مَتَاعَهُ فِي الْمَسْجِدِ، فَسُرِقَ، فَإِنْ كَانَ قَدْ فَرَّطَ فِي مُرَاعَاتِهِ وَنَظَرِهِ إلَيْهِ، فَعَلَيْهِ الْغُرْمُ إذَا كَانَ الْتَزَمَ حِفْظَهُ، وَأَجَابَهُ إلَى مَا سَأَلَهُ، وَإِنْ لَمْ يُجِبْهُ، لَكِنْ سَكَتَ، لَمْ يَلْزَمْهُ غُرْمٌ؛ لِأَنَّهُ مَا قَبِلَ الِاسْتِيدَاعَ، وَلَا قَبَضَ الْمَتَاعَ، وَلَا قَطْعَ عَلَى السَّارِقِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُحْرَزٍ.
وَإِنْ حَفِظَ الْمَتَاعَ بِنَظَرِهِ إلَيْهِ، وَقُرْبِهِ مِنْهُ، فَسُرِقَ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ، وَعَلَى السَّارِقِ الْقَطْعُ؛ لِأَنَّهُ سَرَقَ مِنْ حِرْزٍ. وَيُفَارِقُ الْمَتَاعَ فِي الْحَمَّامِ، فَإِنَّ الْحِفْظَ فِيهِ غَيْرُ مُمْكِنٍ؛ لِأَنَّ النَّاسَ يَضَعُ بَعْضُهُمْ ثِيَابَهُ عِنْدَ ثِيَابِ بَعْضٍ وَيَشْتَبِهُ عَلَى الْحَمَّامِيِّ صَاحِبُ الثِّيَابِ، فَلَا يُمْكِنُهُ مَنْعُ أَخْذِهَا؛ لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِمَالِكِهَا.
[فَصْلٌ حِرْزُ حَائِطِ الدَّارِ]
(٧٢٦٢) فَصْلٌ: وَحِرْزُ حَائِطِ الدَّارِ كَوْنُهُ مَبْنِيًّا فِيهَا، إذَا كَانَتْ فِي الْعُمْرَانِ، أَوْ كَانَتْ فِي الصَّحْرَاءِ وَفِيهَا حَافِظٌ، فَإِنْ أَخَذَ مِنْ أَجْزَاءِ الْحَائِطِ أَوْ خَشَبِهِ نِصَابًا فِي هَذِهِ الْحَالِ، وَجَبَ قَطْعُهُ؛ لِأَنَّ الْحَائِطَ حِرْزٌ لِغَيْرِهِ، فَيَكُونُ حِرْزًا لِنَفْسِهِ. وَإِنْ هَدَمَ الْحَائِطَ وَلَمْ يَأْخُذْهُ، فَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ فِيهِ، كَمَا لَوْ أَتْلَفَ الْمَتَاعَ فِي الْحِرْزِ وَلَمْ يَسْرِقْهُ. وَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ بِحَيْثُ لَا تَكُونُ حِرْزًا لِمَا فِيهَا، كَدَارٍ فِي الصَّحْرَاءِ، لَا حَافِظَ فِيهَا، فَلَا قَطْعَ عَلَى مَنْ أَخَذَ مِنْ حَائِطِهَا شَيْئًا؛ لِأَنَّهَا إذَا لَمْ تَكُنْ حِرْزًا لِمَا فِيهَا، فَلِنَفْسِهَا أَوْلَى.
وَأَمَّا بَابُ الدَّارِ: فَإِنْ كَانَ مَنْصُوبًا فِي مَكَانِهِ، فَهُوَ مُحْرَزٌ، سَوَاءٌ كَانَ مُغْلَقًا أَوْ مَفْتُوحًا؛ لِأَنَّهُ هَكَذَا يُحْفَظُ، وَعَلَى سَارِقِهِ الْقَطْعُ إذَا كَانَتْ الدَّارُ مُحْرَزَةً بِمَا ذَكَرْنَاهُ. وَأَمَّا أَبْوَابُ الْخَزَائِنِ فِي الدَّارِ، فَإِنْ كَانَ بَابُ الدَّارِ مُغْلَقًا، فَهِيَ مُحْرَزَةٌ، سَوَاءٌ كَانَتْ مَفْتُوحَةً أَوْ مُغْلَقَةً، وَإِنْ كَانَ مَفْتُوحًا، لَمْ تَكُنْ مُحْرَزَةً، إلَّا أَنْ تَكُونَ مُغْلَقَةً، أَوْ يَكُونَ فِي الدَّارِ حَافِظٌ.
وَالْفَرْقُ بَيْنَ بَابِ الدَّارِ وَبَابِ الْخِزَانَةِ، أَنَّ أَبْوَابَ الْخَزَائِنِ تُحْرَزُ بِبَابِ الدَّارِ، وَبَابُ الدَّارِ لَا يُحْرَزُ إلَّا بِنَصْبِهِ، وَلَا يُحْرَزُ بِغَيْرِهِ. وَأَمَّا حَلْقَةُ الْبَابِ: فَإِنْ كَانَتْ مَسْمُورَةً، فَهِيَ مُحْرَزَةٌ، وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّهَا تُحْرَزُ بِتَسْمِيرِهَا.
[فَصْلٌ سَرَقَ بَابَ مَسْجِدٍ مَنْصُوبًا أَوْ بَابَ الْكَعْبَةِ الْمَنْصُوبَ أَوْ سَرَقَ مِنْ سَقْفِهِ شَيْئًا أَوْ تَأْزِيرِهِ]
(٧٢٦٣) فَصْلٌ: وَإِنْ سَرَقَ بَابَ مَسْجِدٍ مَنْصُوبًا، أَوْ بَابَ الْكَعْبَةِ الْمَنْصُوبَ، أَوْ سَرَقَ مِنْ سَقْفِهِ شَيْئًا، أَوْ تَأْزِيرِهِ، فَفِيهِ وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا: عَلَيْهِ الْقَطْعُ. وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَابْنِ الْقَاسِمِ، صَاحِبِ مَالِكٍ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَابْنِ الْمُنْذِرِ؛ لِأَنَّهُ سَرَقَ نِصَابًا مُحْرَزًا يُحْرَزُ مِثْلُهُ، لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهِ، فَلَزِمَهُ الْقَطْعُ، كَبَابِ بَيْتِ الْآدَمِيِّ. وَالثَّانِي: لَا قَطْعَ عَلَيْهِ. وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ؛ لِأَنَّهُ لَا مَالِكَ لَهُ مِنْ الْمَخْلُوقِينَ، فَلَا يُقْطَعُ فِيهِ، كَحُصْرِ الْمَسْجِدِ وَقَنَادِيلِهِ، فَإِنَّهُ لَا يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ ذَلِكَ، وَجْهًا وَاحِدًا؛ لِكَوْنِهِ مِمَّا يَنْتَفِعُ بِهِ، فَيَكُونُ لَهُ فِيهِ شُبْهَةٌ، فَلَمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute