وَفِي لَفْظٍ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إنِّي كُنْت أَذِنْت لَكُمْ فِي الِاسْتِمْتَاعِ، أَلَا وَإِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَهَا إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» .
وَرُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ يَوْمَ خَيْبَرَ، وَعَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ.» رَوَاهُ مَالِكٌ، فِي (الْمُوَطَّأِ) وَأَخْرَجَهُ الْأَئِمَّةُ النَّسَائِيّ وَغَيْرُهُ
وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ هَذَيْنِ الْخَبَرَيْنِ، فَقَالَ قَوْمُ: فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ، وَتَقْدِيرُهُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ يَوْمَ خَيْبَرَ، وَنَهَى عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ، وَلَمْ يَذْكُرْ مِيقَاتَ النَّهْيِ عَنْهَا، وَقَدْ بَيَّنَهُ الرَّبِيعُ بْنُ سَبْرَةَ فِي حَدِيثِهِ، أَنَّهُ كَانَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ. حَكَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ قَوْمٍ، وَذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا أَعْلَمُ شَيْئًا أَحَلَّهُ اللَّهِ ثُمَّ حَرَّمَهُ، ثُمَّ أَحَلَّهُ ثُمَّ حَرَّمَهُ، إلَّا الْمُتْعَةَ. فَحَمَلَ الْأَمْرَ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَرَّمَهَا يَوْمَ خَيْبَرَ، ثُمَّ أَحَلَّهَا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، ثُمَّ حَرَّمَهَا، وَلِأَنَّهُ لَا تَتَعَلَّقُ بِهِ أَحْكَامُ النِّكَاحِ، مِنْ الطَّلَاقِ، وَالظِّهَارِ، وَاللِّعَانِ، وَالتَّوَارُثِ، فَكَانَ بَاطِلًا، كَسَائِرِ الْأَنْكِحَةِ الْبَاطِلَةِ. وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَدْ حُكِيَ عَنْهُ الرُّجُوعُ عَنْهُ، فَرَوَى أَبُو بَكْرٍ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: قُلْت لِابْنِ عَبَّاسٍ: لَقَدْ كَثُرَتْ الْقَالَةُ فِي الْمُتْعَةِ، حَتَّى قَالَ فِيهَا الشَّاعِرُ:
أَقُولُ وَقَدْ طَالَ الثَّوَاءُ بِنَا مَعًا ... يَا صَاحِ هَلْ لَك فِي فُتْيَا ابْنِ عَبَّاسِ
هَلْ لَك فِي رُخْصَةِ الْأَطْرَافِ آنِسَةٌ ... تَكُونُ مَثْوَاك حَتَّى مَصْدَرِ النَّاسِ
فَقَامَ خَطِيبًا، وَقَالَ: إنَّ الْمُتْعَةَ كَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ. فَأَمَّا إذْنُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهَا فَقَدْ ثَبَتَ نَسْخُهُ.
وَأَمَّا حَدِيثُ عُمَرَ إنْ صَحَّ عَنْهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنَّمَا قَصَدَ الْإِخْبَارَ عَنْ تَحْرِيمِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهَا، وَنَهْيِهِ عَنْهَا، إذْ لَا يَجُوزُ أَنْ يَنْهَى عَمَّا كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَاحَهُ، وَبَقِيَ عَلَى إبَاحَتِهِ.
[فَصْلٌ تَزَوَّجَهَا بِغَيْرِ شَرْطٍ إلَّا أَنَّ فِي نِيَّتِهِ طَلَاقَهَا]
(٥٤٨٩) فَصْلٌ: وَإِنْ تَزَوَّجَهَا بِغَيْرِ شَرْطٍ، إلَّا أَنَّ فِي نِيَّتِهِ طَلَاقَهَا بَعْدَ شَهْرٍ، أَوْ إذَا انْقَضَتْ حَاجَتُهُ فِي هَذَا الْبَلَدِ، فَالنِّكَاحُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute