رَوَاهُ الْجُوزَجَانِيُّ، فِي كِتَابِهِ بِإِسْنَادِهِ.
وَرُوِيَ مِثْلُ هَذَا عَنْ الزُّهْرِيِّ وَمَالِكٍ، وَلِأَنَّهُ تَحْرِيمٌ لَا يَرْتَفِعُ قَبْلَ الْحَدِّ وَالتَّكْذِيبِ، فَلَمْ يَرْتَفِعْ بِهِمَا، كَتَحْرِيمِ الرَّضَاعِ.
[فَصْلٌ كَانَتْ أَمَةً فَاشْتَرَاهَا مُلَاعِنُهَا]
(٦٢٦٣) فَصْلٌ: فَإِنْ كَانَتْ أَمَةً، فَاشْتَرَاهَا مُلَاعِنُهَا، لَمْ تَحِلَّ لَهُ؛ لِأَنَّ تَحْرِيمَهَا تَحْرِيمٌ مُؤَبَّدٌ، فَحَرُمَتْ بِهِ عَلَى مُشْتَرِيهَا، كَالرَّضَاعِ، وَلِأَنَّ الْمُطَلِّقَ ثَلَاثًا إذَا اشْتَرَى مُطَلَّقَتَهُ، لَا تَحِلُّ لَهُ قَبْلَ زَوْجٍ وَإِصَابَةٍ، فَهَاهُنَا أَوْلَى؛ لِأَنَّ هَذَا التَّحْرِيمَ مُؤَبَّدٌ، وَتَحْرِيمُ الطَّلَاقِ لَيْسَ بِمُؤَبَّدٍ، وَلِأَنَّ تَحْرِيمَ الطَّلَاقِ يَخْتَصُّ النِّكَاحَ، وَهَذَا لَا يَخْتَصُّ بِهِ. وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ.
[مَسْأَلَة أَكْذَبَ الزَّوْجُ نَفْسَهُ فِي اللِّعَانِ]
(٦٢٦٤) مَسْأَلَةٌ قَالَ: (فَإِنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ، فَلَهَا عَلَيْهِ الْحَدُّ) وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا قَذَفَ امْرَأَتَهُ، ثُمَّ أَكْذَبَ نَفْسَهُ، فَلَهَا عَلَيْهِ الْحَدُّ، سَوَاءٌ أَكْذَبَهَا قَبْلَ لِعَانِهَا أَوْ بَعْدَهُ. وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَلَا نَعْلَمُ لَهُمْ مُخَالِفًا؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ اللِّعَانَ أُقِيمَ مُقَامَ الْبَيِّنَةِ فِي حَقِّ الزَّوْجِ، فَإِذَا أَكْذَبَ نَفْسَهُ بَانَ أَنَّ لِعَانَهَا كَذِبٌ، وَزِيَادَةٌ فِي هَتْكِهَا، وَتَكْرَارٌ لِقَذْفِهَا، فَلَا أَقَلَّ مِنْ أَنْ يَجِبَ الْحَدُّ الَّذِي كَانَ وَاجِبًا بِالْقَذْفِ الْمُجَرَّدِ. فَإِنْ عَادَ عَنْ إكْذَابِ نَفْسِهِ، وَقَالَ: لِي بَيِّنَةٌ أُقِيمُهَا بِزِنَاهَا. أَوْ أَرَادَ إسْقَاطَ الْحَدِّ عَنْهُ بِاللِّعَانِ، لَمْ يُسْمَعْ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ وَاللِّعَانَ لِتَحْقِيقِ مَا قَالَهُ، وَقَدْ أَقَرَّ بِكَذِبِ نَفْسِهِ، فَلَا يُسْمَعُ مِنْهُ خِلَافُهُ، وَهَذَا فِيمَا إذَا كَانَتْ الْمَقْذُوفَةُ مُحْصَنَةً، فَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مُحْصَنَةٍ، فَعَلَيْهِ التَّعْزِيرُ.
[فَصْلٌ لِمَنْ يَلْحَق وَلَد الْمُلَاعَنَة]
(٦٢٦٥) فَصْلٌ: وَيَلْحَقُهُ نَسَبُ الْوَلَدِ، سَوَاءٌ كَانَ الْوَلَدُ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا، غَنِيًّا كَانَ أَوْ فَقِيرًا. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: إذَا اسْتَلْحَقَ الْوَلَدَ الْمَيِّتَ نَظَرْنَا؛ فَإِنْ كَانَ ذَا مَالٍ، لَمْ يَلْحَقْهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَدَّعِي مَالًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَا مَالٍ، لَحِقَهُ. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: إنْ كَانَ الْوَلَدُ الْمَيِّتُ تَرَكَ وَلَدًا، ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْ الْمُسْتَلْحِقِ، وَتَبِعَهُ نَسَبُ ابْنِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَرَكَ وَلَدًا، لَمْ يَصِحَّ اسْتِلْحَاقُهُ، وَلَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ، وَلَا يَرِثُ مِنْهُ الْمُدَّعِي شَيْئًا؛ لِأَنَّ نَسَبَهُ مُنْقَطِعٌ بِالْمَوْتِ، فَلَمْ يَصِحَّ اسْتِلْحَاقُهُ، فَإِذَا كَانَ لَهُ وَلَدٌ كَانَ مُسْتَلْحِقًا لِوَلَدِهِ، وَتَبِعَهُ نَسَبُ الْمَيِّتِ.
وَلَنَا أَنَّ هَذَا وَلَدٌ نَفَاهُ بِاللِّعَانِ، فَكَانَ لَهُ اسْتِلْحَاقُهُ، كَمَا لَوْ كَانَ حَيًّا، أَوْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ، وَلِأَنَّ وَلَدَ الْوَلَدِ يَتْبَعُ نَسَبَ الْوَلَدِ، وَقَدْ جَعَلَ أَبُو حَنِيفَةَ نَسَبَ الْوَلَدِ تَابِعًا لِنَسَبِ ابْنِهِ، فَجَعَلَ الْأَصْلَ تَابِعًا لِلْفَرْعِ، وَذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute