للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْل شَهِدَا بِطَلَاقِ امْرَأَةٍ تَبِينُ بِهِ فَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِالْفُرْقَةِ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ الشَّهَادَةِ]

(٨٤٥٨) فَصْلٌ: وَإِنْ شَهِدَا بِطَلَاقِ امْرَأَةٍ تَبِينُ بِهِ، فَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِالْفُرْقَةِ، ثُمَّ رَجَعَا عَنْ الشَّهَادَةِ، وَكَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ، فَالْوَاجِبُ عَلَيْهِمَا نِصْفُ الْمُسَمَّى. وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ، فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ: يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُمَا أَتْلَفَا عَلَيْهِ الْبُضْعَ، فَلَزِمَهُمَا عِوَضُهُ، وَهُوَ مَهْرُ الْمِثْلِ. وَفِي الْقَوْلِ الْآخَرِ، لَزِمَهُمَا نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا مَلَكَ نِصْفَ الْبُضْعِ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ عَلَيْهِ نِصْفُ الْمَهْرِ. وَلَنَا أَنَّ خُرُوجَ الْبُضْعَ مِنْ مِلْكِ الزَّوْجِ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ؛ بِدَلِيلِ مَا لَوْ أَخْرَجَتْهُ مِنْ مِلْكِهِ بِرِدَّتِهَا، أَوْ إسْلَامِهَا، أَوْ قَتْلِهَا نَفْسَهَا، فَإِنَّهَا لَا تَضْمَنُ شَيْئًا. وَلَوْ فَسَخَتْ نِكَاحَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ، بِرَضَاعِ مَنْ يَنْفَسِخُ بِهِ نِكَاحُهَا، لَمْ يَغْرَمْ شَيْئًا، وَإِنَّمَا وَجَبَ عَلَيْهِمَا نِصْفُ الْمُسَمَّى؛ لِأَنَّهُمَا أَلْزَمَاهُ لِلزَّوْجِ بِشَهَادَتِهِمَا، وَقَرَارِهِ عَلَيْهِ، فَرَجَعَ عَلَيْهِمَا، كَمَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى مِنْ فَسَخَ نِكَاحَهُ بِرَضَاعٍ أَوْ غَيْرِهِ.

وَقَوْلُهُ: إنَّهُ مَلَكَ نِصْفَ الْبُضْعِ. غَيْرُ صَحِيحٍ؛ فَإِنَّ الْبُضْعَ لَا يَجُوزُ تَمْلِيكُ نِصْفِهِ، وَلِأَنَّ الْعَقْدَ وَرَدَ عَلَى جَمِيعِهِ، وَالصَّدَاقَ وَاجِبٌ جَمِيعُهُ، وَلِهَذَا تَمْلِكُهُ الْمَرْأَةُ إذَا قَبَضَتْهُ، وَنَمَاؤُهُ لَهَا، وَتَمْلِكُ طَلَبَهُ إذَا لَمْ تَقْبِضْهُ، وَإِنَّمَا يَسْقُطُ نِصْفُهُ بِالطَّلَاقِ. وَأَمَّا إنْ كَانَ الْحُكْمُ بِالْفُرْقَةِ بَعْدَ الدُّخُولِ، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمَا. وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَعَنْ أَحْمَدَ، رِوَايَةٌ أُخْرَى، عَلَيْهِمَا ضَمَانُ الْمُسَمَّى فِي الصَّدَاقِ؛ لِأَنَّهُمَا فَوَّتَا عَلَيْهِ نِكَاحًا وَجَبَ عَلَيْهِ بِهِ عِوَضٌ، فَكَانَ عَلَيْهِمَا ضَمَانُ مَا وَجَبَ بِهِ كَمَا لَوْ شَهِدَا بِذَلِكَ قَبْلَ الدُّخُولِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَلْزَمُهُمَا لَهُ مَهْرُ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُمَا أَتْلَفَا الْبُضْعَ عَلَيْهِ. وَقَدْ سَبَقَ الْكَلَامُ مَعَهُ فِي هَذَا، وَلَا يَصِحُّ الْقِيَاسُ عَلَى مَا قَبْلَ الدُّخُولِ؛ لِأَنَّهُمَا قَرَّرَا عَلَيْهِ نِصْفَ الْمُسَمَّى، وَكَانَ بِعَرَضِ السُّقُوطِ، وَهَا هُنَا قَدْ تَقَرَّرَ الْمَهْرُ كُلُّهُ بِالدُّخُولِ، فَلَمْ يُقَرِّرَا عَلَيْهِ شَيْئًا وَلَمْ يُخْرِجَا مِنْ مِلْكِهِ مُتَقَوِّمًا، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَخْرَجَاهُ مِنْ مِلْكِهِ بِقَتْلِهَا، أَوْ أَخْرَجَتْهُ هِيَ بِرِدَّتِهَا.

[فَصْل شَهِدَا عَلَى امْرَأَةٍ بِنِكَاحِ فَحَكَمَ بِهِ الْحَاكِمُ ثُمَّ رَجَعَا]

فَصْلٌ: وَإِنْ شَهِدَا عَلَى امْرَأَةٍ بِنِكَاحٍ، فَحَكَمَ بِهِ الْحَاكِمُ، ثُمَّ رَجَعَا، نَظَرْت؛ فَإِنْ طَلَّقَهَا الزَّوْجُ قَبْلَ دُخُولِهِ بِهَا، لَمْ يَغْرَمَا شَيْئًا؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يُفَوِّتَا عَلَيْهَا شَيْئًا. وَإِنْ دَخَلَ بِهَا، وَكَانَ الصَّدَاقُ الْمُسَمَّى بِقَدْرِ مَهْرِ الْمِثْلِ، أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ، وَوَصَلَ إلَيْهَا، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّهَا أَخَذَتْ عِوَضَ مَا فَوَّتَاهُ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَ دُونَهُ، فَعَلَيْهِمَا مَا بَيْنَهُمَا، وَإِنْ لَمْ يَصِلْ إلَيْهِمَا، فَعَلَيْهِمَا ضَمَانُ مَهْرِ مِثْلِهَا؛ لِأَنَّهُ عِوَضُ مَا فَوَّتَاهُ عَلَيْهَا.

[فَصْل شَهِدَا بِكِتَابَةِ عَبْدِهِ ثُمَّ رَجَعَا]

(٨٤٦٠) فَصْلٌ: وَإِنْ شَهِدَا بِكِتَابَةِ عَبْدِهِ، ثُمَّ رَجَعَا، نَظَرْت؛ فَإِنْ عَجَزَ، وَرُدَّ فِي الرِّقِّ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا. وَإِنْ أَدَّى، وَعَتَقَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>