أَوْ ظَهْرَهُ، أَوْ بَطْنَهُ، أَوْ جَسَدَهُ، أَوْ نَفْسَهُ، أَوْ فَرْجَهُ، عَتَقَ كُلُّهُ؛ لِأَنَّ حَيَاتَهُ لَا تَبْقَى بِدُونِ ذَلِكَ، وَإِنْ أَعْتَقَ يَدَهُ، أَوْ عُضْوًا تَبْقَى حَيَاتُهُ بِدُونِهِ، لَمْ يَعْتِقْ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ إزَالَةُ ذَلِكَ مَعَ بَقَائِهِ، فَلَمْ يَعْتِقْ بِإِعْتَاقِهِ، كَشَعْرِهِ، أَوْ سِنِّهِ. وَلَنَا أَنَّهُ أَعْتَقَ عُضْوًا مِنْ أَعْضَائِهِ، فَيَعْتِقُ جَمِيعُهُ، كَرَأْسِهِ، فَأَمَّا إذَا أَعْتَقَ شَعَرَهُ، أَوْ سِنَّهُ، أَوْ ظُفُرَهُ، لَمْ يَعْتِقْ. وَقَالَ قَتَادَةُ، وَاللَّيْثُ، فِي الرَّجُلِ يُعْتِقُ ظُفُرَ عَبْدِهِ: يَعْتِقُ كُلُّهُ؛ لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْ أَجْزَائِهِ أَشْبَهَ أُصْبُعَهُ.
وَلَنَا أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ تَزُولُ، وَيَخْرُجُ غَيْرُهَا، فَأَشْبَهَتْ الشَّعْرَ، وَالرِّيقَ، وَقَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الطَّلَاقِ، وَمَا ذَكَرَ فِي الطَّلَاقِ فَالْعَتَاقُ مِثْلُهُ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَةٌ كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ فَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّ شَرِيكَهُ أَعْتَقَ حَقَّهُ مِنْهُ]
(٨٥٨٩) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ، فَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّ شَرِيكَهُ أَعْتَقَ حَقَّهُ مِنْهُ، فَإِنْ كَانَا مُعْسِرَيْنِ، لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى شَرِيكِهِ، فَإِنْ كَانَا عَدْلَيْنِ، كَانَ لِلْعَبْدِ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَيَصِيرَ حُرًّا، أَوْ يَحْلِفَ مَعَ أَحَدِهِمَا، وَيَصِيرَ نِصْفُهُ حُرًّا) أَمَّا إذَا كَانَ الشَّرِيكَانِ مُعْسِرَيْنِ، فَلَيْسَ فِي دَعْوَى أَحَدِهِمَا عَلَى صَاحِبِهِ إعْتَاقُ نَصِيبِهِ اعْتِرَافٌ بِحُرِّيَّةِ نَصِيبِهِ، وَلَا ادِّعَاءَ لِاسْتِحْقَاقِ قِيمَتِهِ عَلَى الْمُعْتِقِ؛ لِكَوْنِ عِتْقِ الْمُعْسِرِ يَقِفُ عَلَى نَصِيبِهِ، وَلَا يَسْرِي إلَى غَيْرِهِ، فَلَمْ يَكُنْ فِي دَعْوَاهُ أَكْثَرُ مِنْ أَنَّهُ شَاهِدٌ عَلَى صَاحِبِهِ بِإِعْتَاقِ نَصِيبِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُونَا عَدْلَيْنِ فَلَا أَثَرَ لِكَلَامِهِمَا فِي الْحَالِ، وَلَا عِبْرَةَ بِقَوْلِهِمَا؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْعَدْلِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ، وَإِنْ كَانَا عَدْلَيْنِ، فَشَهَادَتُهُمَا مَقْبُولَةٌ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَا يَجُرُّ إلَى نَفْسِهِ بِشَهَادَتِهِ نَفْعًا، وَلَا يَدْفَعُ بِهَا ضَرَرًا، وَقَدْ حَصَلَ لِلْعَبْدِ بِحُرِّيَّةِ كُلِّ نِصْفٍ مِنْهُ شَاهِدُ عَدْلٍ، فَإِنْ حَلَفَ مَعَهُمَا، عَتَقَ كُلُّهُ، وَإِنْ حَلَفَ مَعَ أَحَدِهِمَا صَارَ نِصْفُهُ حُرًّا. عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي تَقُولُ: إنَّ الْعِتْقَ يَحْصُلُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ.
وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ مَعَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، لَمْ يَعْتِقْ مِنْهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ لَا يَحْصُلُ بِشَاهِدٍ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ. بِلَا خِلَافٍ نَعْلَمُهُ. وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا عَدْلًا دُونَ الْآخَرِ، فَلَهُ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ شَهَادَةِ الْعَدْلِ، وَيَصِيرَ نِصْفُهُ حُرًّا، وَيَبْقَى نِصْفُهُ الْآخَرُ رَقِيقًا. (٨٥٩٠) فَصْلٌ: وَمَنْ قَالَ بِالِاسْتِسْعَاءِ، فَقَدْ اعْتَرَفَ بِأَنَّ نَصِيبَهُ قَدْ خَرَجَ عَنْ يَدِهِ، فَيَخْرُجُ الْعَبْدُ كُلُّهُ، وَيُسْتَسْعَى فِي قِيمَتِهِ؛ لِاعْتِرَافِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِذَلِكَ فِي نَصِيبِهِ.
[فَصْلٌ اشْتَرَى أَحَدُهُمَا نَصِيبَ صَاحِبِهِ عَتَقَ عَلَيْهِ]
(٨٥٩١) فَصْلٌ: وَإِنْ اشْتَرَى أَحَدُهُمَا نَصِيبَ صَاحِبِهِ، عَتَقَ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَسِرْ إلَى النِّصْفِ الَّذِي كَانَ لَهُ؛ لِأَنَّ عِتْقَهُ حَصَلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute