حَلَفْت لَئِنْ عَادُوا لَنَصْطَلِمَنّهُم ... لَجَاءُوا تَرَدَّى حُجْرَتَيْهَا الْمَقَانِبُ
وَقَالَتْ عَاتِكَةُ بِنْتُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ:
فَآلَيْت لَا تَنْفَكُّ عَيْنِي حَزِينَةً ... عَلَيْك وَلَا يَنْفَكُّ جِلْدِي أَغْبَرَا
وَقَوْلُهُمْ: يَحْتَمِلُ الْقَسَمَ بِغَيْرِ اللَّهِ.
قُلْنَا: إنَّمَا يُحْمَلُ عَلَى الْقَسَمِ الْمَشْرُوعِ، وَلِهَذَا لَمْ يَكُنْ هَذَا مَكْرُوهًا، وَلَوْ حُمِلَ عَلَى الْقَسَمِ بِغَيْرِ اللَّهِ، كَانَ مَكْرُوهًا، وَلَوْ كَانَ مَكْرُوهًا لَمْ يَفْعَلْهُ أَبُو بَكْرٍ بَيْنَ يَدَيْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا أَبَرَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَسَمَ الْعَبَّاسِ حِينَ أَقْسَمَ عَلَيْهِ.
[فَصْلٌ قَالَ أَعْزِمُ أَوْ عَزَمْت فِي الْحَلِف]
(٧٩٧٣) فَصْلٌ: وَإِنْ قَالَ: أَعْزِمُ، أَوْ عَزَمْت. لَمْ يَكُنْ قَسَمًا، نَوَى بِهِ الْقَسَمَ أَوْ لَمْ يَنْوِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ لِهَذَا اللَّفْظِ عُرْفٌ فِي شَرْعٍ وَلَا اسْتِعْمَالٍ، وَلَا هُوَ مَوْضِعٌ لِلْقَسَمِ، وَلَا فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: أَسْتَعِينُ بِاَللَّهِ، أَوْ أَعْتَصِمُ بِاَللَّهِ، أَوْ أَتَوَكَّلُ عَلَى اللَّهِ، أَوْ عَلِمَ اللَّهُ، أَوْ عَزَّ اللَّهُ، أَوْ تَبَارَكَ اللَّهُ. وَنَحْوُ هَذَا، لَمْ يَكُنْ يَمِينًا، نَوَى أَوْ لَمْ يَنْوِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَوْضُوعٍ لِلْقَسَمِ لُغَةً، وَلَا ثَبَتَ لَهُ عُرْفٌ فِي شَرْعٍ وَلَا اسْتِعْمَالٍ، فَلَمْ يَجِبْ بِهِ شَيْءٌ، كَمَا لَوْ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَاَللَّهُ أَكْبَرُ.
[مَسْأَلَة الْحَلِفَ بِأَمَانَةِ اللَّهِ]
(٧٩٧٤) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (أَوْ بِأَمَانَةِ اللَّهِ) قَالَ الْقَاضِي: لَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ فِي أَنَّ الْحَلِفَ بِأَمَانَةِ اللَّهِ يَمِينٌ مُكَفَّرَةٌ. وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا تَنْعَقِدُ الْيَمِينُ بِهَا، إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الْحَلِفَ بِصِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّ الْأَمَانَةَ تُطْلَقُ عَلَى الْفَرَائِضِ وَالْوَدَائِعِ وَالْحُقُوقِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ} [الأحزاب: ٧٢] . وَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: ٥٨] . يَعْنِي الْوَدَائِعَ وَالْحُقُوقَ. وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَدِّ الْأَمَانَةَ إلَى مَنْ ائْتَمَنَكَ، وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ» . وَإِذَا كَانَ اللَّفْظُ مُحْتَمِلًا، لَمْ يُصْرَفْ إلَى أَحَدِ مُحْتَمَلَاتِهِ إلَّا بِنِيَّتِهِ أَوْ دَلِيلٍ صَارِفٍ إلَيْهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute