للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَدًّا أَوْ مِيرَاثًا، وَرِثَ بِحِسَابِ مَا عَتَقَ مِنْهُ، وَأُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ بِحِسَابِ مَا عَتَقَ مِنْهُ» .

وَفِي رِوَايَةٍ «يُؤَدِّي الْمُكَاتَبُ بِقَدْرِ مَا عَتَقَ مِنْهُ دِيَةَ الْحُرِّ، وَقَدْرِ مَا رَقَّ مِنْهُ دِيَةَ الْعَبْدِ.» قَالَ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ: وَكَانَ عَلِيٌّ وَمَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ يَقُولَانِ ذَلِكَ. وَقَدْ رُوِيَ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُرْسَلًا، وَالْحَدِيثُ الَّذِي رَوَيْنَاهُ لِقَوْلِنَا أَصَحُّ مِنْهُ، وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ الْفُقَهَاءِ قَالَ بِهَذَا، وَمَا ذَكَرْنَاهُ أَوَّلًا أَوْلَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[مَسْأَلَةٌ مَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ يَرِثُ وَيُورَثُ وَيَحْجُبُ عَلَى مِقْدَارِ مَا فِيهِ مِنْ الْحُرِّيَّةِ]

(٤٩٢٧) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ يَرِثُ، وَيُورَثُ، وَيَحْجُبُ عَلَى مِقْدَارِ مَا فِيهِ مِنْ الْحُرِّيَّةِ) وَجُمْلَتُهُ أَنَّ الْمُعْتَقَ بَعْضُهُ إذَا كَسَبَ مَالًا، ثُمَّ مَاتَ وَخَلَّفَهُ، نُظِرَ فِيهِ؛ فَإِنْ كَانَ كَسَبَهُ بِجُزْئِهِ الْحُرِّ، مِثْلُ أَنْ كَانَ قَدْ هَيَّأَ سَيِّدَهُ عَلَى مَنْفَعَتِهِ، فَاكْتَسَبَ فِي أَيَّامِهِ، أَوْ وَرِثَ شَيْئًا، فَإِنَّ الْمِيرَاثَ إنَّمَا يَسْتَحِقُّهُ بِجُزْئِهِ الْحُرِّ، أَوْ كَانَ قَدْ قَاسَمَ سَيِّدَهُ فِي حَيَاتِهِ، فَتَرِكَتُهُ كُلُّهَا لِوَرَثَتِهِ، لَا حَقَّ لِمَالِكِ بَاقِيهِ فِيهَا. وَقَالَ قَوْمٌ: جَمِيعُ مَا خَلَّفَهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ

قَالَ ابْنُ اللَّبَّانِ: هَذَا غَلَطٌ؛ لِأَنَّ الشَّرِيكَ إذَا اسْتَوْفَى حَقَّهُ مِنْ كَسْبِهِ مَرَّةً، لَمْ يَبْقَ لَهُ حَقٌّ فِي الْبَاقِي، وَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَى مَا كَسَبَهُ بِنِصْفِهِ الْحُرِّ، كَمَا لَوْ كَانَ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ فَاقْتَسَمَا كَسْبَهُ، لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا حَقٌّ فِي حِصَّةِ، الْآخَرِ، وَالْعَبْدُ يَخْلُفُ أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ فِيمَا عَتَقَ مِنْهُ. فَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ كَسَبَهُ بِجُزْئِهِ الْحُرِّ خَاصَّةً، وَلَا اقْتَسَمَا كَسْبَهُ، فَلِمَالِكِ بَاقِيهِ مِنْ تَرِكَتِهِ بِقَدْرِ مِلْكِهِ فِيهِ، وَالْبَاقِي، لِوَرَثَتِهِ. وَإِنْ مَاتَ مَنْ يَرِثُهُ، فَإِنَّهُ يَرِثُ، وَيُورَثُ، وَيَحْجُبُ عَلَى قَدْرِ مَا فِيهِ مِنْ الْحُرِّيَّةِ

وَهَذَا قَوْلُ عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، وَبِهِ قَالَ عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ، وَحَمْزَةُ الزَّيَّاتُ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ، وَالْمُزَنِيُّ، وَأَهْلُ الظَّاهِرِ. وَقَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ: لَا يَرِثُ، وَلَا يُورَثُ، وَأَحْكَامُهُ أَحْكَامُ الْعَبْدِ. وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، فِي الْقَدِيمِ. وَجَعَلَا مَالَهُ لِمَالِكِ بَاقِيهِ. قَالَ ابْنُ اللَّبَّانِ: هَذَا غَلَطٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِمَالِكِ بَاقِيهِ عَلَى مَا عَتَقَ مِنْهُ مِلْكٌ، وَلَا وَلَاءٌ، وَلَا هُوَ ذُو رَحِمٍ. قَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ: يُحْتَمَلُ عَلَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْقَدِيمِ، أَنْ يُجْعَلَ فِي بَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِيمَا كَسَبَهُ بِجُزْئِهِ الْحُرِّ

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْجَدِيدِ: مَا كَسَبَهُ بِجُزْئِهِ الْحُرِّ لِوَرَثَتِهِ، وَلَا يَرِثُ هُوَ مِمَّنْ مَاتَ شَيْئًا. وَبِهِ قَالَ طَاوُسٌ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَأَبُو ثَوْرٍ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ كَالْحُرِّ فِي جَمِيعِ أَحْكَامِهِ، فِي تَوْرِيثِهِ، وَالْإِرْثِ مِنْهُ، وَغَيْرِهِمَا. وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ، وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ، وَالشَّعْبِيُّ، وَالنَّخَعِيُّ، وَالْحَكَمُ، وَحَمَّادٌ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَالثَّوْرِيُّ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ، وَاللُّؤْلُؤِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ آدَمَ، وَدَاوُد

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إنْ كَانَ الَّذِي لَمْ يَعْتِقْ اسْتَسْعَى الْعَبْدَ، فَلَهُ مِنْ تَرِكَتِهِ سِعَايَتُهُ، وَلَهُ نِصْفُ وَلَائِهِ، وَإِنْ كَانَ أَغْرَمَ الشَّرِيكَ، فَوَلَاؤُهُ كُلُّهُ لِلَّذِي أَعْتَقَ بَعْضَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>