بِالْبَيْتِ، وَيَسْتَلِمُ الرُّكْنَ بِمِحْجَنٍ مَعَهُ، وَيُقَبِّلُ الْمِحْجَنَ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ. فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ اسْتِلَامُهُ، أَشَارَ إلَيْهِ وَكَبَّرَ؛ لِمَا رَوَى الْبُخَارِيُّ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «طَافَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى بَعِيرٍ، كَلَّمَا أَتَى الرُّكْنَ أَشَارَ إلَيْهِ، وَكَبَّرَ.»
[فَصْل يُكَبَّرُ كُلَّمَا أَتَى الْحَجَرَ الْأَسْوَد أَوْ حَاذَاهُ]
(٢٤٦٧) فَصْلٌ: وَيُكَبَّرُ كُلَّمَا أَتَى الْحَجَرَ، أَوْ حَاذَاهُ؛ لِمَا رَوَيْنَاهُ، وَيَقُولُ بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة: ٢٠١] ؛ لِمَا رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي الْمَنَاسِكِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ، أَنَّهُ سَمِعَ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ فِيمَا بَيْنَ رُكْنِ بَنِي جُمَحٍ وَالرُّكْنِ الْأَسْوَدِ: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة: ٢٠١] .» . وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: وُكِّلَ بِهِ - يَعْنِي الرُّكْنَ الْيَمَانِيَّ - سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ، فَمَنْ قَالَ: اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ، فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة: ٢٠١] قَالُوا: آمِينَ» . وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ كَانَ إذَا جَاءَ الرُّكْنَ الْيَمَانِيَّ، قَالَ: اللَّهُمَّ قَنِّعْنِي بِمَا رَزَقْتنِي، وَاخْلُفْ لِي عَلَى كُلِّ غَائِبَةٍ بِخَيْرٍ. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ حَجًّا مَبْرُورًا، وَسَعْيًا مَشْكُورًا، وَذَنْبًا مَغْفُورًا، رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ، وَاعْفُ عَمَّا تَعْلَمْ، وَأَنْتَ الْأَعَزُّ الْأَكْرَمُ. . وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، يَقُولُ: رَبِّ قِنِي شُحَّ نَفْسِي. وَعَنْ عُرْوَةَ، قَالَ: كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُونَ: لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ، وَأَنْتَ تُحْيِي بَعْدَ مَا أَمَتَّ. وَمَهْمَا أَتَى بِهِ مِنْ الدُّعَاءِ وَالذِّكْرِ فَحَسَنٌ. قَالَتْ عَائِشَةُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّمَا جُعِلَ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ، وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَرَمْيُ الْجِمَارِ، لِإِقَامَةِ ذِكْرِ اللَّهِ» . رَوَاهُ الْأَثْرَمُ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ.
[مَسْأَلَة يَكُونُ الْحِجْرُ دَاخِلًا فِي طَوَافِهِ]
(٢٤٦٨) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَيَكُونُ الْحِجْرُ دَاخِلًا فِي طَوَافِهِ؛ لِأَنَّ الْحِجْرَ مِنْ الْبَيْتِ) إنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِالطَّوَافِ بِالْبَيْتِ جَمِيعِهِ، بِقَوْلِهِ: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: ٢٩] . وَالْحِجْرُ مِنْهُ، فَمَنْ لَمْ يَطُفْ بِهِ، لَمْ يُعْتَدّ بِطَوَافِهِ. وَبِهَذَا قَالَ عَطَاءٌ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: إنْ كَانَ بِمَكَّةَ، قَضَى مَا بَقِيَ، وَإِنْ رَجَعَ إلَى الْكُوفَةِ، فَعَلَيْهِ دَمٌ. وَنَحْوَهُ قَالَ الْحَسَنُ. وَلَنَا، أَنَّهُ مِنْ الْبَيْتِ، بِدَلِيلِ مَا رَوَتْ عَائِشَةُ،، قَالَتْ: «سَأَلْت رَسُولَ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْحِجْرِ، فَقَالَ: هُوَ مِنْ الْبَيْتِ» . وَعَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ قَوْمَك اسْتَقْصَرُوا مِنْ بُنْيَانِ الْبَيْتِ، وَلَوْلَا حَدَاثَةُ عَهْدِهِمْ بِالشِّرْكِ، أَعَدْت مَا تَرَكُوا مِنْهَا، فَإِنْ بَدَا لِقَوْمِك
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute