فَمَنَعَهَا أَنْ تَتَسَلَّمَهُ، فَالنَّقْصُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ ضَمَانِهِ، وَتَتَخَيَّرُ الْمَرْأَةُ بَيْنَ أَخْذِ نِصْفِهِ نَاقِصًا مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ، وَبَيْنَ أَخْذِ نِصْفِ قِيمَتِهِ أَكْثَرَ مَا كَانَتْ، مِنْ يَوْمِ أَصْدَقَهَا إلَى يَوْمِ طَلَّقَهَا؛ لِأَنَّهُ إنْ زَادَ فَلَهَا، وَإِنْ نَقَصَ فَعَلَيْهِ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْغَاصِبِ، وَلَا يَضْمَنُ زِيَادَةَ الْقِيمَةِ لِتَغَيُّرِ الْأَسْعَارِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ ضَمَانِ الْغَاصِبِ، فَهَاهُنَا أَوْلَى.
[مَسْأَلَة أُصَدِّقهَا أَرْضًا فَبِنْتهَا دَارًا أَوْ ثَوْبًا فَصَبَغَتْهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ]
(٥٦٤٩) مَسْأَلَةٌ قَالَ: (وَإِذَا أَصْدَقَهَا أَرْضًا، فَبَنَتْهَا دَارًا، أَوْ ثَوْبًا فَصَبَغَتْهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ، رَجَعَ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ وَقْتَ مَا أَصْدَقَهَا، إلَّا أَنْ يَشَاءَ أَنْ يُعْطِيَهَا نِصْفَ قِيمَةِ الْبِنَاءِ وَالصَّبْغِ، فَيَكُونُ لَهُ النِّصْفُ، أَوْ تَشَاءَ هِيَ أَنْ تُعْطِيَهُ زَائِدًا، فَلَا يَكُونُ لَهُ غَيْرُهُ) . إنَّمَا كَانَ لَهُ نِصْفُ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ صَارَ فِي الْأَرْضِ وَالثَّوْبِ زِيَادَةٌ لِلْمَرْأَةِ، وَهِيَ الْبِنَاءُ وَالصَّبْغُ، فَإِنْ دَفَعَتْ إلَيْهِ نِصْفَ الْجَمِيعِ زَائِدًا، فَعَلَيْهِ قَبُولُهُ؛ لِأَنَّهُ حَقُّهُ وَزِيَادَةٌ. وَإِنْ بَذَلَ لَهَا نِصْفَ قِيمَةِ الْبِنَاءِ وَالصَّبْغِ، وَيَكُونُ لَهُ النِّصْفُ، فَقَالَ الْخِرَقِيِّ: " لَهُ ذَلِكَ ". قَالَ الْقَاضِي: هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُمَا تَرَاضَيَا بِذَلِكَ، لَا أَنَّهَا تُجْبَرُ عَلَى قَبُولِهِ؛ لِأَنَّ بَيْعَ الْبِنَاءِ مُعَاوَضَةٌ، فَلَا تُجْبَرُ الْمَرْأَةُ عَلَيْهَا.
وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا تُجْبَرُ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ حَصَلَتْ لَهُ، وَفِيهَا بِنَاءٌ لَغَيْرِهِ، فَإِذَا بَذَلَ الْقِيمَةَ، لَزِمَ الْآخَرَ قَبُولُهُ، كَالشَّفِيعِ إذَا أَخَذَ الْأَرْضَ بَعْدَ بِنَاءِ الْمُشْتَرِي فِيهَا، فَبَذَلَ الشَّفِيعُ قِيمَتَهُ، لَزِمَ الْمُشْتَرِيَ، قَبُولُهَا، وَكَذَلِكَ إذَا رَجَعَ الْمُعِيرُ فِي أَرْضِهِ، وَفِيهَا بِنَاءٌ أَوْ غَرْسٌ لَلْمُسْتَعِيرِ، فَبَذَلَ الْمُعِيرُ قِيمَةَ ذَلِكَ لَزِمَ الْمُسْتَعِيرَ قَبُولُهَا. .
[فَصْلٌ أُصَدِّقهَا نَخْلًا حَائِلًا فَأَثْمَرَتْ فِي يَدِهِ]
(٥٦٥٠) فَصْلٌ: إذَا أَصْدَقَهَا نَخْلًا حَائِلًا، فَأَثْمَرَتْ فِي يَدِهِ، فَالثَّمَرَةُ لَهَا؛ لِأَنَّهَا نَمَاءُ مِلْكِهَا، فَإِنْ جَذَّهَا بَعْدَ تَنَاهِيهَا، وَجَعَلَهَا فِي ظُرُوفٍ، وَأَلْقَى عَلَيْهَا صَقْرًا، مِنْ صَقْرِهَا، وَهُوَ سَيَلَانُ الرُّطَبِ بِغَيْرِ طَبْخٍ، وَهَذَا يَفْعَلُهُ أَهْلُ الْحِجَازِ حِفْظًا لِرُطُوبَتِهَا، لَمْ يَخْلُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ: أَحَدُهَا، أَنْ لَا تَنْقُصَ قِيمَةُ الثَّمَرَةِ وَالصَّقْرِ، بَلْ كَانَا بِحَالِهِمَا، أَوْ زَادَا، فَإِنَّهُ يَرُدُّهُمَا عَلَيْهَا، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. الثَّانِي، أَنْ تَنْقُصَ قِيمَتُهَا، وَذَلِكَ عَلَى ضَرْبَيْنِ: أَحَدُهُمَا، أَنْ يَكُونَ نَقْصُهُمَا مُتَنَاهِيًا، فَإِنَّهُ يَدْفَعُهُمَا إلَيْهَا وَأَرْشَ نَقْصِهِمَا؛ لِأَنَّهُ تَعَدَّى بِمَا فَعَلَهُ مِنْ ذَلِكَ. الضَّرْبُ الثَّانِي، أَنْ لَا يَتَنَاهَى، بَلْ يَتَزَايَدُ، فَفِيهِ وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا، أَنَّهَا تَأْخُذُ قِيمَتَهَا؛ لِأَنَّهَا كَالْمُسْتَهْلِكَةِ وَالثَّانِي، هِيَ مُخَيَّرَةٌ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ تَرْكِهَا حَتَّى يَسْتَقِرَّ نَقْصُهَا، وَتَأْخُذُهَا وَأَرْشَهَا، كَالْمَغْصُوبِ مِنْهُ. الْحَالُ الثَّالِثُ، أَنْ لَا تَنْقُصَ قِيمَتُهَا لَكِنْ إنْ أَخْرَجَهَا مِنْ ظُرُوفِهَا نَقَصَتْ قِيمَتُهَا، فَلِلزَّوْجِ إخْرَاجُهَا وَأَخْذُ ظُرُوفِهَا، إنْ كَانَتْ الظُّرُوفُ مِلْكَهُ.
وَإِذَا نَقَصَتْ، فَالْحُكْمُ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute