وَالْقِصَرِ، وَالْهُزَالِ وَالسِّمَنِ، وَالصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ، وَالصِّغَرِ وَالْكِبَرِ، وَالذُّكُورِيَّةِ وَالْأُنُوثِيَّةِ، وَالْبَاقِي يَكْفِي فِيهِ ذِكْرُ الْوَزْنِ. وَقَالَ الشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ، وَأَبُو الْخَطَّابِ: لَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ الرَّاكِبَيْنِ بِالرُّؤْيَةِ؛ لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِثِقْلِهِ وَخِفَّتِهِ، وَسُكُونِهِ وَحَرَكَتِهِ، وَلَا يَنْضَبِطُ بِالْوَصْفِ، فَيَجِبُ تَعْيِينُهُ وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ. وَلَهُمْ فِي الْمَحْمِلِ وَجْهٌ، أَنَّهُ لَا تَكْفِي فِيهِ الصِّفَةُ، وَيَجِبُ تَعْيِينُهُ
وَلَنَا أَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ مُضَافٌ إلَى حَيَوَانٍ، فَاكْتُفِيَ فِيهِ بِالصِّفَةِ، كَالْبَيْعِ، وَكَالْمَرْكُوبِ فِي الْإِجَارَةِ، وَلِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُكْتَفَ فِيهِ بِالصِّفَةِ، لَمَا جَازَ لِلرَّاكِبِ أَنْ يُقِيمَ غَيْرَهُ مُقَامَهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُعْلَمُ كَوْنُهُ مِثْلَهُ لِتَسَاوِيهِمَا فِي الصِّفَاتِ، فَمَا لَا تَأْتِي عَلَيْهِ الصِّفَاتُ لَا يُعْلَمُ التَّسَاوِي فِيهِ، وَلِأَنَّ الْوَصْفَ يُكْتَفَى بِهِ فِي الْبَيْعِ، فَاكْتُفِيَ بِهِ فِي الْإِجَارَةِ، كَالرُّؤْيَةِ، وَالتَّفَاوُتُ بَعْدَ ذِكْرِ الصِّفَاتِ الظَّاهِرَةِ يَسِيرٌ تَجْرِي الْمُسَامَحَةُ فِيهِ، كَالْمُسْلَمِ فِيهِ.
[فَصْل اكْتِرَاءُ الْإِبِلِ وَالدَّوَابِّ لِلْحُمُولَةِ]
(٤٢٧١) فَصْلٌ: وَيَجُوزُ اكْتِرَاءُ الْإِبِلِ وَالدَّوَابِّ لِلْحُمُولَةِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلا بِشِقِّ الأَنْفُسِ} [النحل: ٧] . وَالْحُمُولَةُ بِالضَّمِّ: الْأَحْمَالُ. وَالْحَمُولَةُ بِالْفَتْحِ: الَّتِي يُحْمَلُ عَلَيْهَا. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمِنَ الأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا} [الأنعام: ١٤٢] الْحَمُولَةُ: الْكِبَارُ. وَالْفَرْشُ: الصِّغَارُ. وَقِيلَ الْحَمُولَةُ: الْإِبِلُ. وَالْفَرْشُ: الْغَنَمُ؛ لِأَنَّهَا لَا تَحْمِلُ،
وَلَا يُحْتَاجُ إلَى مَعْرِفَةِ الْحُمُولَةِ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ حَمْلُ الْمَتَاعِ، دُونَ مَا يَحْمِلُهُ، بِخِلَافِ الرُّكُوبِ، فَإِنَّ لِلرَّاكِبِ غَرَضًا فِي الْمَرْكُوبِ، مِنْ سُهُولَتِهِ وَحَالِهِ وَسُرْعَتِهِ. وَإِنْ اتَّفَقَ وُجُودُ غَرَضٍ فِي الْحُمُولَةِ، مِثْلُ أَنْ يَكُونَ الْمَحْمُولُ شَيْئًا يَضُرُّهُ كَثْرَةُ الْحَرَكَةِ، كَالْفَاكِهَةِ وَالزُّجَاجِ، أَوْ كَوْنِ الطَّرِيقِ مِمَّا يَعْسُرُ عَلَى بَعْضِهَا دُونَ بَعْضٍ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُذْكَرَ فِي الْإِجَارَةِ. وَأَمَّا الْأَحْمَالُ، فَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَتِهَا، فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهَا، لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَتَفَاوَتُ كَثِيرًا، وَيَخْتَلِفُ الْغَرَضُ بِهِ
فَإِنْ شَرَطَ أَنْ تَحْمِلَ مَا شَاءَ، بَطَلَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُمْكِنُ الْوَفَاءُ بِهِ، وَيَدْخُلُ فِيهِ مَا يَقْتُلُ الْبَهِيمَةَ. وَإِنْ قَالَ: احْتَمِلْ عَلَيْهَا طَاقَتَهَا. لَمْ يَجُزْ أَيْضًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا ضَابِطَ لَهُ. وَتَحْصُلُ الْمَعْرِفَةُ بِطَرِيقَيْنِ: الْمُشَاهَدَةُ؛ لِأَنَّهَا مِنْ أَعْلَى طُرُقِ الْعِلْمِ، وَالصِّفَةُ. وَيُشْتَرَطُ فِي الصِّفَةِ مَعْرِفَةُ شَيْئَيْنِ: الْقَدْرُ وَالْجِنْسُ؛ لِأَنَّ الْجِنْسَ يَخْتَلِفُ تَعَبُ الْبَهِيمَةِ بِاخْتِلَافِهِ، مَعَ التَّسَاوِي فِي الْقَدْرِ، فَإِنَّ الْقُطْنَ يَضُرُّ بِهَا مِنْ وَجْهٍ، وَهُوَ أَنَّهُ يَنْتَفِخُ عَلَى الْبَهِيمَةِ.
فَيَدْخُلُ فِيهِ الرِّيحُ فَيَثْقُلُ، وَمِثْلُهُ مِنْ الْحَدِيدِ يُؤْذِي مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى، وَهُوَ أَنَّهُ يَجْتَمِعُ عَلَى مَوْضِعٍ مِنْ الْبَهِيمَةِ، فَرُبَّمَا عَقَرَهَا، فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute