غَائِبٌ. أُنْظِرَ ثَلَاثًا، فَإِنْ جَاءَ بِهِ، وَإِلَّا حَلَفَ السَّيِّدُ، ثُمَّ مَتَى جَاءَ شَاهِدُهُ، وَأَدَّى الشَّهَادَةَ، ثَبَتَتْ حُرِّيَّتُهُ. وَإِنْ جَاءَ بِشَاهِدٍ فَجُرِحَ فَقَالَ: لِي شَاهِدٌ غَائِبٌ عَدْلٌ. أُنْظِرَ ثَلَاثًا؛ لِمَا ذَكَرْنَا.
[فَصْلٌ أَقَرَّ السَّيِّدُ بِقَبْضِ مَالِ الْكِتَابَةِ]
(٨٧٩١) فَصْلٌ: وَإِنْ أَقَرَّ السَّيِّدُ بِقَبْضِ مَالِ الْكِتَابَةِ، عَتَقَ الْعَبْدُ، إذَا كَانَ مِمَّنْ يَصِحُّ إقْرَارُهُ. وَإِنْ أَقَرَّ بِذَلِكَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ، قُبِلَ؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ لِغَيْرِ وَارِثٍ، وَإِقْرَارُ الْمَرِيضِ لِغَيْرِ وَارِثِهِ مَقْبُولٌ. وَإِذَا قَالَ: اسْتَوْفَيْت كِتَابَتِي كُلَّهَا. عَتَقَ الْعَبْدُ. وَإِنْ قَالَ: اسْتَوْفَيْتهَا كُلَّهَا، إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَإِنْ شَاءَ زَيْدٌ. عَتَقَ، وَلَمْ يُؤَثِّرْ الِاسْتِثْنَاءُ؛ لِأَنَّ هَذَا الِاسْتِثْنَاءَ لَا مَدْخَلَ لَهُ فِي الْإِقْرَارِ. قَالَ أَحْمَدُ، فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ: إذَا قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ، إنْ شَاءَ اللَّهُ. كَانَ مُقِرًّا بِهَا.
وَلِأَنَّ هَذَا الِاسْتِثْنَاءَ تَعْلِيقٌ بِشَرْطِ، وَاَلَّذِي يَتَعَلَّقُ بِالشَّرْطِ إنَّمَا هُوَ الْمُسْتَقْبَلُ، وَأَمَّا الْمَاضِي، فَلَا يُمْكِنُ تَعْلِيقُهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ وَقَعَ عَلَى صِفَةٍ لَا يَتَغَيَّرُ عَنْهَا بِالشَّرْطِ، وَإِنَّمَا يَدُلُّ الشَّرْطُ فِيهِ عَلَى الشَّكِّ فِيهِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: اسْتَوْفَيْت كِتَابَتِي، وَأَنَا أَشُكُّ فِيهِ. فَيَلْغُو الشَّكُّ، وَيَثْبُتُ الْإِقْرَارُ. وَإِنْ قَالَ: اسْتَوْفَيْت آخِرَ كِتَابَتِي. وَقَالَ: إنَّمَا أَرَدْت أَنِّي اسْتَوْفَيْت النَّجْمَ الْآخِرَ دُونَ مَا قَبْلَهُ. وَادَّعَى الْعَبْدُ إقْرَارَهُ بِاسْتِيفَاءِ الْكُلِّ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ السَّيِّدِ؛ لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِمُرَادِهِ.
[فَصْلٌ أَبْرَأَهُ السَّيِّدُ مِنْ مَالِ الْكِتَابَةِ]
(٨٧٩٢) فَصْلٌ: وَإِذَا أَبْرَأَهُ السَّيِّدُ مِنْ مَالِ الْكِتَابَةِ، بَرِئَ، وَعَتَقَ؛ لِأَنَّ ذِمَّتَهُ خَلَتْ مِنْ مَالِ الْكِتَابَةِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَدَّاهُ. وَإِنْ أَبْرَأَهُ مِنْ بَعْضِهِ، بَرِئَ مِنْهُ وَكَانَ عَلَى الْكِتَابَةِ فِيمَا بَقِيَ؛ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ كَالْأَدَاءِ. وَإِنْ كَاتَبَهُ عَلَى دَنَانِيرَ، فَأَبْرَأَهُ مِنْ دَرَاهِمَ، أَوْ عَلَى دَرَاهِمَ، فَأَبْرَأَهُ مِنْ دَنَانِيرَ، لَمْ تَصِحّ الْبَرَاءَةُ؛ لِأَنَّهُ أَبْرَأَهُ مِمَّا لَا يَجِبُ لَهُ عَلَيْهِ، إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِقَدْرِ ذَلِكَ مِمَّا لِي عَلَيْك. فَإِنْ اخْتَلَفَا، فَقَالَ الْمُكَاتَبُ: إنَّمَا أَرَدْت مِنْ قِيمَةِ ذَلِكَ. وَقَالَ السَّيِّدُ: بَلْ ظَنَنْت أَنَّ لِي عَلَيْك النَّقْدَ الَّذِي أَبْرَأْتُك مِنْهُ، فَلَمْ تَقَعْ الْبَرَاءَةُ مَوْضِعَهَا. فَالْقَوْلُ قَوْلُ السَّيِّدِ، مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ اعْتَرَفَ بِنِيَّتِهِ.
وَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ، وَاخْتَلَفَ الْمُكَاتَبُ مَعَ وَرَثَتِهِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُمْ مَعَ أَيْمَانِهِمْ أَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ مَوْرُوثَهُمْ أَرَادَ ذَلِكَ. وَإِنْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ، وَاخْتَلَفَ وَرَثَتُهُ وَسَيِّدُهُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ السَّيِّدِ؛ لِمَا ذَكَرْنَا.
[مَسْأَلَةٌ الْمُكَاتَبُ إذَا لَزِمَتْهُ كَفَّارَةُ]
(٨٧٩٣) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: وَلَا يُكَفِّرُ الْمُكَاتَبُ بِغَيْرِ الصَّوْمِ وَجُمْلَتُهُ أَنَّ الْمُكَاتَبَ إذَا لَزِمَتْهُ كَفَّارَةُ ظِهَارٍ أَوْ جِمَاعٍ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ، أَوْ قَتْلٍ، أَوْ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، لَمْ يَكُنْ لَهُ التَّكْفِيرُ بِالْمَالِ؛ لِأَنَّهُ عَبْدٌ، وَلِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْمُعْسِرِ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا تَلْزَمُهُ زَكَاةُ، وَلَا نَفَقَةُ قَرِيبٍ، وَلَهُ أَخْذُ الزَّكَاةِ لِحَاجَتِهِ، وَكَفَّارَةُ الْعَبْدِ وَالْمُعْسِرِ الصِّيَامُ. وَإِنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي التَّكْفِيرِ بِالْمَالِ، جَازَ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ التَّبَرُّعِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute