للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ قَالَ الْمُشْتَرِي لَا أَعْلَمُ مَبْلَغَ الثَّمَنِ فِي الشُّفْعَة]

فَصْلٌ: وَإِنْ قَالَ الْمُشْتَرِي: لَا أَعْلَمُ مَبْلَغَ الثَّمَنِ. فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ مَا يَدَّعِيهِ مُمْكِنٌ، لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ اشْتَرَاهُ جُزَافًا، أَوْ بِثَمَنٍ نَسِيَ مَبْلَغَهُ، وَيَحْلِفُ، فَإِذَا حَلَفَ سَقَطَتْ الشُّفْعَةُ؛ لِأَنَّهَا لَا تُسْتَحَقُّ بِغَيْرِ بَذْلٍ، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ مَا لَا يَدَّعِيهِ. فَإِنْ ادَّعَى أَنَّك فَعَلْت ذَلِكَ تَحَيُّلًا عَلَى إسْقَاطِ الشُّفْعَةِ، فَعَلَيْهِ الْيَمِينُ عَلَى نَفْيِ ذَلِكَ.

[فَصْل اشْتَرَى شِقْصًا بِعَرْضِ وَاخْتَلَفَا فِي قِيمَتِهِ]

(٤٠٦٢) فَصْلٌ: وَإِنْ اشْتَرَى شِقْصًا بِعَرْضٍ، وَاخْتَلَفَا فِي قِيمَتِهِ، فَإِنْ كَانَ مَوْجُودًا عَرَضَاهُ عَلَى الْمُقَوِّمِينَ، وَإِنْ تَعَذَّرَ إحْضَارُهُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي، كَمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الثَّمَنِ. وَإِنْ ادَّعَى جَهْلَ قِيمَتِهِ، فَهُوَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِيمَا إذَا ادَّعَى جَهْلَ ثَمَنِهِ.

وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ فِي الشِّقْصِ، فَقَالَ الْمُشْتَرِي: أَنَا أَحْدَثْته. وَأَنْكَرَ الشَّفِيعُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي، لِأَنَّهُ مِلْكُهُ، وَالشَّفِيعُ يُرِيدُ تَمَلُّكَهُ عَلَيْهِ، فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمَالِكِ.

[فَصْلٌ ادَّعَى الشَّفِيعُ عَلَى بَعْضِ الشُّرَكَاءِ أَنَّك اشْتَرَيْت نَصِيبَك فَلِي أَخْذُهُ بِالشُّفْعَةِ]

(٤٠٦٣) فَصْلٌ: إذَا ادَّعَى الشَّفِيعُ عَلَى بَعْضِ الشُّرَكَاءِ أَنَّك اشْتَرَيْت نَصِيبَك، فَلِي أَخْذُهُ بِالشُّفْعَةِ، فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى تَحْرِيرِ دَعْوَاهُ، فَيُحَدِّدُ الْمَكَانَ الَّذِي فِيهِ الشِّقْصُ، وَيَذْكُرُ قَدْرَ الشِّقْصِ وَالثَّمَنَ، وَيَدَّعِي الشُّفْعَةَ فِيهِ، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ، سُئِلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَإِنْ أَقَرَّ، لَزِمَهُ، وَإِنْ أَنْكَرَ، وَقَالَ: إنَّمَا اتَّهَبْته أَوْ وَرِثْته، فَلَا شُفْعَةَ لَك فِيهِ. فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يَنْفِيه، كَمَا لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ نَصِيبَهُ مِنْ غَيْرِ شُفْعَةٍ، فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ، وَإِنْ نَكَلَ قُضِيَ عَلَيْهِ.

وَإِنْ قَالَ لَا تَسْتَحِقُّ عَلَى شُفْعَةٍ. فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ، وَيَكُونُ يَمِينُهُ عَلَى حَسَبِ قَوْلِهِ فِي الْإِنْكَارِ. وَإِذَا نَكَلَ، وَقُضِيَ عَلَيْهِ بِالشُّفْعَةِ، عَرَضَ عَلَيْهِ الثَّمَنَ. فَإِنْ أَخَذَهُ دَفَعَ إلَيْهِ، وَإِنْ قَالَ: لَا أَسْتَحِقُّهُ. فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ؛ أَحَدُهَا، يُقَرُّ فِي يَدِ الشَّفِيعِ إلَى أَنْ يَدَّعِيَهُ الْمُشْتَرِي، فَيَدْفَعَ إلَيْهِ، كَمَا لَوْ أَقَرَّ لَهُ بِدَارٍ فَأَنْكَرَهَا.

وَالثَّانِي: أَنْ يَأْخُذَهُ الْحَاكِمُ، فَيَحْفَظَهُ لِصَاحِبِهِ إلَى أَنْ يَدَّعِيَهُ الْمُشْتَرِي، وَمَتَى ادَّعَاهُ دُفِعَ إلَيْهِ. وَالثَّالِثُ، يُقَالُ لَهُ: إمَّا أَنْ تَقْبِضَهُ، وَإِمَّا أَنْ تُبْرِئَ مِنْهُ، كَسَيِّدِ الْمُكَاتَبِ إذَا جَاءَهُ الْمُكَاتَبُ بِمَالِ الْمُكَاتَبَةِ، فَادَّعَى أَنَّهُ حَرَامٌ. اخْتَارَ هَذَا الْقَاضِي.

وَهَذَا مُفَارِقٌ لِلْمُكَاتَبِ؛ لِأَنَّ سَيِّدَهُ يُطَالِبُهُ بِالْوَفَاءِ مِنْ غَيْرِ هَذَا الَّذِي أَتَاهُ بِهِ، فَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ بِمُجَرَّدِ دَعْوَى سَيِّدِهِ تَحْرِيمَ مَا أَتَاهُ بِهِ، وَهَذَا لَا يَطْلُبُ الشَّفِيعَ بِشَيْءٍ، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُكَلَّفَ إبْرَاءَ مِمَّا لَا يَدَّعِيه. وَالْوَجْهُ الْأَوَّلُ أَوْلَى، إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>