فَصَدَّقَهُ، بَطَلَ إقْرَارُهُ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ بَعْدَ التَّفَرُّقِ، بَطَلَ السَّلْمُ وَسَقَطَ الثَّمَنُ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ التَّفَرُّقِ فَالْمُقِرُّ بِالْخِيَارِ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِمْضَاءِ. وَإِنْ كَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ، وَلَهُ الدِّرْهَمَانِ.
[فَصْلٌ قَالَ لَهُ عِنْدِي دِرْهَمٌ فِي ثَوْبٍ أَوْ فِي كِيسٍ]
(٣٨٤٨) فَصْلٌ: وَإِنْ قَالَ: لَهُ عِنْدِي دِرْهَمٌ فِي ثَوْبٍ، أَوْ فِي كِيسٍ، أَوْ زَيْتٌ فِي جَرَّةٍ، أَوْ تِبْنٌ فِي غِرَارَةٍ، أَوْ تَمْرٌ فِي جِرَابٍ، أَوْ سِكِّينٌ فِي قِرَابٍ، أَوْ فَصٌّ فِي خَاتَمٍ، أَوْ كِيسٌ فِي صُنْدُوقٍ. أَوْ قَالَ: غَصَبْت مِنْهُ ثَوْبًا فِي مِنْدِيلٍ، أَوْ زَيْتًا فِي زِقٍّ. فَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا، يَكُونُ مُقِرًّا بِالْمَظْرُوفِ دُون الظَّرْفِ. هَذَا اخْتِيَارُ ابْنِ حَامِدٍ وَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ لِأَنَّ إقْرَارَهُ لَمْ يَتَنَاوَلْ الظَّرْفَ، فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فِي ظَرْفٍ لِلْمُقِرِّ، فَلَمْ يَلْزَمْهُ.
وَالثَّانِي، يَلْزَمُهُ الْجَمِيعُ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي سِيَاقِ الْإِقْرَارِ، وَيَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مُقِرًّا بِهِ، فَلَزِمَهُ، كَمَا لَوْ قَالَ لَهُ: عِنْدِي عَبْدٌ عَلَيْهِ عِمَامَةٌ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي الْغَصْبِ: يَلْزَمُهُ، وَلَا يَلْزَمُهُ فِي بَقِيَّةِ الصُّوَرِ؛ لِأَنَّ الْمِنْدِيلَ يَكُونُ ظَرْفًا لِلثَّوْبِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ ظَرْفٌ لَهُ فِي حَالِ الْغَصْبِ، وَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ: غَصَبْت ثَوْبًا وَمِنْدِيلًا.
وَلَنَا، أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمِنْدِيلُ لِلْغَاصِبِ، وَهُوَ ظَرْفٌ لِلثَّوْبِ، فَيَقُولُ: غَصَبْت ثَوْبًا فِي مِنْدِيلٍ لِي. وَلَوْ قَالَ هَذَا لَمْ يَكُنْ مُقِرًّا بِغَصْبِهِ، فَإِذَا أَطْلَقَ، كَانَ مُحْتَمِلًا لَهُ، فَلَمْ يَكُنْ مُقِرًّا بِغَصْبِهِ، كَمَا لَوْ قَالَ: غَصَبْت دَابَّةً فِي إصْطَبْلِهَا. أَوْ: لَهُ عَلَيَّ ثَوْبٌ فِي مِنْدِيلٍ. وَإِنْ قَالَ: لَهُ عِنْدِي جَرَّةٌ فِيهَا زَيْتٌ، أَوْ جِرَابٌ فِيهِ تَمْرٌ، أَوْ قِرَابٌ فِيهِ سِكِّينٌ. فَعَلَى وَجْهَيْنِ. وَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ خَاتَمٌ فِيهِ فَصُّ. فَكَذَلِكَ.
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُقِرًّا بِهِ بِفَصِّهِ، وَجْهًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّ الْفَصَّ جُزْءٌ مِنْ أَجْزَاءِ الْخَاتَمِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ ثَوْبٌ فِيهِ عَلَمٌ. وَلَوْ قَالَ: لَهُ عِنْدِي خَاتَمٌ. وَأَطْلَقَ، لَزِمَهُ الْخَاتَمُ بِفَصِّهِ؛ لِأَنَّ اسْمَ الْخَاتَمِ يَجْمَعُهُمَا.
وَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ ثَوْبٌ مُطَرَّزٌ. لَزِمَهُ الثَّوْبُ بِطِرَازِهِ.
[فَصْل قَالَ لَهُ عِنْدِي دَارٌ مَفْرُوشَةٌ أَوْ دَابَّةٌ مُسْرِجَة أَوْ عَبْدٌ عَلَيْهِ عِمَامَةٌ]
(٣٨٤٩) فَصْلٌ: وَإِنْ قَالَ: لَهُ عِنْدِي دَارٌ مَفْرُوشَةٌ، أَوْ دَابَّةٌ مُسْرَجَةٌ، أَوْ عَبْدٌ عَلَيْهِ عِمَامَةٌ. فَفِيهِ أَيْضًا وَجْهَانِ. وَقَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ: تَلْزَمُهُ عِمَامَةُ الْعَبْدِ دُونَ الْفَرْشِ أَوْ السَّرْجِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ يَدُهُ عَلَى عِمَامَتِهِ، وَيَدُهُ كَيَدِ سَيِّدِهِ، وَلَا يَدَ لِلدَّابَّةِ وَالدَّارِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute