِبِ، كَالْأَخِ مِنْ الْأُمِّ، وَالْخَالِ، وَعَمِّ الْأُمِّ، وَالْجَدِّ أَبِي الْأُمِّ وَنَحْوِهِمْ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي مَوَاضِعَ. وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ. وَالثَّانِيَةُ، أَنَّ كُلَّ مَنْ يَرِثُ بِفَرْضٍ أَوْ تَعْصِيبٍ يَلِي؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ مِيرَاثِهَا، فَوَلِيَهَا كَعَصَبَاتِهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute