قَطَعَ يَدَ عَبْدٍ، وَعَلَيْهِ نِصْفُ دِيَةِ حُرٍّ؛ لِأَنَّ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ حُرٌّ فِي حَالِ قَرَارِ الْجِنَايَةِ، وَعَلَى الثَّانِي الْقِصَاصُ فِي النَّفْسِ إذَا كَانَا عَمَدَا الْقَطْعَ؛ لِأَنَّهُ شَارَكَ فِي الْقَتْلِ عَمْدًا عُدْوَانًا، فَهُوَ كَشَرِيكِ الْأَبِ. وَيَتَخَرَّجُ أَنْ لَا قِصَاصَ عَلَيْهِ فِي النَّفْسِ؛ لِأَنَّ الرُّوحَ خَرَجَتْ مِنْ سِرَايَةِ قَطْعَيْنِ؛ مُوجِبٍ وَغَيْرِ مُوجِبٍ، بِنَاءً عَلَى شَرِيكِ الْأَبِ. وَإِنْ عَفَا عَنْهُ إلَى الدِّيَةِ، فَعَلَيْهِ نِصْفُ دِيَةِ حُرٍّ. وَإِنْ قُلْنَا بِوُجُوبِ الْقِصَاصِ فِي النَّفْسِ، خُرِّجَ فِي وُجُوبِهِ فِي الطَّرَفِ رِوَايَتَانِ، وَإِنْ قُلْنَا: لَا تَجِبُ فِي النَّفْسِ. وَجَبَ فِي الرِّجْلِ.
[فَصْلٌ قَلَعَ عَيْنَ عَبْدٍ ثُمَّ أُعْتِقَ ثُمَّ قَطَعَ آخَرُ يَدَهُ ثُمَّ قَطَعَ آخَرُ رِجْلَهُ]
(٦٦٦٨) فَصْلٌ: وَإِنْ قَلَعَ عَيْنَ عَبْدٍ، ثُمَّ أُعْتِقَ، ثُمَّ قَطَعَ آخَرُ يَدَهُ، ثُمَّ قَطَعَ آخَرُ رِجْلَهُ، فَلَا قَوَدَ عَلَى الْأَوَّلِ، سَوَاءٌ انْدَمَلَ جُرْحُهُ أَوْ سَرَى، وَأَمَّا الْآخَرَانِ، فَعَلَيْهِمَا الْقَوَدُ فِي الطَّرَفَيْنِ إنْ وَقَفَ قَطْعُهُمَا، أَوْ دِيَتُهُمَا إنْ عَفَا عَنْهُمَا. وَإِنْ سَرَتْ الْجِرَاحَاتُ كُلُّهَا، فَعَلَيْهِمَا الْقِصَاصُ فِي النَّفْسِ؛ لِأَنَّ جِنَايَتَهُمَا صَارَتْ نَفْسًا. وَفِي ذَلِكَ وَفِي الْقِصَاصِ فِي الطَّرَفِ اخْتِلَافٌ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ، وَإِنْ عَفَا عَنْهُمَا، فَعَلَيْهِمْ الدِّيَةُ أَثْلَاثًا، وَفِيمَا يَسْتَحِقُّهُ السَّيِّدُ وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا: أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ نِصْفِ الْقِيمَةِ أَوْ ثُلُثِ الدِّيَةِ. هَذَا قِيَاسُ قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ؛ لِأَنَّهُ بِالْقَطْعِ اسْتَحَقَّ نِصْفَ الْقِيمَةِ، فَإِذَا صَارَتْ نَفْسًا، وَجَبَ فِيهَا ثُلُثُ الدِّيَةِ، فَكَانَ لَهُ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ. وَالثَّانِي: لَهُ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ ثُلُثِ الْقِيمَةِ أَوْ ثُلُثِ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ إذَا صَارَتْ نَفْسًا، كَانَ الِاعْتِبَارُ بِمَا آلَتْ إلَيْهِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ جَنَى الْجَانِيَانِ الْآخَرَانِ قَبْلَ الْعِتْقِ أَيْضًا، لَمْ يَكُنْ عَلَى الْأَوَّلِ إلَّا ثُلُثُ الْقِيمَةِ، فَلَا يَزِيدُ حَقُّهُ بِالْعِتْقِ، كَمَا لَوْ قَلَعَ رَجُلٌ عَيْنَهُ، ثُمَّ بَاعَهُ سَيِّدُهُ، ثُمَّ قَطَعَ آخَرُ يَدَهُ، وَآخَرُ رِجْلَهُ، ثُمَّ مَاتَ، فَإِنَّهُ يَكُونُ لِلْأَوَّلِ ثُلُثُ الْقِيمَةِ.
وَإِنْ كَانَ أَرْشُ الْجِنَايَةِ نِصْفَ الْقِيمَةِ، فَإِذَا قُلْنَا بِالْوَجْهِ الْأَوَّلِ، فَلَوْ كَانَ الْأَوَّلُ قَطَعَ إصْبَعَيْهِ، أَوْ هَشَّمَهُ، وَالْجَانِيَانِ فِي الْحُرِّيَّةِ قَطَعَا يَدَهُ، فَالدِّيَةُ عَلَيْهِمْ أَثْلَاثًا، لِلسَّيِّدِ مِنْهَا أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ أَرْشِ الْإِصْبَعِ وَهُوَ عُشْرُ الْقِيمَةِ أَوْ ثُلُثِ الدِّيَةِ. وَلَوْ كَانَ الْجَانِي فِي حَالِ الرِّقِّ قَطَعَ يَدَيْهِ، وَالْجَانِيَانِ فِي الْحُرِّيَّةِ قَطَعَا رِجْلَيْهِ، وَجَبَتْ الدِّيَةُ أَثْلَاثًا، وَكَانَ لِلسَّيِّدِ مِنْهَا أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ جَمِيعِ قِيمَتِهِ أَوْ ثُلُثِ الدِّيَةِ. وَعَلَى الْوَجْهِ الْآخَرِ، يَكُونُ لَهُ فِي الْفَرْعَيْنِ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ ثُلُثِ الْقِيمَةِ أَوْ ثُلُثِ الدِّيَةِ. (٦٦٦٩) فَصْلٌ: فَإِنْ كَانَ الْجَانِيَانِ فِي حَالِ الرِّقِّ، وَالْوَاحِدُ فِي حَالِ الْحُرِّيَّةِ، فَمَاتَ، فَعَلَيْهِمْ الدِّيَةُ، وَلِلسَّيِّدِ مِنْ ذَلِكَ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute