للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(١١٠٨) فَصْلٌ: وَإِنْ قَرَأَهُ فِي ثَلَاثٍ فَحَسَنٌ؛ لِمَا رُوِيَ «عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قُلْت لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّ بِي قُوَّةً قَالَ: اقْرَأْهُ فِي ثَلَاثٍ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فَإِنْ قَرَأَهُ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ، فَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ: أَكْرَهُ أَنْ يَقْرَأَهُ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ.

وَذَلِكَ لِمَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يَفْقَهُ مَنْ قَرَأَهُ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ» ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مُقَدَّرٍ وَهُوَ عَلَى حَسَبِ مَا يَجِدُ مِنْ النَّشَاطِ وَالْقُوَّةِ؛ لِأَنَّ عُثْمَانَ كَانَ يَخْتِمُهُ فِي لَيْلَةٍ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ السَّلَفِ.

وَالتَّرْتِيلُ أَفْضَلُ مِنْ قِرَاءَةِ الْكَثِيرِ مَعَ الْعَجَلَةِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلا} [المزمل: ٤] . وَعَنْ عَائِشَةَ «أَنَّهَا قَالَتْ: وَلَا أَعْلَمُ نَبِيَّ اللَّهِ قَرَأَ الْقُرْآنَ كُلَّهُ فِي لَيْلَةٍ» ، وَعَنْهَا قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ» . رَوَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ، فِي " فَضَائِلِ الْقُرْآنِ " وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ، فَهَذُّهُ كَهَذِّ الشِّعْرِ، وَنَثْرٌ كَنَثْرِ الدَّقَلِ.

[فَصْلٌ الْقِرَاءَةَ بِالْأَلْحَانِ]

(١١٠٩) فَصْلٌ: كَرِهَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقِرَاءَةَ بِالْأَلْحَانِ، وَقَالَ: هِيَ بِدْعَةٌ؛ وَذَلِكَ لِمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ ذَكَرَ فِي أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يُتَّخَذَ الْقُرْآنُ مَزَامِيرَ، يُقَدِّمُونَ أَحَدَهُمْ لَيْسَ بِأَقْرَئِهِمْ وَلَا أَفْضَلِهِمْ إلَّا لِيُغَنِّيَهُمْ غِنَاءً» وَلِأَنَّ الْقُرْآنَ مُعْجِزٌ فِي لَفْظِهِ وَنَظْمِهِ، وَالْأَلْحَانُ تُغَيِّرُهُ. وَكَلَامُ أَحْمَدَ فِي هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى الْإِفْرَاطِ فِي ذَلِكَ، بِحَيْثُ يَجْعَلُ الْحَرَكَاتِ حُرُوفًا، وَيَمُدُّ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ، فَأَمَّا تَحْسِينُ الْقِرَاءَةِ وَالتَّرْجِيعُ فَغَيْرُ مَكْرُوهٍ؛ فَإِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْمُغَفَّلِ قَالَ: «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ يَقْرَأُ سُورَةَ الْفَتْحِ. قَالَ: فَقَرَأَ ابْنُ الْمُغَفَّلِ، فَرَجَّعَ فِي قِرَاءَتِهِ. وَفِي لَفْظٍ قَالَ: قَرَأَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَامَ الْفَتْحِ فِي مَسِيرٍ لَهُ سُورَةَ الْفَتْحِ عَلَى رَاحِلَتِهِ، فَرَجَّعَ فِي قِرَاءَتِهِ» قَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ: لَوْلَا أَنِّي أَخَافُ أَنْ تَجْتَمِعَ عَلَيَّ النَّاسُ لَحَكَيْتُ لَكُمْ قِرَاءَتَهُ. . رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ.

وَفِي بَعْضِ الْأَلْفَاظِ فَقَالَ: " أأ أ ". وَرَوَى أَبُو

<<  <  ج: ص:  >  >>