للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَقْوَى، وَيَدَهُ آكَدُ، وَهُوَ الْمُسْتَوْفِي لِمَنْفَعَتِهَا. وَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا عَلَيْهَا حِمْلٌ، وَالْآخَرُ آخِذٌ بِزِمَامِهَا، فَهِيَ لِصَاحِبِ الْحِمْلِ؛ لِذَلِكَ. وَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا عَلَيْهَا، حِمْلٌ، وَالْآخَرُ رَاكِبٌ عَلَيْهَا، فَهِيَ لِلرَّاكِبِ؛ لِأَنَّهُ أَقْوَى تَصَرُّفًا. وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْحِمْلِ، فَادَّعَاهُ الرَّاكِبُ وَصَاحِبُ الدَّابَّةِ، فَهُوَ لِلرَّاكِبِ؛ لِأَنَّ يَدَهُ عَلَى الدَّابَّةِ وَالْحِمْلِ مَعًا، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ اخْتَلَفَ السَّاكِنُ وَصَاحِبُ الدَّارِ فِي قُمَاشٍ فِيهَا.

وَإِنْ تَنَازَعَ صَاحِبُ الدَّابَّةِ وَالرَّاكِبُ فِي السَّرْجِ، فَهُوَ لِصَاحِبِ الدَّابَّةِ، لِأَنَّ السَّرْجَ فِي الْعَادَةِ يَكُونُ لِصَاحِبِ الْفَرَسِ. وَإِنْ تَنَازَعَ اثْنَانِ فِي ثِيَابٍ عَلَى عَبْدٍ لِأَحَدِهِمَا، فَهِيَ لِصَاحِبِ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّ يَدَ الْعَبْدِ عَلَيْهَا. وَإِنْ تَنَازَعَ صَاحِبُ الثِّيَابِ وَالْآخَرُ فِي الْعَبْدِ اللَّابِسِ لَهَا، فَهُمَا سَوَاءٌ؛ لِأَنَّ نَفْعَ الثِّيَابِ يَعُودُ إلَى الْعَبْدِ، لَا إلَى صَاحِبِ الثِّيَابِ. وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ فِي هَذَا الْفَصْلِ، وَاَلَّذِي قَبْلَهُ، كَمَا ذَكَرْنَا.

[فَصْلٌ اخْتَلَفَ صَاحِبُ أَرْضٍ وَنَهْرٍ فِي حَائِطٍ بَيْنَهُمَا]

(٨٥٦٢) فَصْلٌ: وَإِنْ اخْتَلَفَ صَاحِبُ أَرْضٍ وَنَهْرٍ فِي حَائِطٍ بَيْنَهُمَا، فَهُوَ لَهُمَا وَيَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى النِّصْفِ الْمَحْكُومِ لَهُ بِهِ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: هُوَ لِصَاحِبِ النَّهْرِ؛ لِأَنَّهُ لِنَفْعِهِ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ هُوَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّهُ مُتَّصِلٌ بِأَرْضِهِ. وَلَنَا، أَنَّهُ حَاجِزٌ بَيْنَ مِلْكَيْهِمَا، فَكَانَتْ يَدُهُمَا عَلَيْهِ، فَيَكُونُ لَهُمَا، كَمَا لَوْ تَنَازَعَ صَاحِبُ الْعُلْوِ وَالسُّفْلِ فِي السَّقْفِ الَّذِي بَيْنَهُمَا، أَوْ حَائِطٍ بَيْنَ دَارَيْهِمَا. وَمَا ذَكَرُوهُ مِنْ التَّرْجِيحَيْنِ مُتَقَابِلٌ، فَيَسْتَوِيَانِ. وَإِنْ تَنَازَعَ صَاحِبُ الْعُلْوِ وَالسُّفْلِ فِي السَّقْفِ الَّذِي بَيْنَهُمَا، فَهُوَ بَيْنَهُمَا، لِذَلِكَ. وَكُلُّ مَوْضِعٍ قُلْنَا يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ. فَإِنَّمَا يَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى النِّصْفِ الَّذِي يَحْصُلُ لَهُ، دُونَ النِّصْفِ الْآخَرِ لِأَنَّ مَا يَحْصُلُ لَهُ لَا يُفِيدُهُ الْحَلِفُ عَلَيْهِ شَيْئًا، فَلَا يَسْتَحْلِفُ عَلَيْهِ، كَالْمُدَّعِي لَا يَحْلِفُ عَلَى مَا يَأْخُذُهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ.

[فَصْلٌ تَنَازَعَا عِمَامَةً طَرَفُهَا فِي يَدِ أَحَدِهِمَا وَبَاقِيهَا فِي يَدِ الْآخَرِ]

(٨٥٦٣) فَصْلٌ: وَإِنْ تَنَازَعَا عِمَامَةً طَرَفُهَا فِي يَدِ أَحَدِهِمَا، وَبَاقِيهَا فِي يَدِ الْآخَرِ، أَوْ قَمِيصًا، كُمُّهُ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا، وَبَاقِيه مَعَ الْآخَرِ فَهُمَا سَوَاءٌ فِيهَا؛ لِأَنَّ يَدَ الْمُمْسِكِ بِالطَّرَفِ عَلَيْهَا، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بَاقِيهَا عَلَى الْأَرْضِ، فَنَازَعَهُ فِيهَا غَيْرُهُ كَانَتْ لَهُ، وَإِذَا كَانَتْ فِي أَيْدِيهِمَا تَسَاوَيَا فِيهَا.

وَلَوْ كَانَتْ دَارٌ فِيهَا أَرْبَعَةُ أَبْيَاتٍ، وَفِي أَحَدِ أَبْيَاتِهَا سَاكِنٌ، وَفِي الثَّلَاثَةِ الْبَاقِيَةِ سَاكِنٌ آخَرُ، فَاخْتَلَفَا فِيهَا، كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مَا هُوَ سَاكِنٌ فِيهِ، لِأَنَّ كُلَّ بَيْتٍ يَنْفَصِلُ عَنْ صَاحِبِهِ، وَلَا يُشَارِكُ الْخَارِجُ مِنْهُ السَّاكِنَ فِيهِ فِي ثُبُوتِ الْيَدِ عَلَيْهِ. وَلَوْ تَنَازَعَا السَّاحَةَ الَّتِي يَتَطَرَّقُ مِنْهَا إلَى الْبُيُوتِ، فَهِيَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ؛ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي ثُبُوتِ الْيَدِ عَلَيْهَا، فَأَشْبَهَتْ الْعِمَامَةَ فِيمَا ذَكَرْنَا.

[مَسْأَلَة مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى أَحَدٍ حَقٌّ فَمَنَعَهُ مِنْهُ وَقَدَرَ لَهُ عَلَى مَالٍ]

(٨٥٦٤) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَمَنْ كَانَ لَهُ عَلَى أَحَدٍ حَقٌّ، فَمَنَعَهُ مِنْهُ، وَقَدَرَ لَهُ عَلَى مَالٍ، لَمْ يَأْخُذْ مِنْهُ مِقْدَارَ حَقِّهِ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>