للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، فَهُمَا أُمِّيَّانِ، لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الِائْتِمَامُ بِالْآخَرِ، وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَؤُمَّ الَّذِي يُحْسِنُ الْآيَاتِ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَأُ، وَعَلَى هَذَا كُلُّ مَنْ لَا يُحْسِنُ الْفَاتِحَةَ، يَجُوزُ أَنْ يَؤُمَّ مَنْ لَا يُحْسِنُهَا، سَوَاءٌ اسْتَوَيَا فِي الْجَهْلِ أَوْ كَانَا مُتَفَاوِتَيْنِ فِيهِ.

(١١٣٨) فَصْلٌ: تُكْرَهُ إمَامَةُ اللَّحَّان، الَّذِي لَا يُحِيلُ الْمَعْنَى، نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ. وَتَصِحُّ صَلَاتُهُ بِمَنْ لَا يَلْحَنُ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِفَرْضِ الْقِرَاءَةِ، فَإِنْ أَحَالَ الْمَعْنَى فِي غَيْرِ الْفَاتِحَةِ، لَمْ يُمْنَعْ صِحَّةُ الصَّلَاةِ، وَلَا الِائْتِمَامِ بِهِ، إلَّا أَنْ يَتَعَمَّدَهُ، فَتَبْطُلَ صَلَاتُهُمَا.

(١١٣٩) فَصْلٌ: وَمَنْ لَا يُفْصِحُ بِبَعْضِ الْحُرُوفِ، كَالضَّادِ وَالْقَافِ، فَقَالَ الْقَاضِي: تُكْرَهُ إمَامَتُهُ، وَتَصِحُّ، أَعْجَمِيًّا كَانَ أَوْ عَرَبِيًّا، وَقِيلَ فِي مَنْ قَرَأَ {وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: ٧] بِالظَّاءِ: لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ يُحِيلُ الْمَعْنَى يُقَالُ: ظَلَّ يَفْعَلُ كَذَا: إذَا فَعَلَهُ نَهَارًا، فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْأَلْثَغِ. وَتُكْرَهُ إمَامَةُ التَّمْتَامِ - وَهُوَ مَنْ يُكَرِّرُ التَّاءَ -، وَالْفَأْفَاءِ، وَهُوَ مَنْ يُكَرِّرُ الْفَاءَ. وَتَصِحُّ الصَّلَاةُ خَلْفَهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا يَأْتِيَانِ بِالْحُرُوفِ عَلَى الْكَمَالِ، وَيَزِيدَانِ زِيَادَةً هُمَا مَغْلُوبَانِ عَلَيْهَا، فَعُفِيَ عَنْهَا، وَيُكْرَهُ تَقْدِيمُهُمَا لِهَذِهِ الزِّيَادَةِ.

[مَسْأَلَةٌ الصَّلَاةُ خَلْفَ مُشْرِكٍ أَوْ امْرَأَةٍ أَوْ خُنْثَى مُشْكِلٍ.]

(١١٤٠) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَإِنْ صَلَّى خَلْفَ مُشْرِكٍ أَوْ امْرَأَةٍ أَوْ خُنْثَى مُشْكِلٍ، أَعَادَ الصَّلَاةَ) وَجُمْلَتُهُ أَنَّ الْكَافِرَ لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ خَلْفَهُ بِحَالٍ سَوَاءٌ عَلِمَ بِكُفْرِهِ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الصَّلَاةِ، أَوْ قَبْلَ ذَلِكَ، وَعَلَى مَنْ صَلَّى وَرَاءَهُ الْإِعَادَةُ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ، وَالْمُزَنِيُّ: لَا إعَادَةَ عَلَى مَنْ صَلَّى خَلْفَهُ، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ؛ لِأَنَّهُ ائْتَمَّ بِمَنْ لَا يُعْلَمُ حَالُهُ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ ائْتَمَّ بِمُحْدِثٍ. وَلَنَا، أَنَّهُ ائْتَمَّ بِمَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ، فَلَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ، كَمَا لَوْ ائْتَمَّ بِمَجْنُونٍ، وَأَمَّا الْمُحْدِثُ فَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَعْلَمَ حَدَثَ نَفْسِهِ، وَالْكَافِرُ يَعْلَمُ حَالَ نَفْسِهِ.

وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَأْتَمَّ بِهَا الرَّجُلُ بِحَالٍ، فِي فَرْضٍ وَلَا نَافِلَةٍ، فِي قَوْلِ عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ، وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: لَا إعَادَةَ عَلَى مَنْ صَلَّى خَلْفَهَا. وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِ الْمُزَنِيّ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: يَجُوزُ أَنْ تَؤُمَّ الرِّجَالَ فِي التَّرَاوِيحِ، وَتَكُونَ وَرَاءَهُمْ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ أُمِّ وَرَقَةَ بِنْتِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَعَلَ لَهَا مُؤَذِّنًا يُؤَذِّنُ لَهَا، وَأَمَرَهَا أَنْ تَؤُمَّ أَهْلَ دَارِهَا.» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَهَذَا عَامٌّ فِي الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ.

وَلَنَا قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تَؤُمَّنَّ امْرَأَةٌ رَجُلًا» ، وَلِأَنَّهَا لَا تُؤَذِّنُ لِلرِّجَالِ، فَلَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>