فَيَخْرُصُ النَّخْلَ حِين يَطِيبُ، قَبْلَ أَنْ يُؤْكَلَ مِنْهُ، ثُمَّ يُخَيِّرُ يَهُودَ خَيْبَرَ، أَيَأْخُذُونَهُ بِذَلِكَ الْخَرْصِ، أَمْ يَدْفَعُونَهُ إلَيْهِمْ بِذَلِكَ الْخَرْصِ، لِكَيْ تُحْصَى الزَّكَاةُ قَبْلَ أَنْ تُؤْكَلَ الثِّمَارُ وَتُفَرَّقَ. قَالَ جَابِرٌ: خَرَصَهَا ابْنُ رَوَاحَةَ أَرْبَعِينَ أَلْفَ وَسْقٍ، وَزَعَمَ أَنَّ الْيَهُودَ لَمَّا خَيَّرَهُمْ ابْنُ رَوَاحَةَ أَخَذُوا التَّمْرَ وَعَلَيْهِمْ عِشْرُونَ أَلْفَ وَسْقٍ.»
[فَصْلٌ سَاقَاهُ عَلَى أَرْضٍ خَرَاجِيَّةٌ]
(٤١٣٢) فَصْلٌ: وَإِنْ سَاقَاهُ عَلَى أَرْضٍ خَرَاجِيَّةٌ، فَالْخَرَاجُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الرَّقَبَةِ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَجِبُ سَوَاءٌ أَثْمَرَتْ الشَّجَرَةُ أَوْ لَمْ تُثْمِرْ. وَلِأَنَّ الْخَرَاجَ يَجِبُ أُجْرَةً لِلْأَرْضِ، فَكَانَ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ، كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا وَزَارَعَ غَيْرَهُ فِيهَا. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَقَدْ نُقِلَ عَنْ أَحْمَدَ، فِي الَّذِي يَتَقَبَّلُ الْأَرْضَ الْبَيْضَاءَ لِيَعْمَل عَلَيْهَا، وَهِيَ مِنْ أَرْضِ السَّوَادِ يَتَقَبَّلُهَا مِنْ السُّلْطَانِ، فَعَلَى مَنْ يَقْبَلُهَا أَنْ يُؤَدِّيَ وَظِيفَةَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَيُؤَدِّيَ الْعُشْرَ بَعْدَ وَظِيفَةِ عُمَرَ
وَهَذَا مَعْنَاهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ إذَا دَفَعَ السُّلْطَانُ أَرْضَ الْخَرَاجِ إلَى رَجُلٍ يَعْمَلُهَا وَيُؤَدِّي خَرَاجَهَا، فَإِنَّهُ يَبْدَأُ فَيُؤَدِّي خَرَاجَهَا، ثُمَّ يُزَكِّي مَا بَقِيَ. كَمَا ذَكَرَهُ الْخِرَقِيِّ فِي بَابِ الزَّكَاةِ. وَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ مَا ذَكَرْنَا هَا هُنَا، إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
[مَسْأَلَة لَا يَجُوزُ أَنْ يَجْعَلَ لِعَامِلِ الْمُسَاقَاة فَضْلَ دَرَاهِم]
(٤١٣٣) مَسْأَلَةٌ قَالَ: (وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَجْعَلَ لَهُ فَضْلَ دَرَاهِمَ) يَعْنِي إذَا شَرَطَ جُزْءًا مَعْلُومًا مِنْ الثَّمَرَةِ، وَدَرَاهِمَ مَعْلُومَةً، كَعَشَرَةٍ وَنَحْوِهَا، لَمْ يَجُزْ بِغَيْرِ خِلَافٍ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا لَمْ يَحْدُثْ مِنْ النَّمَاءِ مَا يُسَاوِي تِلْكَ الدَّرَاهِمَ، فَيَتَضَرَّرُ رَبُّ الْمَالِ، وَلِذَلِكَ مَنَعْنَا مِنْ اشْتِرَاطِ أَقْفِزَةٍ مَعْلُومَةٍ. وَلَوْ شَرَطَ لَهُ دَرَاهِمَ مُنْفَرِدَةً عَنْ الْجُزْءِ، لَمْ يَجُزْ لِذَلِكَ. وَلَوْ جَعَلَ لَهُ ثَمَرَةَ سَنَةٍ غَيْرِ السَّنَةِ الَّتِي سَاقَاهُ فِيهَا، أَوْ ثَمَرَ شَجَرٍ غَيْرِ الشَّجَرِ الَّذِي سَاقَاهُ عَلَيْهِ، أَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ عَمَلًا فِي غَيْرِ الشَّجَرِ الَّذِي سَاقَاهُ عَلَيْهِ، أَوْ عَمَلًا فِي غَيْرِ السَّنَةِ، فَسَدَ الْعَقْدُ، سَوَاءٌ جَعَلَ ذَلِكَ كُلَّ حَقِّهِ أَوْ بَعْضَهُ أَوْ جَمِيعَ الْعَمَلِ، أَوْ بَعْضَهُ؛ لِأَنَّهُ يُخَالِفُ مَوْضُوعَ الْمُسَاقَاةِ، إذْ مَوْضُوعُهَا أَنْ يَعْمَلَ فِي شَجَرٍ مُعَيَّنٍ بِجُزْءٍ مُشَاعٍ مِنْ ثَمَرَتِهِ، فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ الَّذِي يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ فِيهِ الْعَمَلَ.
[فَصْل سَاقَى رَجُلًا أَوْ زَارِعه]
(٤١٣٤) فَصْلٌ: وَإِذَا سَاقَى رَجُلًا، أَوْ زَارَعَهُ، فَعَامَلَ الْعَامِلُ غَيْرَهُ عَلَى الْأَرْضِ وَالشَّجَرِ، لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ. وَبِهَذَا قَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute