وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، فِي الْمَرْأَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلِيٌّ: فَالسُّلْطَانُ الْمُسَلَّطُ عَلَى الشَّيْءِ؛ الْقَاضِي يَقْضِي فِي الْفُرُوجِ وَالْحُدُودِ وَالرَّجْمِ، وَصَاحِبُ الشُّرْطَةِ إنَّمَا هُوَ مُسَلَّطٌ فِي الْأَدَبِ وَالْجِنَايَةِ
وَقَالَ: مَا لِلْوَالِي وِلَايَةٌ إنَّمَا هُوَ الْقَاضِي. وَتَأَوَّلَ الْقَاضِي الرِّوَايَةَ الْأُولَى عَلَى أَنَّ الْوَالِيَ أَذِنَ لَهُ فِي التَّزْوِيجِ. وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ جَعَلَ لَهُ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي مَوْضِعِ وِلَايَتِهِ قَاضٍ، فَكَأَنَّهُ قَدْ فَوَّضَ إلَيْهِ النَّظَرَ فِيمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي وِلَايَتِهِ، وَهَذَا مِنْهَا.
[فَصْلٌ حُكْم وِلَايَة أَهْلُ الْبَغْيِ فِي النِّكَاح]
فَصْلٌ: وَإِذَا اسْتَوْلَى أَهْلُ الْبَغْيِ عَلَى بَلَدٍ، جَرَى حُكْمُ سُلْطَانِهِمْ وَقَاضِيهِمْ فِي ذَلِكَ مَجْرَى الْإِمَامِ وَقَاضِيهِ؛ لِأَنَّهُ أُجْرِيَ مُجْرَاهُ فِي قَبْضِ الصَّدَقَاتِ وَالْجِزْيَةِ وَالْخَرَاجِ وَالْأَحْكَامِ، فَكَذَلِكَ فِي هَذَا.
[فَصْلٌ الْمَرْأَةِ تُسْلِمُ عَلَى يَدِ رَجُلٍ لَا يَكُونُ وَلِيًّا لَهَا وَلَا يُزَوِّجُ حَتَّى يَأْتِيَ السُّلْطَانُ]
(٥١٦٢) فَصْلٌ: وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ فِي الْمَرْأَةِ تُسْلِمُ عَلَى يَدِ رَجُلٍ، فَقَالَ فِي مَوْضِعٍ: لَا يَكُونُ وَلِيًّا لَهَا، وَلَا يُزَوِّجُ حَتَّى يَأْتِيَ السُّلْطَانَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ عَصَبَتِهَا، وَلَا يَعْقِلُ عَنْهَا، وَلَا يَرِثُهَا، فَأَشْبَهَ الْأَجْنَبِيَّ. وَقَالَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى، فِي امْرَأَةٍ أَسْلَمَتْ عَلَى يَدِ رَجُلٍ: يُزَوِّجُهَا هُوَ. وَهُوَ قَوْلُ إِسْحَاقَ. وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُ ذَلِكَ حَتَّى يَأْتِيَ السُّلْطَانَ. وَعَنْ الْحَسَنِ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا أَنْ يُزَوِّجَهَا نَفْسَهُ
وَذَلِكَ لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد، بِإِسْنَادِهِ عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ، «أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا السُّنَّةُ فِي الرَّجُلِ يُسْلِمُ عَلَى يَدِ الرَّجُلِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ؟ قَالَ: هُوَ أَوْلَى النَّاسِ بِمَحْيَاهُ وَمَمَاتِهِ» . إلَّا أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ، وَقَالَ: رَاوِيهِ عَبْدُ الْعَزِيزِ يَعْنِي ابْنَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْحِفْظِ وَالْإِتْقَانِ.
[فَصْلٌ لَمْ يُوجَدْ لِلْمَرْأَةِ وَلِي وَلَا ذُو سُلْطَانٍ يَلِي نِكَاحهَا]
(٥١٦٣) فَصْلٌ: فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ لِلْمَرْأَةِ وَلِيٌّ وَلَا ذُو سُلْطَانٍ، فَعَنْ أَحْمَدَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يُزَوِّجُهَا رَجُلٌ عَدْلٌ بِإِذْنِهَا، فَإِنَّهُ قَالَ فِي دُهْقَانِ قَرْيَةٍ: يُزَوِّجُ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهَا إذَا احْتَاطَ لَهَا فِي الْكُفْءِ وَالْمَهْرِ، إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الرُّسْتَاقِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute