فَيَعْتِقُ مِنْهُ بِقَدْرِ الثُّلُثِ، لِيَعْتِق دُونَ الْمَالِ. وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ بِقَدْرِ الثُّلُثِ، عَتَقَ، وَلَا وَصِيَّةَ لَهُ، وَإِنْ فَضَلَ مِنْ الثُّلُثِ شَيْءٌ بَعْدَ عِتْقِهِ، فَلَهُ مِنْ الْوَصِيَّةِ تَمَامُ الثُّلُثِ، وَيَقِفُ مَا زَادَ عَلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ.
[مَسْأَلَةٌ عِدَّة أُمِّ الْوَلَدِ إذَا مَاتَ عَنْهَا سَيِّدهَا]
(٨٨٦٩) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَإِذَا مَاتَ عَنْ أُمِّ وَلَدِهِ، فَعِدَّتُهَا حَيْضَةٌ) . إنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهَا اسْتِبْرَاءُ نَفْسِهَا، لِخُرُوجِهَا عَنْ مِلْكِ سَيِّدِهَا الَّذِي كَانَ يَطَؤُهَا، فَكَانَ ذَلِكَ بِحَيْضَةٍ، كَمَا لَوْ أَعْتَقَهَا سَيِّدُهَا فِي حَيَاتِهِ. وَإِنَّمَا سَمَّى الْخِرَقِيِّ هَذَا عِدَّةً؛ لِأَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ أَشْبَهَ الْعِدَّةَ فِي كَوْنِهِ يَمْنَعُ النِّكَاحَ، وَتَحْصُلُ بِهِ مَعْرِفَةُ بَرَاءَتِهَا مِنْ الْحَمْلِ. وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي الْعِدَدِ، وَالْخِلَافُ فِيهَا عَلَى مَا مَضَى.
[مَسْأَلَةٌ جَنَتْ أُمُّ الْوَلَدِ]
(٨٨٧٠) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَإِذَا جَنَتْ أُمُّ الْوَلَدِ، فَدَاهَا سَيِّدُهَا بِقِيمَتِهَا أَوْ دُونِهَا) وَجُمْلَتُهُ أَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ إذَا جَنَتْ، تَعَلَّقَ أَرْشُ جِنَايَتِهَا بِرَقَبَتِهَا، وَعَلَى السَّيِّدِ أَنْ يَفْدِيَهَا بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ؛ مِنْ قِيمَتِهَا أَوْ دُونِهَا. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَحَكَى أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ قَوْلًا آخَرَ، أَنَّهُ يَفْدِيهَا بِأَرْشِ جِنَايَتِهَا بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ، لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْهَا فِي الْجِنَايَةِ، فَلَزِمَهُ أَرْشُ جِنَايَتِهَا بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ، كَالْقِنِّ.
وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ، وَأَهْلُ الظَّاهِرِ: لَيْسَ عَلَيْهِ فِدَاؤُهَا، وَتَكُون جِنَايَتُهَا فِي ذِمَّتِهَا، تُتْبَعُ بِهَا إذَا عَتَقَتْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ بَيْعَهَا، فَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فِدَاؤُهَا كَالْحُرَّةِ. وَلَنَا، أَنَّهَا مَمْلُوكَةٌ لَهُ كَسْبُهَا، لَمْ يُسَلِّمْهَا، فَلَزِمَهُ أَرْشُ جِنَايَتِهَا، كَالْقِنِّ، لَا تَلْزَمُهُ زِيَادَةٌ عَلَى قِيمَتِهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْتَنِعْ مِنْ تَسْلِيمِهَا، وَإِنَّمَا الشَّرْعُ مَنَعَ ذَلِكَ؛ لِكَوْنِهَا لَمْ تَبْقَ مَحَلًّا لِلْبَيْعِ، وَلَا لِنَقْلِ الْمِلْكِ فِيهَا، وَفَارَقَتْ الْقِنَّ إذَا لَمْ يُسَلِّمْهَا، فَإِنَّهُ إنْ أَمْكَنَ أَنْ يُسَلِّمَهَا لِلْبَيْعِ، فَرُبَّمَا زَادَ فِيهَا مَزِيدًا أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا؛ فَإِذَا امْتَنَعَ مَالِكُهَا مِنْ تَسْلِيمِهَا، أَوْجَبْنَا عَلَيْهِ الْأَرْشَ بِكَمَالِهِ. وَفِي مَسْأَلَتِنَا لَا يُحْتَمَلُ ذَلِكَ فِيهَا؛ فَإِنَّ بَيْعَهَا غَيْرُ جَائِزٍ؛ فَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَتِهَا.
[فَصْلٌ مَاتَتْ الْأَمَة قَبْلَ فِدَائِهَا]
(٨٨٧١) فَصْلٌ: (وَإِذَا مَاتَتْ قَبْلَ فِدَائِهَا، فَلَا شَيْءَ عَلَى سَيِّدِهَا) ، لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِذِمَّتِهِ شَيْءٌ، وَإِنَّمَا تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهَا، فَإِذَا مَاتَتْ سَقَطَ الْحَقُّ؛ لِتَلَفِ مُتَعَلِّقِهِ. وَإِنْ نَقَصَتْ قِيمَتُهَا قَبْلَ فِدَائِهَا، وَجَبَ فِدَاؤُهَا بِقِيمَتِهَا يَوْمَ الْفِدَاءِ؛ لِأَنَّهَا لَوْ تَلِفَتْ جَمِيعُهَا لَسَقَطَ الْفِدَاءُ، فَوَجَبَ أَنْ يَسْقُطَ بَعْضُهُ بِتَلَفِ بَعْضِهَا. وَإِنْ زَادَتْ قِيمَتُهَا، زَادَ فِدَاؤُهَا؛ لِأَنَّ مُتَعَلِّقَ الْحَقِّ زَادَ، فَزَادَ الْفِدَاءُ بِزِيَادَتِهِ، كَالرَّقِيقِ الْقِنِّ. وَيَنْبَغِي أَنْ تُحْسَبَ قِيمَتُهَا مَعِيبَةً بِعَيْبِ الِاسْتِيلَادِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ نَقَصَهَا، فَاعْتُبِرَ كَالْمَرَضِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْعُيُوبِ، وَلِأَنَّ الْوَاجِبَ قِيمَتُهَا فِي حَالِ فِدَائِهَا، وَقِيمَتُهَا نَاقِصَةٌ عَنْ قِيمَةِ غَيْرِ أُمِّ الْوَلَدِ، فَيَجِبُ أَنْ يَنْقُصَ فِدَاؤُهَا، وَأَنْ يَكُونَ مِقْدَارُ قِيمَتِهَا فِي حَالِ كَوْنِهَا أُمَّ وَلَدٍ، وَالْحُكْمُ فِي الْمُدَبَّرَةِ كَالْحُكْمِ فِي أُمِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute