فِي الظَّاهِرِ. وَإِنْ بَادَرَ أَحَدُهُمَا فَقَتَلَ أَخَاهُ، سَقَطَ الْقِصَاصُ عَنْهُ، وَوِرْثَهُ فِي الظَّاهِرِ عَنْهُ، وَيُحْتَمَلُ أَلَّا يَرِثَهُ، وَيَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَيْهِ بِقَتْلِهِ؛ لِأَنَّ الْقَصَّاصِينَ لَمَّا تُسَاوَيَا، وَتَعَذَّرَ الْجَمْعُ بَيْنَ اسْتِيفَائِهِمَا، سَقَطَا، فَلَمْ يَبْقَ لَهُمَا حُكْمٌ، فَيَكُونُ الْمُسْتَوْفِي مِنْهَا مُعْتَدِيًا بِاسْتِيفَائِهِ، فَلَا يَرِثُ أَخَاهُ، وَيَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَيْهِ بِقَتْلِهِ
وَإِنْ أَشْكَلَ كَيْفِيَّةُ مَوْتِ الْأَبَوَيْنِ، وَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّ قَتِيلَهُ أَوَّلُهُمَا مَوْتًا، خُرِّجَ فِي تَوْرِيثِهِمَا، مَا ذَكَرْنَاهُ فِي الْغَرْقَى، مِنْ تَوْرِيثِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَيِّتَيْنِ مِنْ الْآخَرِ، ثُمَّ يَرِثُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَعْضَ دَمِ نَفْسِهِ، فَيَسْقُطُ الْقِصَاصُ عَنْهُمَا. وَمَنْ لَا يَرَى ذَلِكَ، فَالْجَوَابُ فِيهَا كَاَلَّتِي قَبْلَهَا. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَسْقُطَ الْقِصَاصُ بِكُلِّ حَالٍ؛ لِلشُّبْهَةِ، وَأَنْ يَكُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ دِيَةُ الْأُخَرِ وَمَالُهُ.
[مَسْأَلَةٌ لَا يَرِثُ مُسْلِمٌ كَافِرًا وَلَا كَافِرٌ مُسْلِمًا]
(٤٩٤٦) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَلَا يَرِثُ مُسْلِمٌ كَافِرًا، وَلَا كَافِرٌ مُسْلِمًا، إلَّا أَنْ يَكُونَ مُعْتَقًا، فَيَأْخُذَ مَالَهُ بِالْوَلَاءِ) أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْكَافِرَ لَا يَرِثُ الْمُسْلِمَ. وَقَالَ جُمْهُورُ الصَّحَابَةِ وَالْفُقَهَاءُ: لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ. يُرْوَى هَذَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -. وَبِهِ قَالَ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، وَعُرْوَةُ، وَالزُّهْرِيُّ، وَعَطَاءٌ، وَطَاوُسٌ، وَالْحَسَنُ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَالثَّوْرِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابُهُ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَعَامَّةُ، الْفُقَهَاءِ. وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ. وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ، وَمُعَاذٍ، وَمُعَاوِيَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، أَنَّهُمْ وَرَّثُوا الْمُسْلِمَ مِنْ الْكَافِرِ، وَلَمْ يُوَرِّثُوا الْكَافِرَ مِنْ الْمُسْلِمِ. وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ، وَعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَمَسْرُوقٍ، وَعَبْدِ اللَّه بْنِ مَعْقِلٍ، وَالشَّعْبِيِّ، وَالنَّخَعِيِّ، وَيَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ، وَإِسْحَاقَ. وَلَيْسَ بِمَوْثُوقٍ بِهِ عَنْهُمْ. فَإِنَّ أَحْمَدَ قَالَ: لَيْسَ بَيْنَ النَّاسِ اخْتِلَافٌ فِي أَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَرِثُ الْكَافِرَ. وَرُوِيَ أَنَّ يَحْيَى بْنَ يَعْمُرَ احْتَجَّ لِقَوْلِهِ، فَقَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْأَسْوَدِ، أَنَّ مُعَاذًا حَدَّثَهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الْإِسْلَامُ يَزِيدُ وَلَا يَنْقُصُ» وَلِأَنَّنَا نَنْكِحُ نِسَاءَهُمْ، وَلَا يَنْكِحُونَ نِسَاءَنَا، فَكَذَلِكَ نَرِثُهُمْ، وَلَا يَرِثُونَنَا. وَلَنَا؛ مَا رَوَى أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «لَا يَرِثُ الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ، وَلَا الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَرَوَى أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادِهِ: عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ شَتَّى» . وَلِأَنَّ الْوِلَايَةَ مُنْقَطِعَةٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ، فَلَمْ يَرِثْهُ، كَمَا لَا يَرِثُ الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ. فَأَمَّا حَدِيثُهُمْ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ أَنَّ الْإِسْلَامَ يَزِيدُ بِمَنْ يُسْلِمُ، وَبِمَا يُفْتَحُ مِنْ الْبِلَادِ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ، وَلَا يَنْقُصُ بِمَنْ يَرْتَدُّ، لِقِلَّةِ مَنْ يَرْتَدُّ، وَكَثْرَةِ مِنْ يُسْلِمُ، وَعَلَى أَنَّ حَدِيثَهُمْ مُجْمَلٌ، وَحَدِيثَنَا مُفَسَّرٌ، وَحَدِيثَهُمْ لَمْ يُتَّفَقْ عَلَى صِحَّتِهِ، وَحَدِيثَنَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، فَتَعَيَّنَ تَقْدِيمُهُ. وَالصَّحِيحُ عَنْ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ: لَا نَرِثُ أَهْلَ الْمِلَلِ، وَلَا يَرِثُونَنَا. وَقَالَ فِي عَمَّةِ الْأَشْعَثِ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute