لَمْ يَسْتَوْفِ عِوَضَهُ، وَلِغَيْرِ الْقَابِضِ مُطَالَبَةُ الْقَابِضِ بِنَصِيبِهِ مِمَّا قَبَضَهُ كَمَا لَوْ قَبَضَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ سَوَاءٌ.
وَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ غَيْرُ الْقَابِضِ بِنَصِيبِهِ حَتَّى أَدَّى الْمُكَاتَبُ إلَيْهِ كِتَابَتَهُ صَحَّ وَعَتَقَ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا، وَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْآخَرِ حَقَّهُ فَقَدْ مَاتَ عَبْدًا وَيَسْتَوْفِي الَّذِي لَمْ يَقْبِضْ مِنْ كَسْبِهِ بِقَدْرِ مَا أَخَذَهُ صَاحِبُهُ وَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا. قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ فِي عَبْدٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ كَاتَبَاهُ فَأَدَّى إلَى أَحَدِهِمَا كِتَابَتَهُ ثُمَّ مَاتَ وَهُوَ يَسْعَى لِلْآخَرِ لِمَنْ مِيرَاثُهُ؟ قَالَ أَحْمَدُ: كُلُّ مَا كَسَبَ الْعَبْدُ فِي كِتَابَتِهِ فَهُوَ بَيْنَهُمَا وَيَرْجِعُ هَذَا عَلَى الْآخَرِ بِنَصِيبِهِ مِمَّا أَخَذَ وَمِيرَاثُهُ بَيْنَهُمَا. قَالَ ابْنُ مَنْصُورٍ: قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ كَمَا قَالَ.
[فَصْلٌ الشَّرِيكَانِ إذَا عَجَزَ مُكَاتَبُهُمَا.]
(٨٧٦٦) فَصْلٌ: وَإِنْ عَجَزَ مُكَاتَبُهُمَا فَلَهُمَا الْفَسْخُ وَالْإِمْضَاءُ، فَإِنْ فَسَخَا جَمِيعًا أَوْ أَمْضَيَا الْكِتَابَةَ جَازَ مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ، وَإِنْ فَسَخَ أَحَدُهُمَا وَأَمْضَى الْآخَرُ جَازَ وَعَادَ نِصْفُهُ رَقِيقًا قِنًّا وَنِصْفُهُ مُكَاتَبًا. وَقَالَ الْقَاضِي: تَنْفَسِخُ الْكِتَابَةُ فِي جَمِيعِهِ. وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ لَوْ بَقِيَتْ فِي نِصْفِهِ لَعَادَ مِلْكُ الَّذِي فَسَخَ الْكِتَابَةَ إلَيْهِ نَاقِصًا.
وَلَنَا، أَنَّهَا كِتَابَةٌ فِي مِلْكِ أَحَدِهِمَا فَلَمْ تَنْفَسِخْ بِفَسْخِ الْآخَرِ، كَمَا لَوْ انْفَرَدَ بِكِتَابَتِهِ، لِأَنَّهُمَا عَقْدَانِ مُفْرَدَانِ فَلَمْ يَنْفَسِخْ أَحَدُهُمَا بِفَسْخِ الْآخَرِ كَالْبَيْعِ، وَمَا حَصَلَ مِنْ النَّقْصِ لَا يَمْنَعُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا حَصَلَ ضِمْنًا؛ لِتَصَرُّفِ الشَّرِيكِ فِي نَصِيبِهِ، فَلَمْ يَمْنَعْ كَإِعْتَاقِ الشَّرِيكِ؛ وَلِأَنَّ مِنْ أَصْلِنَا أَنَّهُ تَصِحُّ مُكَاتَبَةُ أَحَدِهِمَا نَصِيبَهُ، فَإِذَا لَمْ يُمْنَعْ الْعَقْدُ فِي ابْتِدَائِهِ فَلَأَنْ يَبْطُلَ فِي دَوَامِهِ أَوْلَى، وَلِأَنَّ ضَرَرَهُ حَصَلَ بِعَقْدِهِ وَفَسْخِهِ فَلَا يَزُولُ بِفَسْخِ عَقْدِ غَيْرِهِ، وَلِأَنَّ فِي فَسْخِ الْكِتَابَةِ ضَرَرًا بِالْمُكَاتَبِ وَسَيِّدِهِ، وَلَيْسَ دَفْعُ الضَّرَرِ عَنْ الشَّرِيكِ الَّذِي فَسَخَ بِأَوْلَى مِنْ دَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ الَّذِي لَمْ يَفْسَخْ، بَلْ دَفْعُ الضَّرَرِ عَنْ الَّذِي لَمْ يَفْسَخْ أَوْلَى لِوُجُوهٍ ثَلَاثَةٍ: أَحَدُهَا أَنَّ ضَرَرَ الَّذِي فَسَخَ حَصَلَ ضِمْنًا؛ لِبَقَاءِ عَقْدِ شَرِيكِهِ فِي مِلْكِ نَفْسِهِ، وَضَرَرَ شَرِيكِهِ بِزَوَالِ عَقْدِهِ وَفَسْخِ تَصَرُّفِهِ فِي مِلْكِهِ.
وَالثَّانِي: أَنَّ ضَرَرَ الَّذِي فَسَخَ لَمْ يَعْتَبِرْهُ الشَّرْعُ فِي مَوْضِعٍ، وَلَا أَصْلَ لِمَا ذَكَرُوهُ مِنْ الْحُكْمِ وَلَا يُعْرَفُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute