رَجُلًا فَخَرَجَ مَعَهُ، أَوْ دَخَلَ فَوَقَفَ عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ نَوَى الِانْفِرَادَ، وَأَتَمَّ مُنْفَرِدًا؛ لِأَنَّهُ عُذْرٌ حَدَثَ لَهُ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ سَبَقَ إمَامَهُ الْحَدَثُ.
[فَصْلٌ إذَا دَخَلَ الْمَأْمُومُ فَوَجَدَ فِي الصَّفِّ فُرْجَةً]
(١١٧١) فَصْلٌ: إذَا دَخَلَ الْمَأْمُومُ، فَوَجَدَ فِي الصَّفِّ فُرْجَةً، دَخَلَ فِيهَا، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ، وَقَفَ عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ، وَلَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَجْذِبَ رَجُلًا، فَيَقُومَ مَعَهُ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ ذَلِكَ نَبَّهَ رَجُلًا فَخَرَجَ فَوَقَفَ مَعَهُ. وَبِهَذَا قَالَ عَطَاءٌ، وَالنَّخَعِيُّ، قَالَا: يَجْذِبُ رَجُلًا فَيَقُومُ مَعَهُ. وَكَرِهَ ذَلِكَ مَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَاسْتَقْبَحَهُ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ.
قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: جَوَّزَ أَصْحَابُنَا جَذْبَ رَجُلٍ يَقُومُ مَعَهُ صَفًّا، وَاخْتَارَ هُوَ أَنْ لَا يَفْعَلَ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ.
وَالصَّحِيحُ جَوَازُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْحَالَةَ دَاعِيَةٌ إلَيْهِ، فَجَازَ، كَالسُّجُودِ عَلَى ظَهْرِهِ أَوْ قَدَمِهِ حَالَ الزِّحَامِ وَلَيْسَ هَذَا تَصَرُّفًا فِيهِ، إنَّمَا هُوَ تَنْبِيهٌ لَهُ لِيَخْرُجَ مَعَهُ، فَجَرَى مَجْرَى مَسْأَلَتِهِ أَنْ يُصَلِّيَ مَعَهُ؛ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «لِينُوا فِي أَيْدِي إخْوَانِكُمْ» . يُرِيدُ ذَلِكَ. فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ الْخُرُوجِ مَعَهُ لَمْ يُكْرِهْهُ وَصَلَّى وَحْدَهُ.
[فَصْلٌ يُصَلِّي الْإِمَامُ بِرَجُلٍ قَائِمٍ وَقَاعِدٍ وَيَتَقَدَّمُهُمَا]
(١١٧٢) فَصْلٌ: قَالَ أَحْمَدُ: يُصَلِّي الْإِمَامُ بِرَجُلٍ قَائِمٍ وَقَاعِدٍ وَيَتَقَدَّمُهُمَا. وَقَالَ: إذَا أَمَّ بِرَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا غَيْرُ طَاهِرٍ، ائْتَمَّ الطَّاهِرُ مَعَهُ. وَهَذَا يَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ إذَا عَلِمَ الْمُحْدِثُ بِحَدَثِهِ، فَخَرَجَ، ائْتَمَّ الْآخَرُ إنْ كَانَ عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَنْ يَمِينِهِ صَارَ عَنْ يَمِينِهِ، كَمَا ذَكَرْنَا، فَأَمَّا إنْ كَانَ خَلْفَهُ، وَعَلِمَ الْمُحْدِثُ، فَإِنَّمَا الصَّلَاةُ لَمْ تَصِحَّ. وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُحْدِثُ بِحَدَثِهِ حَتَّى تَمَّتْ الصَّلَاةُ، صَحَّتْ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ إمَامًا صَحَّ الِائْتِمَامُ بِهِ، فَلَأَنْ تَصِحَّ مُصَافَّتُهُ أَوْلَى.
[فَصْلٌ وَقَفَ مَعَهُ كَافِرٌ أَوْ مَنْ لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ]
فَصْلٌ: (١١٧٣) وَمَنْ وَقَفَ مَعَهُ كَافِرٌ، أَوْ مَنْ لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ غَيْرَ مَا ذَكَرْنَا، لَمْ تَصِحَّ مُصَافَّتُهُ؛ لِأَنَّ وُجُودَهُ وَعَدَمَهُ وَاحِدٌ. وَإِنْ وَقَفَ مَعَهُ فَاسِقٌ، أَوْ مُتَنَفِّلٌ، صَارَ صَفًّا؛ لِأَنَّهُمَا رَجُلَانِ صَلَاتُهُمَا صَحِيحَةٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ وَقَفَ قَارِئٌ مَعَ أُمِّيٍّ، أَوْ مَنْ بِهِ سَلَسُ الْبَوْلِ مَعَ صَحِيحٍ، أَوْ مُتَيَمِّمٌ مَعَ مُتَوَضِّئٍ، كَانَا صَفًّا؛ لِمَا ذَكَرْنَا. فَإِنْ وَقَفَ مَعَهُ خُنْثَى مُشْكِلٌ، لَمْ يَكُنْ صَفًّا مَعَهُ، إلَّا مَنْ أَجَازَ وُقُوفَ الْمَرْأَةِ مَعَ الرَّجُلِ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ امْرَأَةً.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute