يَسْقُطُ عَنْهُ؟ قُلْنَا: بَلْ النَّفَقَةُ لِلْحَامِلِ مِنْ أَجْلِ الْحَمْلِ، فَلَا تَسْقُطُ، كَنَفَقَتِهَا فِي الْحَيَاةِ، وَإِنْ سَلَّمْنَا أَنَّهَا لِلْحَمْلِ، إلَّا أَنَّهَا مَصْرُوفَةٌ إلَيْهَا، وَيَتَعَلَّقُ بِهَا حَقُّهَا، فَلَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ، كَنَفَقَتِهَا.
[فَصْلٌ الْمُعْتَدَّةُ مِنْ الْوَفَاةِ إنْ كَانَتْ حَائِلًا]
فَصْلٌ: فَأَمَّا الْمُعْتَدَّةُ مِنْ الْوَفَاةِ، فَإِنْ كَانَتْ حَائِلًا، فَلَا سُكْنَى لَهَا وَلَا نَفَقَةَ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ قَدْ زَالَ بِالْمَوْتِ، وَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا، فَفِيهَا رِوَايَتَانِ؛ إحْدَاهُمَا، لَهَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ؛ لِأَنَّهَا حَامِلٌ مِنْ زَوْجِهَا، فَكَانَتْ لَهَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ، كَالْمُفَارِقَةِ فِي الْحَيَاةِ وَالثَّانِيَةُ، لَا سُكْنَى لَهَا وَلَا نَفَقَةَ؛ لِأَنَّ الْمَالَ قَدْ صَارَ لِلْوَرَثَةِ، وَنَفَقَةُ الْحَامِلِ وَسُكْنَاهَا إنَّمَا هُوَ لِلْحَمْلِ أَوْ مِنْ أَجْلِهِ، وَلَا يَلْزَمُ ذَلِكَ الْوَرَثَةَ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ لِلْمَيِّتِ مِيرَاثٌ، فَنَفَقَةُ الْحَمْلِ مِنْ نَصِيبِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِيرَاثٌ، لَمْ يَلْزَمْ وَارِثَ الْمَيِّتِ الْإِنْفَاقُ عَلَى حَمْلِ امْرَأَتِهِ، كَمَا بَعْدَ الْوِلَادَةِ قَالَ الْقَاضِي: وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ أَصَحُّ.
[فَصْلٌ نَفَقَةُ الْحَامِلِ]
(٦٥٢٩) فَصْلٌ: وَهَلْ تَجِبُ نَفَقَةُ الْحَمْلِ لِلْحَامِلِ مِنْ أَجْلِ الْحَمْلِ أَوْ لِلْحَمْلِ، فِيهِ رِوَايَتَانِ؛ إحْدَاهُمَا: تَجِبُ لِلْحَمْلِ اخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ؛ لِأَنَّهَا تَجِبُ بِوُجُودِهِ، وَتَسْقُطُ عِنْدَ انْفِصَاله، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا لَهُ وَالثَّانِيَةُ، تَجِبُ لَهَا مِنْ أَجْلِهِ؛ لِأَنَّهَا تَجِبُ مَعَ الْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ، فَكَانَتْ لَهُ كَنَفَقَةِ الزَّوْجَاتِ، وَلِأَنَّهَا لَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ، فَأَشْبَهَتْ نَفَقَتَهَا فِي حَيَاتِهِ وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ، كَالرِّوَايَتَيْنِ وَيَنْبَنِي عَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ فُرُوعٌ؛ مِنْهَا، أَنَّهَا إذَا كَانَتْ الْمُطَلَّقَةُ الْحَامِلُ أَمَةً، وَقُلْنَا: النَّفَقَةُ لِلْحَمْلِ فَنَفَقَتُهَا عَلَى سَيِّدِهَا؛ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ وَإِنْ قُلْنَا: لَهَا فَعَلَى الزَّوْجِ؛ لِأَنَّ نَفَقَتَهَا عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ عَبْدًا، وَقُلْنَا: هِيَ لِلْحَمْلِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ نَفَقَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَةُ وَلَدِهِ وَإِنْ قُلْنَا: لَهَا فَالنَّفَقَةُ عَلَيْهِ؛ لِمَا ذَكَرْنَاهُ
وَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا مِنْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ، أَوْ وَطْءِ شُبْهَةٍ، وَقُلْنَا: النَّفَقَةُ لِلْحَمْلِ فَعَلَى الزَّوْجِ وَالْوَاطِئِ؛ لِأَنَّهُ وَلَدُهُ، فَلَزِمَتْهُ نَفَقَتُهُ كَمَا بَعْدَ الْوَضْعِ وَإِنْ قُلْنَا: لِلْحَامِلِ فَلَا نَفَقَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ زَوْجَةً يَجِبُ الْإِنْفَاقُ عَلَيْهَا وَإِنْ نَشَزَتْ امْرَأَةُ إنْسَانٍ، وَهِيَ حَامِلٌ، وَقُلْنَا: النَّفَقَةُ لِلْحَمْلِ لَمْ تَسْقُطْ نَفَقَتُهَا؛ لِأَنَّ نَفَقَةَ وَلَدِهِ لَا تَسْقُطُ بِنُشُوزِ أُمِّهِ وَإِنْ قُلْنَا: لَهَا فَلَا نَفَقَةَ لَهَا؛ لِأَنَّهَا نَاشِزٌ.
[فَصْلٌ وَقْتُ دَفْعِ نَفَقَةِ الْحَامِلِ الْمُطَلَّقَةِ إلَيْهَا]
(٦٥٣٠) فَصْلٌ: وَيَلْزَمُ الزَّوْجَ دَفْعُ نَفَقَةِ الْحَامِلِ الْمُطَلَّقَةِ إلَيْهَا يَوْمًا فَيَوْمًا، كَمَا يَلْزَمُهُ دَفْعُ نَفَقَةِ الرَّجْعِيَّةِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ، فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ: لَا يَلْزَمُهُ دَفْعُهَا إلَيْهَا حَتَّى تَضَعَ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ غَيْرُ مُتَحَقِّقِ؛ وَلِهَذَا: وَقَفْنَا الْمِيرَاثَ وَهَذَا خِلَافُ قَوْلِ اللَّهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute