للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى حَصِيرٍ وَعَلِيٌّ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَأَنَسٌ عَلَى الْمَنْسُوجِ. وَهُوَ قَوْلُ عَوَامِّ أَهْلِ الْعِلْمِ، إلَّا مَا رُوِيَ عَنْ جَابِرٍ، أَنَّهُ كَرِهَ الصَّلَاةَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مِنْ الْحَيَوَانِ، وَاسْتَحَبَّ الصَّلَاةَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مِنْ نَبَاتِ الْأَرْضِ. وَنَحْوَهُ قَالَ مَالِكٌ، إلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي بِسَاطِ الصُّوفِ وَالشَّعَرِ: إذَا كَانَ سُجُودُهُ عَلَى الْأَرْضِ لَمْ أَرَ بِالْقِيَامِ عَلَيْهِ بَأْسًا. وَالصَّحِيحُ: أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَقَدْ صَلَّى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى حَصِيرٍ فِي بَيْتِ عِتْبَانَ بْنِ مَالِكٍ، وَأَنَسٍ، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا.

وَرَوَى عَنْهُ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ «، أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي عَلَى الْحَصِيرِ وَالْفَرْوَةِ الْمَدْبُوغَةِ» . وَفِيمَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى مُلْتَفًّا بِكِسَاءٍ، يَضَعُ يَدَهُ عَلَيْهِ إذَا سَجَدَ» . وَلِأَنَّ مَا لَمْ تُكْرَهْ الصَّلَاةُ فِيهِ لَمْ تُكْرَهْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ كَالْكَتَّانِ وَالْخُوصِ. وَتَصِحُّ الصَّلَاةُ عَلَى ظَهْرِ الْحَيَوَانِ، إذَا أَمْكَنَهُ اسْتِيفَاءُ الْأَرْكَانِ عَلَيْهِ، وَالنَّافِلَةُ فِي السَّفَرِ. وَإِنْ كَانَ الْحَيَوَانُ نَجِسًا، أَوْ عَلَيْهِ بِسَاطٌ طَاهِرٌ، صَحَّتْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى عَلَى حِمَارٍ. وَفَعَلَهُ أَنَسٌ وَتَصِحُّ الصَّلَاةُ عَلَى الْعَجَلَةِ، وَهِيَ خَشَبٌ عَلَى بَكَرَاتٍ، إذَا أَمْكَنَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا مَحَلٌّ تَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ أَعْضَاؤُهُ، فَهِيَ كَغَيْرِهَا.

[مَسْأَلَة صَلَّى وَفِي ثَوْبِهِ نَجَاسَة]

(٩٧٣) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَإِنْ صَلَّى وَفِي ثَوْبِهِ نَجَاسَةٌ، وَإِنْ قَلَّتْ، أَعَادَ) وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الطَّهَارَةَ مِنْ النَّجَاسَةِ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَثِيرِهَا وَقَلِيلِهَا، إلَّا فِيمَا نَذْكُرُهُ بَعْدُ، إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَمِمَّنْ قَالَ: لَا يُعْفَى عَنْ يَسِيرِ الْبَوْلِ مِثْلِ رُءُوسِ الْإِبَرِ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يُعْفَى عَنْ يَسِيرِ جَمِيعِ النَّجَاسَاتِ؛ لِأَنَّهُ يُتَحَرَّى فِيهَا بِالْمَسْحِ فِي مَحَلِّ الِاسْتِنْجَاءِ، وَلَوْ لَمْ يُعْفَ عَنْهَا لَمْ يَكْفِ فِيهَا الْمَسْحُ كَالْكَثِيرِ، وَلِأَنَّهُ يَشُقُّ التَّحَرُّزُ مِنْهُ، فَعُفِيَ عَنْهُ كَالدَّمِ.

وَلَنَا: عُمُومُ قَوْله تَعَالَى {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: ٤] . وَقَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «تَنَزَّهُوا مِنْ الْبَوْلِ، فَإِنَّ عَامَّةَ عَذَابِ الْقَبْرِ مِنْهُ» وَلِأَنَّهَا نَجَاسَةٌ لَا تَشُقُّ إزَالَتُهَا، فَوَجَبَتْ إزَالَتُهَا كَالْكَثِيرِ، وَأَمَّا الدَّمُ فَإِنَّهُ يَشُقُّ التَّحَرُّزُ مِنْهُ، فَإِنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَكَادُ يَخْلُو مِنْ بَثْرَةٍ أَوْ حَكَّةٍ أَوْ دُمَّلٍ، وَيَخْرُجُ مِنْ أَنْفِهِ وَفِيهِ وَغَيْرِهِمَا، فَيَشُقُّ التَّحَرُّزُ مِنْ يَسِيرِهِ أَكْثَرَ مِنْ كَثِيرِهِ، وَلِهَذَا فُرِّقَ فِي الْوُضُوءِ بَيْنَ قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ.

مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ دَمًا أَوْ قَيْحًا يَسِيرًا مِمَّا لَا يَفْحُشُ فِي الْقَلْبِ) أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ يَرَوْنَ الْعَفْوَ عَنْ يَسِيرِ الدَّمِ وَالْقَيْحِ. وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَجَابِرٌ، وَابْنُ أَبِي أَوْفَى، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَطَاوُسٌ، وَمُجَاهِدٌ، وَعُرْوَةُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ كِنَانَةَ، وَالنَّخَعِيُّ وَقَتَادَةُ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>