للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْ يَبْنِيَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ، أَشْبَهَ مَا لَوْ قَطَعَهَا بِقَوْلِ " آمِينَ ". وَاحْتَمَلَ أَنْ يَبْتَدِئَ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ التَّكْبِيرِ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ، وَمَحَلَّ الْقِرَاءَةِ بَعْدَهُ، فَيَسْتَأْنِفُهَا، لِيَأْتِيَ بِهَا بَعْدَهُ وَإِنْ ذَكَرَ التَّكْبِيرَ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ، فَأَتَى بِهِ، لَمْ يُعِدْ الْقِرَاءَةَ وَجْهًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّهَا وَقَعَتْ مَوْقِعَهَا.

وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ حَتَّى رَكَعَ، سَقَطَ وَجْهًا وَاحِدًا، لِأَنَّهُ فَاتَ الْمَحَلَّ. وَكَذَلِكَ الْمَسْبُوقُ إذَا أَدْرَكَ الرُّكُوعَ، لَمْ يُكَبِّرْ فِيهِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يُكَبِّرُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْقِيَامِ، بِدَلِيلِ إدْرَاكِ الرَّكْعَةِ بِهِ. وَلَنَا، أَنَّهُ ذِكْرٌ مَسْنُونٌ حَالَ الْقِيَامِ، فَلَمْ يَأْتِ بِهِ فِي الرُّكُوعِ، كَالِاسْتِفْتَاحِ، وَقِرَاءَةِ السُّورَةِ، وَالْقُنُوتِ عِنْدَهُ، وَإِنَّمَا أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ بِإِدْرَاكِهِ، لِأَنَّهُ أَدْرَكَ مُعْظَمَهَا، وَلَمْ يَفُتْهُ إلَّا الْقِيَامُ، وَقَدْ حَصَلَ مِنْهُ مَا يُجْزِئُ فِي تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ.

فَأَمَّا الْمَسْبُوقُ إذَا أَدْرَكَ الْإِمَامَ بَعْدَ تَكْبِيرِهِ، فَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: يُكَبِّرُ؛ لِأَنَّهُ أَدْرَكَ مَحَلَّهُ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يُكَبِّرَ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالْإِنْصَاتِ إلَى قِرَاءَةِ الْإِمَامِ. وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ إنْ كَانَ يَسْمَعُ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ أَنْصَتَ، وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا كَبَّرَ. (١٤١٨) فَصْلٌ: وَإِذَا شَكَّ فِي عَدَدِ التَّكْبِيرَاتِ بَنَى عَلَى الْيَقِينِ، فَإِنْ كَبَّرَ ثُمَّ شَكَّ هَلْ نَوَى الْإِحْرَامَ أَوْ لَا، ابْتَدَأَ الصَّلَاةَ هُوَ وَمَنْ خَلْفَهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ النِّيَّةِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ وَسْوَاسًا، فَلَا يَلْتَفِتْ إلَيْهِ.

وَسَائِرُ الْمَسْأَلَةِ قَدْ سَبَقَ شَرْحُهَا.

[مَسْأَلَةٌ إذَا سَلَّمَ خَطَبَ بِهِمْ خُطْبَتَيْنِ يَجْلِسُ بَيْنَهُمَا]

(١٤١٩) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (فَإِذَا سَلَّمَ خَطَبَ بِهِمْ خُطْبَتَيْنِ، يَجْلِسُ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ كَانَ فِطْرًا حَضَّهُمْ عَلَى الصَّدَقَةِ، وَبَيَّنَ لَهُمْ مَا يُخْرِجُونَ، وَإِنْ كَانَ أَضْحَى يُرَغِّبُهُمْ فِي الْأُضْحِيَّةِ، وَيُبَيِّنُ لَهُمْ مَا يُضَحَّى بِهِ) وَجُمْلَتُهُ أَنَّ خُطْبَتَيْ الْعِيدَيْنِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، إلَّا عَنْ بَنِي أُمَيَّةَ.

وَرُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُمَا فَعَلَاهُ، وَلَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ عَنْهُمَا، وَلَا يُعْتَدُّ بِخِلَافِ بَنِي أُمَيَّةَ؛ لِأَنَّهُ مَسْبُوقٌ بِالْإِجْمَاعِ الَّذِي كَانَ قَبْلَهُمْ، وَمُخَالِفٌ لِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الصَّحِيحَةِ، وَقَدْ أُنْكِرَ عَلَيْهِمْ فِعْلُهُمْ، وَعُدَّ بِدْعَةً وَمُخَالِفًا لِلسُّنَّةِ، فَإِنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ: «إنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، كَانُوا يُصَلُّونَ الْعِيدَيْنِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَرَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَرَوَاهُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَمَاعَةٌ، وَرَوَى طَارِقُ بْنُ شِهَابٍ قَالَ: قَدَّمَ مَرْوَانُ الْخُطْبَةَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَقَامَ رَجُلٌ، فَقَالَ: خَالَفْتَ السُّنَّةَ، كَانَتْ الْخُطْبَةُ بَعْدَ الصَّلَاةِ. فَقَالَ: تُرِكَ ذَاكَ يَا أَبَا فُلَانٍ. فَقَامَ أَبُو سَعِيدٍ، فَقَالَ: أَمَّا هَذَا الْمُتَكَلِّمُ فَقَدْ قَضَى مَا عَلَيْهِ، قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُنْكِرْهُ بِيَدِهِ، فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَلْيُنْكِرْهُ بِلِسَانِهِ، فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَلْيُنْكِرْهُ بِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ.» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ،

<<  <  ج: ص:  >  >>