للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَأَيْت مُدًّا ذُكِرَ لَنَا أَنَّهُ مُدُّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُدِّرَ الْمُدُّ الدِّمَشْقِيُّ بِهِ، فَكَانَ الْمُدُّ الدِّمَشْقِيُّ قَرِيبًا مِنْ خَمْسَةِ أَمْدَادٍ

[مَسْأَلَةُ زَكَاة الْفِطْر مِنْ غَالِبِ قُوت الْبَلَدِ]

(١٩٥٧) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: مِنْ كُلِّ حَبَّةٍ وَثَمَرَةٍ تُقْتَاتُ يَعْنِي عِنْدَ عَدَمِ الْأَجْنَاسِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهَا، يُجْزِئُهُ كُلُّ مُقْتَاتٍ مِنْ الْحُبُوبِ وَالثِّمَارِ. وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ الْمُقْتَاتُ مِنْ غَيْرِهَا، كَاللَّحْمِ وَاللَّبَنِ.

وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ يُعْطِي مَا قَامَ مَقَامَ الْأَجْنَاسِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهَا عِنْدَ عَدَمِهَا. وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: يُجْزِئُهُ عِنْدَ عَدَمِهَا الْإِخْرَاجُ مِمَّا يَقْتَاتُهُ، كَالذُّرَةِ وَالدُّخْنِ، وَلُحُومِ الْحِيتَانِ وَالْأَنْعَامِ، وَلَا يَرُدُّونَ إلَى أَقْرَبِ قُوتِ الْأَمْصَارِ

[مَسْأَلَةُ وُجُوبِ صَدَقَةَ الْفِطْرِ عَلَى أَهْلِ الْبَادِيَةِ صَاعًا]

(١٩٥٨) مَسْأَلَةٌ: قَالَ وَإِنْ أَعْطَى أَهْلُ الْبَادِيَةِ الْأَقِطَ صَاعًا، أَجْزَأَ إذَا كَانَ قُوتَهُمْ، أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ يُوجِبُونَ صَدَقَةَ الْفِطْرِ عَلَى أَهْلِ الْبَادِيَةِ. رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَبِهِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَالْحَسَنُ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ.

وَقَالَ عَطَاءٌ، وَالزُّهْرِيُّ، وَرَبِيعَةُ: لَا صَدَقَةَ عَلَيْهِمْ. وَلَنَا، عُمُومُ الْحَدِيثِ، وَلِأَنَّهَا زَكَاةٌ، فَوَجَبَتْ عَلَيْهِمْ كَزَكَاةِ الْمَالِ، وَلِأَنَّهُمْ مُسْلِمُونَ، فَيَجِبُ عَلَيْهِمْ صَدَقَةُ الْفِطْرِ كَغَيْرِهِمْ. إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَإِنَّهُ يُجْزِئُ أَهْلَ الْبَادِيَةِ إخْرَاجُ الْأَقِطِ إذَا كَانَ قُوتَهُمْ. وَكَذَلِكَ مِنْ لَمْ يَجِدْ مِنْ الْأَصْنَافِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهَا سِوَاهُ.

فَأَمَّا مَنْ وَجَدَ سِوَاهُ فَهَلْ يُجْزِئُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ: إحْدَاهُمَا، يُجْزِئُهُ أَيْضًا؛ لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ، وَفِي بَعْضِ أَلْفَاظِهِ قَالَ «فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَدَقَةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ.» أَخْرَجَهُ النَّسَائِيّ. وَالثَّانِيَة، لَا يُجْزِئُهُ؛ لِأَنَّهُ جِنْسٌ لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِيهِ، فَلَا يُجْزِئُ إخْرَاجُهُ لِمَنْ يَقْدِرُ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ الْأَجْنَاسِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهَا كَاللَّحْمِ. وَيُحْمَلُ الْحَدِيثُ عَلَى مَنْ هُوَ قُوتٌ لَهُ، أَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى غَيْرِهِ، فَإِنْ قَدَرَ عَلَى غَيْرِهِ مَعَ كَوْنِهِ قُوتًا لَهُ، فَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ جَوَازُ إخْرَاجِهِ.

وَإِنْ قَدَرَ عَلَى غَيْرِهِ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ أَوْ لَمْ يَكُنْ؛ لِأَنَّ الْحَدِيثَ لَمْ يُفَرِّقْ. وَقَوْلُ أَبِي سَعِيدٍ: كُنَّا نُخْرِجُ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ، وَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْأَمْصَارِ، وَإِنَّمَا خَصَّ أَهْلَ الْبَادِيَةِ بِالذِّكْرِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّهُ لَا يَقْتَاتُهُ غَيْرُهُمْ.

وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: لَا يُجْزِئُ إخْرَاجُ الْأَقِطِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى مَا سِوَاهُ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ يَدُلُّ عَلَى خِلَافِهِ. وَذَكَرِ الْقَاضِي أَنَّهُ إذَا عَدِمَ الْأَقِطَ، وَقُلْنَا لَهُ إخْرَاجُهُ، جَازَ إخْرَاجُ اللَّبَنِ؛ لِأَنَّهُ أَكْمَلُ مِنْ الْأَقِطِ، لِأَنَّهُ يَجِيءُ مِنْهُ الْأَقِطُ وَغَيْرُهُ. وَحَكَاهُ أَبُو ثَوْرٍ، عَنْ الشَّافِعِيِّ.

وَقَالَ الْحَسَنُ: إنْ لَمْ يَكُنْ بُرٌّ وَلَا شَعِيرٌ أَخْرَجَ صَاعًا مِنْ لَبَنٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>