للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَالَ فِي نُجُومِهِ، فَإِذَا لَمْ يُسَلِّمْ لَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ عِتْقُهُ، وَلِمَا ذَكَرْنَا فِي الْفَصْلِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا، وَلِأَنَّهُ عَجَزَ عَنْ أَدَاءِ النَّجْمِ فِي وَقْتِهِ فَجَازَ فَسْخُ كِتَابَتِهِ كَالنَّجْمِ الْأَخِيرِ.

وَلَنَا مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: لَا يُرَدُّ الْمُكَاتَبُ فِي الرِّقِّ حَتَّى يَتَوَالَى عَلَيْهِ نَجْمَانِ، وَلِأَنَّ مَا بَيْنَ النَّجْمَيْنِ مَحِلٌّ لِأَدَاءِ الْأَوَّلِ فَلَا يَتَحَقَّقُ الْعَجْزُ عَنْهُ حَتَّى يَفُوتَ مَحِلُّهُ بِحُلُولِ الثَّانِي.

[فَصْلٌ الْمُكَاتَبُ إذَا حَلَّ النَّجْمُ وَمَالُهُ حَاضِرٌ عِنْدَهُ.]

(٨٧٧٠) فَصْلٌ: وَإِذَا حَلَّ النَّجْمُ وَمَالُهُ حَاضِرٌ عِنْدَهُ طُولِبَ بِأَدَائِهِ وَلَمْ يَجُزْ الْفَسْخُ قَبْلَ الطَّلَبِ كَمَا لَا يَجُوزُ فَسْخُ الْبَيْعِ وَالسَّلَمِ بِمُجَرَّدِ وُجُوبِ الدَّفْعِ قَبْلَ الطَّلَبِ، فَإِنْ طُلِبَ مِنْهُ فَذُكِرَ أَنَّهُ غَائِبٌ عَنْ الْمَجْلِسِ فِي نَاحِيَةٍ مِنْ نَوَاحِي الْبَلَدِ، أَوْ قَرِيبٌ مِنْهُ عَلَى مَسَافَةٍ لَا تُقْصَرُ فِيهَا الصَّلَاةُ يُمْكِنُ إحْضَارُهُ قَرِيبًا، لَمْ يَجُزْ فَسْخُ الْكِتَابَةِ، وَأُمْهِلَ بِقَدْرِ مَا يَأْتِي بِهِ إذَا طَلَبَ الْإِمْهَالَ؛ لِأَنَّ هَذَا يَسِيرٌ لَا ضَرَرَ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُ مَالٌ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ مَالِ الْكِتَابَةِ فَطَلَبَ الْإِمْهَالَ؛ لِيَبِيعَهُ بِجِنْسِ مَالِ الْكِتَابَةِ أُمْهِلَ، وَإِنْ كَانَ الْمَالُ غَائِبًا أَكْثَرَ مِنْ مَسَافَةِ الْقَصْرِ لَمْ يَلْزَمْ الْإِمْهَالُ. وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ،

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ حَاضِرٌ أَوْ غَائِبٌ يَرْجُو قُدُومَهُ اُسْتُؤْنِيَ يَوْمَيْنِ وَثَلَاثَةً لَا أَزِيدُهُ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الثَّلَاثَةَ آخِرُ حَدِّ الْقِلَّةِ وَالْقُرْبِ؛ لِمَا بَيَّنَّاهُ فِيمَا مَضَى وَمَا زَادَ عَلَيْهَا فِي حَدِّ الْكَثْرَةِ، وَهَذَا كُلُّهُ قَرِيبٌ بَعْضُهُ مِنْ بَعْضٍ.

فَأَمَّا إذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى الْأَدَاءِ وَاجِدًا لِمَا يُؤَدِّيهِ فَامْتَنَعَ مِنْ أَدَائِهِ وَقَالَ: قَدْ عَجَزْتُ. فَقَالَ الشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا الْمُتَأَخِّرِينَ: يَمْلِكُ السَّيِّدُ فَسْخَ الْكِتَابَةِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ؛ لِقَوْلِهِ: وَإِذَا حَلَّ نَجْمٌ فَلَمْ يُؤَدِّهِ حَتَّى حَلَّ نَجْمٌ آخَرُ عَجَّزَهُ السَّيِّدُ - إنْ أَحَبَّ - فَعَلَّقَ جَوَازَ الْفَسْخِ عَلَى عَدَمِ الْأَدَاءِ، وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ.

وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ جَعْفَرٍ: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَيُجْبَرُ عَلَى تَسْلِيمِ الْعِوَضِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ. وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا فِيمَا تَقَدَّمَ، فَأَمَّا إنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى أَدَاءِ الْمَالِ كُلِّهِ فَفِيهِ رِوَايَةٌ أُخْرَى: أَنَّهُ يَصِيرُ حُرًّا بِمِلْكِ مَا يُؤَدِّي، وَقَدْ سَبَقَ ذِكْرُهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>