للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ دَارٌ بَيْن ثَلَاثَةٍ فَوَكَّلَ أَحَدُهُمْ شَرِيكَهُ فِي بَيْعِ نَصِيبِهِ مَعَ نَصِيبِهِ فَبَاعِهِمَا لِرَجُلِ وَاحِدٍ]

(٤٠٨٢) فَصْلٌ: وَإِذَا كَانَتْ دَارٌ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ، فَوَكَّلَ أَحَدُهُمْ شَرِيكَهُ فِي بَيْعِ نَصِيبِهِ مَعَ نَصِيبِهِ، فَبَاعِهِمَا لِرَجُلٍ وَاحِدٍ، فَلِشَرِيكِهِمَا الشُّفْعَةُ فِيهِمَا. وَهَلْ لَهُ أَخْذُ أَحَدِ النَّصِيبَيْنِ دُونَ الْآخَرِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا، لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ اثْنَانِ، فَهُمَا بَيْعَانِ، فَكَانَ لَهُ أَخْذُ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا، كَمَا لَوْ تَوَلَّيَا الْعَقْدَ. وَالثَّانِي، لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الصَّفْقَةَ وَاحِدَةٌ، وَفِي أَخْذِ أَحَدِهِمَا تَبْعِيضُ الصَّفْقَةِ عَلَى الْمُشْتَرِي، فَلَمْ يَجُزْ، كَمَا لَوْ كَانَا لِرَجُلِ وَاحِدٍ.

وَإِنْ وَكَّلَ رَجُلٌ رَجُلًا فِي شِرَاءِ نِصْفِ نَصِيبِ أَحَدِ الشُّرَكَاءِ، فَاشْتَرَى الشِّقْصَ كُلَّهُ لِنَفْسِهِ وَلِمُوَكِّلِهِ، فَلِشَرِيكِهِ أَخْذُ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا مُشْتَرِيَانِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ وَلِيَا الْعَقْدَ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الصُّورَةِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا، أَنَّ أَخْذَ أَحَدِ النَّصِيبَيْنِ لَا يُفْضِي إلَى تَبْعِيضِ صَفْقَةِ الْمُشْتَرِي، وَلِأَنَّهُ قَدْ يَرْضَى شَرِكَةَ أَحَدِ الْمُشْتَرِيَيْنِ دُونَ الْآخَرِ، بِخِلَافِ الَّتِي قَبْلَهَا؛ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ وَاحِدٌ.

[مَسْأَلَة عُهْدَةُ الشَّفِيعِ عَلَى الْمُشْتَرِي وَعُهْدَةُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ]

(٤٠٨٣) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَعُهْدَةُ الشَّفِيعِ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَعُهْدَةُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ) يَعْنِي أَنَّ الشَّفِيعَ إذَا أَخَذَ الشِّقْصَ، فَظَهَرَ مُسْتَحَقًّا، فَرُجُوعُهُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ.

وَإِنْ وَجَدَهُ مَعِيبًا فَلَهُ رَدُّهُ عَلَى الْمُشْتَرِي، أَوْ أَخْذُ أَرْشِهِ مِنْهُ، وَالْمُشْتَرِي يَرُدُّ عَلَى الْبَائِعِ، أَوْ يَأْخُذُ الْأَرْشَ مِنْهُ، سَوَاءٌ قَبَضَ الشِّقْصَ مِنْ الْمُشْتَرِي أَوْ مِنْ الْبَائِعِ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَعُثْمَانُ الْبَتِّيُّ: عُهْدَةُ الشَّفِيعِ عَلَى الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ ثَبَتَ لَهُ بِإِيجَابِ الْبَائِعِ، فَكَانَ رُجُوعُهُ عَلَيْهِ، كَالْمُشْتَرِي. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إنْ أَخَذَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي، فَالْعُهْدَةُ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَخَذَهُ مِنْ الْبَائِعِ فَالْعُهْدَةُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الشَّفِيعَ إذَا أَخَذَهُ مِنْ الْبَائِعِ تَعَذَّرَ قَبْضُ الْمُشْتَرِي، فَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي، فَكَانَ الشَّفِيعُ آخِذًا مِنْ الْبَائِعِ مَالِكًا مِنْ جِهَتِهِ، فَكَانَتْ عُهْدَتُهُ عَلَيْهِ.

وَلَنَا، أَنَّ الشُّفْعَةَ مُسْتَحَقَّةٌ بَعْدَ الشِّرَاءِ وَحُصُولِ الْمِلْكِ لِلْمُشْتَرِي، ثُمَّ يَزُولُ الْمِلْكُ مِنْ الْمُشْتَرِي إلَى الشَّفِيعِ بِالثَّمَنِ. فَكَانَتْ الْعُهْدَةُ عَلَيْهِ، كَمَا لَوْ أَخَذَهُ مِنْهُ بِبَيْعٍ، وَلِأَنَّهُ مَلَكَهُ مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ، فَمَلَكَ رَدَّهُ عَلَيْهِ بِالْعَيْبِ، كَالْمُشْتَرِي فِي الْبَيْعِ الْأَوَّلِ. وَقِيَاسُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي، فِي جَعْلِ عُهْدَتِهِ عَلَى الْبَائِعِ، لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ مَلَكَهُ مِنْ الْبَائِعِ، بِخِلَافِ الشَّفِيعِ.

وَأَمَّا إذَا أَخَذَهُ مِنْ الْبَائِعِ، فَالْبَائِعُ نَائِبٌ عَنْ الْمُشْتَرِي فِي التَّسْلِيمِ الْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ. وَلَوْ انْفَسَخَ الْعَقْدُ بَيْنَ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعِ، بَطَلَتْ الشُّفْعَةُ؛ لِأَنَّهَا اُسْتُحِقَّتْ بِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>