الشَّجَرَتَيْنِ، فَلَا يَقْرَبَنَّ مُصَلَّانَا» . وَفِي رِوَايَةٍ: «فَلَا يَقْرَبْنَا فِي مَسَاجِدِنَا» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
وَلَيْسَ أَكْلُهَا مُحَرَّمًا؛ لِمَا رَوَى أَبُو أَيُّوبَ «، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ إلَيْهِ بِطَعَامٍ لَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: فِيهِ الثُّومُ. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَحَرَامٌ هُوَ؟ قَالَ: لَا، وَلَكِنَّنِي أَكْرَهُهُ مِنْ أَجْلِ رِيحِهِ» . قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِعَلِيٍّ: «كُلْ الثُّومَ، فَلَوْلَا أَنَّ الْمَلَكَ يَأْتِينِي لَأَكَلْته» .
وَإِنَّمَا مُنِعَ أَكْلُهَا لِئَلَّا يُؤْذِيَ النَّاسَ بِرَائِحَتِهِ؛ وَلِذَلِكَ نُهِيَ عَنْ قُرْبَانِ الْمَسَاجِدِ، فَإِنْ أَتَى الْمَسَاجِدَ كُرِهَ لَهُ ذَلِكَ، وَلَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ؛ لِمَا رَوَى الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، قَالَ: «أَكَلْت ثُومًا، وَأَتَيْت مُصَلَّى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ سُبِقْت بِرَكْعَةٍ، فَلَمَّا دَخَلْت الْمَسْجِدَ، وَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رِيحَ الثُّومِ، فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ، قَالَ: مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ، فَلَا يَقْرَبْنَا حَتَّى يَذْهَبَ رِيحُهَا. فَجِئْت، فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ: لِتُعْطِنِي يَدَك. قَالَ: فَأَدْخَلْت يَدَهُ فِي كُمِّ قَمِيصِي إلَى صَدْرِي، فَإِذَا أَنَا مَعْصُوبُ الصَّدْرِ، فَقَالَ: إنَّ لَك عُذْرًا» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ، أَنَّهُ يَأْثَمُ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ النَّهْيِ التَّحْرِيمُ، وَلِأَنَّ أَذَى الْمُسْلِمِينَ حَرَامٌ وَهَذَا فِيهِ أَذَاهُمْ.
[فَصْلٌ حُكْمُ أَكْلِ الْغُدَّةِ وَأُذُنِ الْقَلْبِ]
فَصْلٌ: وَيُكْرَهُ أَكْلُ الْغُدَّةِ، وَأُذُنِ الْقَلْبِ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: كَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الشَّاةِ سِتًّا. وَذَكَرَ هَذَيْنِ. وَلِأَنَّ النَّفْسَ تَعَافُهُمَا وَتَسْتَخْبِثُهُمَا، وَلَا أَظُنُّ أَحْمَدَ كَرِهَهُمَا إلَّا لِذَلِكَ، لَا لِلْخَبَرِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ فِيهِ: هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ. وَلِأَنَّ فِي الْخَبَرِ ذِكْرَ الطِّحَالِ. وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ: لَا بَأْسَ بِهِ، وَلَا أَكْرَهُ مِنْهُ شَيْئًا.
(٧٨٤١) فَصْلٌ: وَقِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْجُبْنُ؟ قَالَ: يُؤْكَلُ مِنْ كُلٍّ.
وَسُئِلَ عَنْ الْجُبْنِ الَّذِي يَصْنَعُهُ الْمَجُوسُ؟ فَقَالَ مَا أَدْرِي، إلَّا أَنَّ أَصَحَّ حَدِيثٍ فِيهِ حَدِيثُ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ، قَالَ: سُئِلَ عُمَرُ عَنْ الْجُبْنِ، وَقِيلَ لَهُ: يُعْمَلُ فِيهِ الْإِنْفَحَةُ الْمَيِّتَةُ. فَقَالَ: سَمُّوا أَنْتُمْ، وَكُلُوا. رَوَاهُ أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ الْأَعْمَشِ. وَقَالَ أَلَيْسَ الْجُبْنُ الَّذِي نَأْكُلُهُ عَامَّتُهُ يَصْنَعُهُ الْمَجُوسُ؟ .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute