أَوْ صَاعًا مِنْ دَقِيقٍ أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ سُلْتٍ.» قَالَ: ثُمَّ شَكَّ فِيهِ سُفْيَانُ بَعْدُ، فَقَالَ «دَقِيقٍ أَوْ سُلْتٍ» . رَوَاهُمَا النَّسَائِيّ.
[فَصْلُ إخْرَاجُ الدَّقِيقِ فِي صَدَقَة الْفِطْر]
(١٩٦٣) فَصْلٌ: وَيَجُوزُ إخْرَاجُ الدَّقِيقِ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ وَكَذَلِكَ السَّوِيقُ، قَالَ أَحْمَدُ: وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ سَوِيقٍ أَوْ دَقِيقٍ. وَقَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ: لَا يُجْزِئُ إخْرَاجُهُمَا؛ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ؛ وَلِأَنَّ مَنَافِعَهُ نَقَصَتْ فَهُوَ كَالْخُبْزِ. وَلَنَا: حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ، وَقَوْلُهُ فِيهِ: «أَوْ صَاعًا مِنْ دَقِيقٍ» وَلِأَنَّ الدَّقِيقَ وَالسَّوِيقَ أَجْزَاءُ الْحَبِّ بَحْتًا يُمْكِنُ كَيْلُهُ وَادِّخَارُهُ، فَجَازَ إخْرَاجُهُ، كَمَا قَبْلَ الطَّحْنِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الطَّحْنَ إنَّمَا فَرَّقَ أَجْزَاءَهُ، وَكَفَى الْفَقِيرَ مُؤْنَتَهُ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ نَزَعَ نَوَى التَّمْرِ ثُمَّ أَخْرَجَهُ.
وَيُفَارِقُ الْخُبْزَ وَالْهَرِيسَةَ والكبولا؛ لِأَنَّ مَعَ أَجْزَاءِ الْحَبِّ فِيهَا مِنْ غَيْرِهِ، وَقَدْ خَرَجَ عَنْ حَالِ الِادِّخَارِ وَالْكَيْلِ، وَالْمَأْمُورُ بِهِ صَاعٌ، وَهُوَ مَكِيلٌ، وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ لَمْ يَقْتَضِ مَا ذَكَرُوهُ، وَلَمْ يَعْمَلُوا بِهِ.
[فَصْلُ إخْرَاجُ الْخُبْزِ فِي صَدَقَةِ الْفِطْر]
(١٩٦٤) فَصْلٌ: وَلَا يَجُوزُ إخْرَاجُ الْخُبْزِ؛ لِأَنَّهُ خَرَجَ عَنْ الْكَيْلِ وَالِادِّخَارِ. وَلَا الْهَرِيسَةِ وَالْكُبُولَا وَأَشْبَاهِهِمَا؛ لِذَلِكَ، وَلَا الْخَلِّ وَلَا الدِّبْسِ؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا قُوتًا، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُخْرِجَ حَبًّا مَعِيبًا، كَالْمَسُوسِ وَالْمَبْلُولِ، وَلَا قَدِيمًا تَغَيَّرَ طَعْمُهُ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} [البقرة: ٢٦٧] ، فَإِنْ كَانَ الْقَدِيمُ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ، إلَّا أَنَّ الْحَدِيثَ أَكْثَرُ قِيمَةً مِنْهُ، جَازَ إخْرَاجُهُ؛ لِعَدَمِ الْعَيْبِ فِيهِ، وَالْأَفْضَلُ إخْرَاجُ الْأَجْوَدِ.
قَالَ أَحْمَدُ: كَانَ ابْنُ سِيرِينَ يُحِبُّ أَنْ يُنَقِّيَ الطَّعَامَ، وَهُوَ أَحَبُّ إلَيَّ لِيَكُونَ عَلَى الْكَمَالِ، وَيَسْلَمَ مِمَّا يُخَالِطُهُ مِنْ غَيْرِهِ فَإِنْ كَانَ الْمُخَالِطُ لَهُ يَأْخُذُ حَظًّا مِنْ الْمِكْيَالِ، وَكَانَ كَثِيرًا بِحَيْثُ يُعَدُّ عَيْبًا فِيهِ، لَمْ يُجْزِئْهُ، وَإِنْ لَمْ يَكْثُرْ، جَازَ إخْرَاجُهُ إذَا زَادَ عَلَى الصَّاعِ قَدْرًا يَزِيدُ عَلَى مَا فِيهِ مِنْ غَيْرِهِ، حَتَّى يَكُونَ الْمُخْرَجُ صَاعًا كَامِلًا
[فَصْلُ إخْرَاجِ صَدَقَة الْفِطْر مِنْ أَيِّ الْأَصْنَافِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهَا]
(١٩٦٥) فَصْلٌ: وَمِنْ أَيِّ الْأَصْنَافِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهَا أَخْرَجَ جَازَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قُوتًا لَهُ، وَقَالَ مَالِكٌ: يُخْرِجُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute