للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ سَلَّمْنَا، فَإِنَّ قَرِينَةَ الْإِقْرَارِ تَصْرِفُهُ إلَى الْمِلْكِ، وَكَذَلِكَ لَوْ حَلَفَ: لَا دَخَلْت مَسْكَنَ زَيْدٍ. حَنِثَ بِدُخُولِهِ الدَّارَ الَّتِي يَسْكُنُهَا. وَلَوْ قَالَ: هَذَا الْمَسْكَنُ لِزَيْدٍ. كَانَ مُقِرًّا لَهُ بِهَا، وَلَا خِلَافَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَهِيَ نَظِيرَةُ مَسْأَلَتِنَا.

[فَصْلٌ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ دَابَّةَ فُلَانٍ فَرَكِبَ دَابَّةً اسْتَأْجَرَهَا فُلَانٌ]

(٨٠٨٨) فَصْلٌ: وَلَوْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ دَابَّةَ فُلَانٍ، فَرَكِبَ دَابَّةً اسْتَأْجَرَهَا فُلَانٌ، حَنِثَ وَإِنْ رَكِبَ دَابَّةً اسْتَعَارَهَا، لَمْ يَحْنَثْ. ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ. وَكَذَلِكَ لَوْ رَكِبَ دَابَّةً غَصَبَهَا فُلَانٌ. وَفَارَقَ مَسْأَلَةَ الدَّارِ؛ فَإِنَّهُ لَمْ يَحْنَثْ فِي الدَّارِ لِكَوْنِهِ اسْتَعَارَهَا، وَلَا غَصَبَهَا، وَإِنَّمَا حَنِثَ لِسُكْنَاهُ بِهَا، فَأُضِيفَتْ الدَّارُ إلَيْهِ لِذَلِكَ، وَلَوْ غَصَبَهَا أَوْ اسْتَعَارَهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْكُنَهَا، لَمْ تَصِحَّ إضَافَتُهَا إلَيْهِ، وَلَا يَحْنَثُ الْحَالِفُ، فَيَكُونُ كَمُسْتَعِيرِ الدَّابَّةِ وَغَاصِبِهَا سَوَاءً.

[فَصْلٌ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ هَذَا الْعَبْدِ وَلَا يَرْكَبُ دَابَّتَهُ وَلَا يَلْبَسُ ثَوْبَهُ فَدَخَلَ دَارًا جُعِلَتْ بِرَسْمِهِ]

(٨٠٨٩) فَصْلٌ: وَإِنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ هَذَا الْعَبْدِ، وَلَا يَرْكَبُ دَابَّتَهُ، وَلَا يَلْبَسُ ثَوْبَهُ، فَدَخَلَ دَارًا جُعِلَتْ بِرَسْمِهِ، أَوْ رَكِبَ دَابَّةً جُعِلَتْ بِرَسْمِهِ، أَوْ لَبِسَ ثَوْبًا جُعِلَ بِرَسْمِهِ، حَنِثَ. وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا، وَالْإِضَافَةُ تَقْتَضِي الْمِلْكَ، وَقَدْ قَدَّمْنَا الْكَلَامَ مَعَهُ فِي الْفَصْلِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا.

وَيُخَصُّ هَذَا الْفَصْلُ بِأَنَّ الْمِلْكِيَّةَ لَا تُمْكِنُ هَاهُنَا، وَلَا تَصِحُّ الْإِضَافَةُ بِمَعْنَاهَا، فَتَعَيَّنَ حَمْلُ الْإِضَافَةِ هَاهُنَا عَلَى إضَافَةِ الِاخْتِصَاصِ دُونَ الْمِلْكِ. وَإِنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ زَيْدٍ، فَدَخَلَ دَارَ عَبْدِهِ، حَنِثَ. وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ. وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا؛ لِأَنَّ دَارَ الْعَبْدِ مِلْكٌ لِسَيِّدِهِ. وَإِنْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبَ السَّيِّدِ، وَلَا يَرْكَبُ دَابَّتَهُ، فَلَبِسَ ثَوْبَ عَبْدِهِ، وَرَكِبَ دَابَّتَهُ، حَنِثَ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ بِهِمَا أَخَصُّ. وَلَنَا، أَنَّهُمَا مَمْلُوكَانِ لِلسَّيِّدِ، فَتَنَاوَلَهُمَا يَمِينُ الْحَالِفِ، كَالدَّارِ، وَمَا ذَكَرُوهُ يَبْطُلُ بِالدَّارِ.

[مَسْأَلَة حَلَفَ لَا يَدْخُلَ دَارًا فَأَدْخَلَ يَدَهُ أَوْ رِجْلَهُ أَوْ رَأْسَهُ أَوْ شَيْئًا مِنْهُ]

(٨٠٩٠) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلَ دَارًا، فَأَدْخَلَ يَدَهُ أَوْ رِجْلَهُ أَوْ رَأْسَهُ أَوْ شَيْئًا مِنْهُ، حَنِثَ. وَلَوْ حَلَفَ أَنْ يَدْخُلَ، لَمْ يَبَرَّ حَتَّى يَدْخُلَ بِجَمِيعِهِ، أَمَّا إذَا حَلَفَ لَيَدْخُلَنَّ أَوْ يَفْعَلَ شَيْئًا، لَمْ يَبَرَّ إلَّا بِفِعْلِ جَمِيعِهِ، وَالدُّخُولِ إلَيْهَا بِجُمْلَتِهِ) لَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَلَا نَعْلَمُ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيهِ اخْتِلَافًا؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ تَنَاوَلَتْ فِعْلَ الْجَمِيعِ، كَمَا لَوْ أَمَرَهُ اللَّهُ - تَعَالَى بِفِعْلِ شَيْءٍ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ عُهْدَةِ الْأَمْرِ إلَّا بِفِعْلِ الْجَمِيعِ، وَلِأَنَّ الْيَمِينَ عَلَى فِعْلِ شَيْءٍ إخْبَارٌ بِفِعْلِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ مُؤَكَّدٌ بِالْقَسَمِ، وَالْخَبَرُ بِفِعْلِ شَيْءٍ يَقْتَضِي فِعْلَهُ كُلَّهُ، فَأَمَّا إنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلَ، فَأَدْخَلَ بَعْضَهُ، وَلَا يَفْعَلَ شَيْئًا، فَفَعَلَ بَعْضَهُ، فَفِيهِ رِوَايَتَانِ؛

<<  <  ج: ص:  >  >>