للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَلِي عَوْرَتَهُ، إلَّا مَنْ يَحِلُّ لَهُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهَا؛ مِنْ زَوْجَةٍ، أَوْ أَمَةٍ. قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ النَّسَائِيّ: ضَرَبْت لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ نُورَةً، وَنَوَّرْته بِهَا، فَلَمَّا بَلَغَ إلَى عَانَتِهِ نَوَّرَهَا هُوَ.

وَرَوَى الْخَلَّالُ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: كُنْت أَطْلِي ابْنَ عُمَرَ، فَإِذَا بَلَغَ عَانَتَهُ نَوَّرَهَا هُوَ بِيَدِهِ. وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ الْمَرُّوذِيُّ: كَانَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ لَا يَدْخُلُ الْحَمَّامَ، وَإِذَا احْتَاجَ إلَى النُّورَةِ تَنَوَّرَ فِي الْبَيْتِ، وَأَصْلَحْت لَهُ غَيْرَ مَرَّةٍ نُورَةً تَنَوَّرَ بِهَا، وَاشْتَرَيْت لَهُ جِلْدًا لِيَدَيْهِ، فَكَانَ يُدْخِلُ يَدَيْهِ فِيهِ، وَيُنَوِّرُ نَفْسَهُ. وَالْحَلْقُ أَفْضَلُ لِمُوَافَقَتِهِ الْخَبَرَ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ عُمَرَ هُوَ مِمَّا أَحْدَثُوا مِنْ النَّعِيمِ، يَعْنِي: النُّورَةَ.

[فَصْل نَتْفُ الْإِبْطِ سُنَّةٌ]

(١٠٣) فَصْلٌ: وَنَتْفُ الْإِبْطِ سُنَّةٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْفِطْرَةِ، وَيَفْحُشُ بِتَرْكِهِ. وَإِنْ أَزَالَ الشَّعْرَ بِالْحَلْقِ أَوْ النُّورَةِ جَازَ، وَنَتْفُهُ أَفْضَلُ لِمُوَافَقَتِهِ الْخَبَرَ، قَالَ حَرْبٌ: قُلْت لِإِسْحَاقَ: نَتْفُ الْإِبْطِ أَحَبُّ إلَيْك أَوْ بِنُورَةٍ؟ قَالَ: نَتْفُهُ إنْ قَدَرَ.

[فَصْل تَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ]

(١٠٤) فَصْلٌ: وَيُسْتَحَبُّ تَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْفِطْرَةِ، وَيَتَفَاحَشُ إذَا تَرَكَهَا، وَرُبَّمَا حَكَّ بِهِ الْوَسَخَ، فَيَجْتَمِعُ تَحْتَهَا مِنْ الْمَوَاضِعِ الْمُنْتِنَةِ، فَتَصِيرُ رَائِحَةُ ذَلِكَ فِي رُءُوسِ الْأَصَابِعِ. وَرُبَّمَا مَنَعَ وُصُولَ الطَّهَارَةِ إلَى مَا تَحْتَهُ، وَقَدْ رُوِّينَا فِي خَبَرٍ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَالِي لَا أَسْهُو وَأَنْتُمْ تَدْخُلُونَ عَلَيَّ قُلْحًا وَرُفْغُ أَحَدِكُمْ بَيْنَ ظُفْرِهِ وَأُنْمُلَتِهِ» . وَمَعْنَاهُ: أَنَّ أَحَدَكُمْ يُطِيلُ أَظْفَارَهُ ثُمَّ يَحُكُّ بِهَا رُفْغَهُ وَمَوَاضِعَ النَّتْنِ، فَتَصِيرُ رَائِحَةُ ذَلِكَ تَحْتَ أَظْفَارِهِ. وَرُوِيَ فِي حَدِيثٍ مُسَلْسَلٍ قَدْ سَمِعْنَاهُ أَنَّ عَلِيًّا، قَالَ: «رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُقَلِّمُ أَظْفَارَهُ يَوْمَ الْخَمِيسِ، ثُمَّ قَالَ: يَا عَلِيٌّ، قَصُّ الظُّفْرِ وَنَتْفُ الْإِبْطِ وَحَلْقُ الْعَانَةِ يَوْمَ الْخَمِيسِ، وَالْغُسْلُ وَالطِّيبُ وَاللِّبَاسُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ» .

وَرُوِيَ فِي حَدِيثٍ «مَنْ قَصَّ أَظْفَارَهُ مُخَالِفًا لَمْ يَرَ فِي عَيْنَيْهِ رَمَدًا» ، وَفَسَّرَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَطَّةَ بِأَنْ يَبْدَأَ بِخِنْصَرِ الْيُمْنَى ثُمَّ الْوُسْطَى ثُمَّ الْإِبْهَامِ ثُمَّ الْبِنْصِرِ ثُمَّ السَّبَّابَةِ ثُمَّ بِإِبْهَامِ الْيُسْرَى ثُمَّ الْوُسْطَى ثُمَّ الْخِنْصَرِ ثُمَّ السَّبَّابَةِ ثُمَّ الْبِنْصِرِ.

[فَصْل غَسْلُ رُءُوسِ الْأَصَابِعِ بَعْد قَصِّ الْأَظْفَارِ]

(١٠٥) فَصْلٌ: وَيُسْتَحَبُّ غَسْلُ رُءُوسِ الْأَصَابِعِ بَعْدَ قَصِّ الْأَظْفَارِ، وَقَدْ قِيلَ: إنَّ الْحَكَّ بِالْأَظْفَارِ قَبْلَ غَسْلِهَا يَضُرُّ بِالْجَسَدِ.

وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ " غَسْلُ الْبَرَاجِمِ " فِي تَفْسِيرِ الْفِطْرَةِ، فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ ذَلِكَ، وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ:

<<  <  ج: ص:  >  >>