الْوَصِيَّةَ بَيْنَهُمَا لَمَلَكُوا إبْطَالَ مَا زَادَ عَلَى السُّدُسِ، فَإِنْ صَرَّحَ الْوَرَثَةُ بِذَلِكَ، فَقَالُوا: أَجَزْنَا الثُّلُثَ لَكُمَا، وَرَدَدْنَا مَا زَادَ عَلَيْهِ فِي وَصِيَّتِكُمَا. أَوْ قَالُوا: رَدَدْنَا مِنْ وَصِيَّةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا نِصْفَهَا، وَبَقِينَا لَهُ نِصْفَهَا. كَانَ ذَلِكَ آكَدَ فِي جَعْلِ السُّدُسِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ لِتَصْرِيحِهِمْ بِهِ، وَإِنْ قَالُوا: أَجَزْنَا وَصِيَّةَ الْوَارِثِ كُلَّهَا، وَرَدَدْنَا نِصْفَ وَصِيَّةِ الْأَجْنَبِيِّ. فَهُوَ عَلَى مَا قَالُوا؛ لِأَنَّ لَهُمْ أَنْ يُجِيزُوا لَهُمَا وَيَرُدُّوا عَلَيْهِمَا، فَكَانَ لَهُمْ أَنْ يُجِيزُوا لِأَحَدِهِمَا وَيَرُدُّوا عَلَى الْآخَرِ. وَإِنْ أَجَازُوا لِلْأَجْنَبِيِّ جَمِيعَ وَصِيَّتِهِ، وَرَدُّوا عَلَى الْوَارِثِ نِصْفَ وَصِيَّتِهِ جَازَ، كَمَا قُلْنَا. وَإِنْ أَرَادُوا أَنْ يَنْقُصُوا الْأَجْنَبِيَّ عَنْ نِصْفِ وَصِيَّتِهِ، لَمْ يَمْلِكُوا ذَلِكَ، سَوَاءٌ أَجَازُوا لِلْوَارِثِ أَوْ رَدُّوا عَلَيْهِ. فَإِنْ رَدُّوا جَمِيعَ وَصِيَّةِ الْوَارِثِ، وَنِصْفَ وَصِيَّةِ الْأَجْنَبِيِّ، فَعَلَى قَوْلِ الْقَاضِي، لَهُمْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ لَهُمْ أَنْ يُجِيزُوا الثُّلُثَ لَهُمَا، فَيَشْتَرِكَانِ فِيهِ، وَيَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُهُ، ثُمَّ إذَا رَجَعُوا فِيمَا لِلْوَارِثِ، لَمْ يُرَدَّ الْأَجْنَبِيُّ عَلَى مَا كَانَ لَهُ فِي حَالَةِ الْإِجَازَةِ لِلْوَارِثِ. وَعَلَى قَوْلِ أَبِي الْخَطَّابِ، يَتَوَفَّرُ الثُّلُثُ كُلُّهُ لِلْأَجْنَبِيِّ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُنْتَقَصُ مِنْهُ بِمُزَاحَمَةِ الْوَارِثِ، فَإِذَا زَالَتْ الْمُزَاحَمَةُ، وَجَبَ تَوْفِيرُ الثُّلُثِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَوْصَى لَهُ بِهِ. وَلَوْ خَلَّفَ ابْنَيْنِ، وَوَصَّى لَهُمَا بِثُلُثَيْ مَالِهِ، وَلِأَجْنَبِيٍّ بِالثُّلُثِ، فَرَدَّا الْوَصِيَّةَ. فَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: عِنْدِي لِلْأَجْنَبِيِّ الثُّلُثُ كَامِلًا. وَعِنْدَ الْقَاضِي، لَهُ التُّسْعُ. وَيَجِيءُ فِيهِ مِنْ الْفُرُوعِ مِثْلُ مَا ذَكَرْنَا فِي الَّتِي قَبْلَهَا.
[فَصْلٌ وَصَّى بِثُلُثِهِ لَوَارِثٍ وَأَجْنَبِيٍّ وَقَالَ إنْ رَدُّوا وَصِيَّةَ الْوَارِثِ فَالثُّلُثُ كُلُّهُ لِلْأَجْنَبِيِّ]
(٤٦٠٣) فَصْلٌ: وَإِنْ وَصَّى بِثُلُثِهِ لَوَارِثٍ وَأَجْنَبِيٍّ، وَقَالَ: إنْ رَدُّوا وَصِيَّةَ الْوَارِثِ فَالثُّلُثُ كُلُّهُ لِلْأَجْنَبِيِّ.، كَمَا وَصَّى. وَإِنْ أَجَازُوا لِلْوَارِثِ، فَالثُّلُثُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تَتَعَلَّقُ بِالشَّرْطِ. وَلَوْ قَالَ: أَوْصَيْت لَفُلَانٍ بِثُلُثِي، فَإِنْ مَاتَ قَبْلِي فَهُوَ لِفُلَانٍ. صَحَّ. وَإِنْ قَالَ: وَصَّيْت بِثُلُثِي لَفُلَانٍ، فَإِنْ قَدِمَ فُلَانٌ الْغَائِبُ فَهُوَ لَهُ. صَحَّ، فَإِنْ قَدِمَ الْغَائِبُ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي، صَارَ هُوَ الْوَصِيَّ، وَبَطَلَتْ وَصِيَّةُ الْأَوَّلِ، سَوَاءٌ عَادَ إلَى الْغَيْبَةِ أَوْ لَمْ يَعُدْ؛ لِأَنَّهُ قَدْ وُجِدَ شَرْطُ انْتِقَالِ الْوَصِيَّةِ إلَيْهِ، فَلَمْ يَنْتَقِلْ عَنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ. وَإِنْ مَاتَ الْمُوصِي قَبْلَ قُدُومِ الْغَائِبِ، فَالْوَصِيَّةُ لِلْحَاضِرِ، سَوَاءٌ قَدِمَ الْغَائِبُ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَقْدَمْ. ذَكَرَهُ الْقَاضِي؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ ثَبَتَتْ لِوُجُودِ شَرْطِهَا، فَلَمْ تُنْقَلْ عَنْهُ، كَمَا لَوْ لَمْ يَقْدُمْ. وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْغَائِبَ إنْ قَدِمَ بَعْدَ الْمَوْتِ، كَانَتْ الْوَصِيَّةُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَهَا لَهُ بِشَرْطِ قُدُومِهِ، وَقَدْ وُجِدَ ذَلِكَ.
[فَصْلٌ وَصَّى لَوَارِثٍ فَأَجَازَ بَعْضُ بَاقِي الْوَرَثَةِ الْوَصِيَّةَ دُونَ الْبَعْضِ]
(٤٦٠٤) فَصْلٌ: وَإِنْ وَصَّى لَوَارِثٍ، فَأَجَازَ بَعْضُ بَاقِي الْوَرَثَةِ الْوَصِيَّةَ دُونَ الْبَعْضِ، نَفَذَ فِي نَصِيبِ مَنْ أَجَازَ، دُونَ مَنْ لَمْ يُجِزْ. وَإِنْ أَجَازُوا بَعْضَ الْوَصِيَّةِ دُونَ بَعْضٍ، نَفَذَتْ فِيمَا أَجَازُوا دُونَ مَا لَمْ يُجِيزُوا. فَإِنْ أَجَازَ بَعْضُهُمْ بَعْضَ الْوَصِيَّةِ، وَأَجَازَ بَعْضُهُمْ جَمِيعَهَا، أَوْ رَدَّهَا، فَهُوَ عَلَى مَا فَعَلُوا مِنْ ذَلِكَ. فَلَوْ خَلَّفَ ثَلَاثَةَ بَنِينَ وَعَبْدًا، لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ، فَوَصَّى بِهِ لِأَحَدِهِمْ، أَوْ وَهَبَهُ إيَّاهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ، وَأَجَازَهُ لَهُ أَخَوَاهُ، فَهُوَ لَهُ، وَإِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute