[فَصْل وَجَدَ فِي دَار الْحَرْب رِكَازًا]
(٧٥٥١) فَصْلٌ: وَإِنْ وَجَدَ فِي أَرْضِهِمْ رِكَازًا، فَإِنْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ يَقْدِرُ عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ، فَهُوَ كَمَا لَوْ وَجَدَهُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، فِيهِ الْخُمْسُ، وَبَاقِيه لَهُ، وَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ بِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ، فَهُوَ غَنِيمَةٌ. وَنَحْوُ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَاللَّيْثِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إنْ وَجَدَهُ فِي مَوَاتِهِمْ، فَهُوَ كَمَا لَوْ وَجَدَهُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ. وَلَنَا؛ مَا رَوَى عَاصِمُ بْنُ كُلَيْبٍ، عَنْ أَبِي الْجُوَيْرِيَّةِ الْحَرَمِيِّ، قَالَ: أَصَبْت بِأَرْضِ الرُّومِ جَرَّةً حَمْرَاءَ، فِيهَا دَنَانِيرُ، فِي إمْرَةِ مُعَاوِيَةَ، وَعَلَيْنَا مَعْنُ بْنُ يَزِيدَ السُّلَمِيُّ، فَأَتَيْته بِهَا، فَقَسَمَهَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَأَعْطَانِي مِثْلَ مَا أَعْطَى رَجُلًا مِنْهُمْ، ثُمَّ قَالَ: لَوْلَا أَنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «لَا نَفْلَ إلَّا بَعْدَ الْخُمْسِ» . لَأَعْطَيْتُك. ثُمَّ أَخَذَ يَعْرِضُ عَلَيَّ مِنْ نَصِيبِهِ، فَأَبَيْت. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد.
وَلِأَنَّهُ مَالُ مُشْرِكٍ، ظَهَرَ عَلَيْهِ بِقُوَّةِ جَيْشِ الْمُسْلِمِينَ، فَكَانَ غَنِيمَةً، كَأَمْوَالِهِمْ الظَّاهِرَةِ.
[فَصْلٌ قَوْم يَكُونُونَ فِي حِصْنٍ أَوْ رِبَاطٍ فَيَخْرُجُ مِنْهُمْ قَوْمٌ إلَى قِتَالهمْ فَيُصِيبُونَ دَوَابَّ أَوْ سِلَاحًا]
(٧٥٥٢) فَصْلٌ: وَسُئِلَ أَحْمَدُ، عَنْ الدَّابَّةِ تَخْرُجُ مِنْ بَلَدِ الرُّومِ، أَوْ تَنْفَلِتُ، فَتَدْخُلُ الْقَرْيَةَ، وَعَنْ الْقَوْمِ يَضِلُّونَ عَنْ الطَّرِيقِ، فَيَدْخُلُونَ الْقَرْيَةَ مِنْ قُرَى الْمُسْلِمِينَ، فَيَأْخُذُونَهُمْ؟ فَقَالَ يَكُونُونَ لِأَهْلِ الْقَرْيَةِ كُلِّهِمْ، يَتَقَاسَمُونَهُمْ. وَسُئِلَ عَنْ قَوْمٍ يَكُونُونَ فِي حِصْنٍ أَوْ رِبَاطٍ، فَيَخْرُجُ مِنْهُمْ قَوْمٌ إلَى قِتَالِهِمْ، فَيُصِيبُونَ دَوَابَّ أَوْ سِلَاحًا؟ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: تَكُونُ بَيْنَ أَهْلِ الرِّبَاطِ وَأَهْلِ الْحَضْرَةِ مِنْ الْقَرْيَةِ.
وَسُئِلَ عَنْ مَرْكَبٍ بَعَثَ بِهِ مَلِكُ الرُّومِ، فِيهِ رِجَالُهُ، فَطَرَحَتْهُ الرِّيحُ إلَى طَرْطُوسَ، فَخَرَجَ إلَيْهِ أَهْلُ طَرْطُوس، فَقَتَلُوا الرِّجَالَ، وَأَخَذُوا الْأَمْوَالَ؟ فَقَالَ: هَذَا فَيْءٌ الْمُسْلِمِينَ، مِمَّا أَفَاءُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: هُوَ لِمَنْ غَنِمَهُ، وَفِيهِ الْخُمْسُ. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: مَنْ ضَلَّ الطَّرِيقَ مِنْهُمْ، أَوْ حَمَلَتْهُ الرِّيحُ إلَيْنَا، فَهُوَ لِمَنْ أَخَذَهُ. فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ مَتَاعٌ أَخَذَهُ أَحَدُ الْمُسْلِمِينَ بِغَيْرِ قُوَّةِ مُسْلِمٍ، فَكَانَ لَهُ، كَالْحَطَبِ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ، يَكُونُ فَيْئًا.
فَصْلٌ: وَمَنْ وَجَدَ فِي دَارِهِمْ لُقَطَةً، فَإِنْ كَانَتْ مِنْ مَتَاعِ الْمُسْلِمِينَ، فَهِيَ لُقَطَةٌ يُعَرِّفُهَا سَنَةً ثُمَّ يَمْلِكُهَا، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ مَتَاعِ الْمُشْرِكِينَ، فَهِيَ غَنِيمَةٌ، وَإِنْ احْتَمَلَ الْأَمْرَيْنِ، عَرَّفَهَا حَوْلًا، ثُمَّ جَعَلَهَا فِي الْغَنِيمَةِ، نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ. وَيُعَرِّفُهَا فِي بَلَدِ الْمُسْلِمِينَ، لِأَنَّهَا تَحْتَمِلُ الْأَمْرَيْنِ، فَغُلِّبَ فِيهَا حُكْمُ مَالِ الْمُسْلِمِينَ فِي التَّعْرِيفِ، وَحُكْمُ مَالِ أَهْلِ الْحَرْبِ فِي كَوْنِهَا غَنِيمَةً احْتِيَاطًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute