للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَّا يَوْمًا قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ» . وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ: سَأَلْت جَابِرًا، «أَنْهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ؟ قَالَ: نَعَمْ.» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا.

وَعَنْ جُوَيْرِيَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ عَلَيْهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَهِيَ صَائِمَةٌ، فَقَالَ: «أَصُمْتِ أَمْسِ؟ قَالَتْ: لَا. قَالَ: أَتُرِيدِينَ أَنْ تَصُومِي غَدًا؟ قَالَتْ: لَا. قَالَ: فَأَفْطِرِي» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَفِيهِ أَحَادِيثُ سِوَى هَذِهِ، وَسُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحَقُّ أَنْ تُتَّبَعَ.

وَهَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَكْرُوهَ إفْرَادُهُ؛ لِأَنَّ نَهْيَهُ مُعَلَّلٌ بِكَوْنِهَا لَمْ تَصُمْ أُمْسِ وَلَا غَدًا (٢١٢٣)

فَصْلٌ: قَالَ أَصْحَابُنَا: يُكْرَهُ إفْرَادُ يَوْمِ السَّبْتِ بِالصَّوْمِ؛ لِمَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُسْرٍ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا تَصُومُوا يَوْمَ السَّبْتِ، إلَّا فِيمَا اُفْتُرِضَ عَلَيْكُمْ» . أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ.

وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ، عَنْ أُخْتِهِ الصَّمَّاءِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا تَصُومُوا يَوْمَ السَّبْتِ، إلَّا فِيمَا اُفْتُرِضَ عَلَيْكُمْ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدُكُمْ إلَّا لِحَاءَ عِنَبَةٍ، أَوْ عُودَ شَجَرَةٍ، فَلْيَمْضُغْهُ» . أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد. وَقَالَ: اسْمُ أُخْتِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ هُجَيْمَةُ، أَوْ جُهَيْمَةُ.

قَالَ الْأَثْرَمُ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: أَمَّا صِيَامُ يَوْمِ السَّبْتِ يُفْرَدُ بِهِ فَقَدْ جَاءَ فِيهِ حَدِيثُ الصَّمَّاءِ، وَكَانَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ يَتَّقِيه، أَيْ: أَنْ يُحَدِّثَنِي بِهِ، وَسَمِعْته مِنْ أَبِي عَاصِمٍ وَالْمَكْرُوهُ إفْرَادُهُ، فَإِنْ صَامَ مَعَهُ غَيْرَهُ؛ لَمْ يُكْرَهْ؛ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَجُوَيْرِيَةَ.

وَإِنْ وَافَقَ صَوْمًا لَإِنْسَانٍ، لَمْ يُكْرَهْ، لِمَا قَدَّمْنَاهُ. وَقَالَ أَصْحَابُنَا: وَيُكْرَهُ إفْرَادُ يَوْمِ النَّيْرُوزِ وَيَوْمِ الْمِهْرَجَانِ بِالصَّوْمِ؛ لِأَنَّهُمَا يَوْمَانِ يُعَظِّمُهُمَا الْكُفَّارُ، فَيَكُونُ تَخْصِيصُهُمَا بِالصِّيَامِ دُونَ غَيْرِهِمَا مُوَافَقَةً لَهُمْ فِي تَعْظِيمِهِمَا، فَكُرِهَ كَيَوْمِ السَّبْتِ. وَعَلَى قِيَاسِ هَذَا، كُلُّ عِيدٍ لِلْكُفَّارِ، أَوْ يَوْمٍ يُفْرِدُونَهُ بِالتَّعْظِيمِ.

[فَصْلُ إفْرَادُ رَجَبٍ بِالصَّوْمِ]

(٢١٢٤) فَصْلٌ: وَيُكْرَهُ إفْرَادُ رَجَبٍ بِالصَّوْمِ. قَالَ أَحْمَدُ: وَإِنْ صَامَهُ رَجُلٌ، أَفْطَرَ فِيهِ يَوْمًا أَوْ أَيَّامًا، بِقَدْرِ مَا لَا يَصُومُهُ كُلَّهُ. وَوَجْهُ ذَلِكَ، مَا رَوَى أَحْمَدُ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ خَرَشَةَ بْنِ الْحُرِّ، قَالَ: رَأَيْت عُمَرَ يَضْرِبُ أَكُفَّ الْمُتَرَجِّبِينَ، حَتَّى يَضَعُوهَا فِي الطَّعَامِ. وَيَقُولُ: كُلُوا، فَإِنَّمَا هُوَ شَهْرٌ كَانَتْ تُعَظِّمُهُ الْجَاهِلِيَّةُ. وَبِإِسْنَادِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>