للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهُمَا: لَا قِصَاصَ فِيهِمَا؛ لِأَنَّهُ لَحْمٌ لَا مَفْصِلَ لَهُ يَنْتَهِي إلَيْهِ، فَلَمْ يَجِبْ فِيهِ قِصَاصٌ، كَلَحْمِ الْفَخِذَيْنِ. هَذَا قَوْلُ الْقَاضِي. وَالثَّانِي: فِيهِمَا الْقِصَاصُ؛ لِأَنَّ انْتِهَاءَهُمَا مَعْرُوفٌ، فَأَشْبَهَا الشَّفَتَيْنِ وَجَفْنَيْ الْعَيْنِ. وَهَذَا قَوْلُ أَبِي الْخَطَّابِ. وَلِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَجْهَانِ، كَهَذَيْنِ.

[فَصْلٌ قَطَعَ ذَكَرَ خُنْثَى مُشْكِلٍ أَوْ أُنْثَيَيْهِ أَوْ شَفْرَيْهِ]

(٦٦٩٩) فَصْلٌ: وَإِنْ قَطَعَ ذَكَرَ خُنْثَى مُشْكِلٍ، أَوْ أُنْثَيَيْهِ، أَوْ شَفْرَيْهِ، فَاخْتَارَ الْقِصَاصَ، لَمْ يَكُنْ لَهُ قِصَاصٌ فِي الْحَالِ، وَيَقِفُ الْأَمْرُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ حَالُهُ؛ لِأَنَّنَا لَا نَعْلَمُ أَنَّ الْمَقْطُوعَ عُضْوٌ أَصْلِيٌّ. وَإِنْ اخْتَارَ الدِّيَةَ، وَكَانَ يُرْجَى انْكِشَافُ حَالِهِ، أَعْطَيْنَاهُ الْيَقِينَ، فَيَكُونُ لَهُ حُكُومَةٌ فِي الْمَقْطُوعِ. وَإِنْ كَانَ قَدْ قَطَعَ جَمِيعَهَا، فَلَهُ دِيَةُ امْرَأَةٍ فِي الشَّفْرَيْنِ، وَحُكُومَةٌ فِي الذَّكَرِ وَالْأُنْثَيَيْنِ. وَإِنْ يَئِسَ مِنْ انْكِشَافِ حَالِهِ، أُعْطِيَ نِصْفَ دِيَةِ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَيَيْنِ، وَنِصْفَ دِيَةِ الشَّفْرَيْنِ، وَحُكُومَةً فِي نِصْفِ ذَلِكَ كُلِّهِ.

[فَصْلٌ يَجِبُ الْقِصَاصُ فِي الْأَلْيَتَيْنِ النَّاتِئَتَيْنِ بَيْنَ الْفَخِذَيْنِ وَالظَّهْرِ بِجَانِبِيِّ الدُّبُرِ]

(٦٧٠٠) فَصْلٌ: يَجِبُ الْقِصَاصُ فِي الْأَلْيَتَيْنِ النَّاتِئَتَيْنِ بَيْنَ الْفَخِذَيْنِ وَالظَّهْرِ بِجَانِبَيْ الدُّبُرِ. وَهَذَا ظَاهِرُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ. وَقَالَ الْمُزَنِيّ: لَا قِصَاصَ فِيهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا لَحْمٌ مُتَّصِلٌ بِلَحْمِ، فَأَشْبَهَ لَحْمَ الْفَخِذِ. وَلَنَا، قَوْله تَعَالَى: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: ٤٥] . وَلِأَنَّ لَهُمَا حَدًّا يَنْتَهِيَانِ إلَيْهِ، فَجَرَى الْقِصَاصُ فِيهِمَا، كَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَيَيْنِ.

[مَسْأَلَةٌ تُقْلَعُ الْعَيْنُ بِالْعَيْنِ]

(٦٧٠١) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَتُقْلَعُ الْعَيْنُ بِالْعَيْنِ) أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى الْقِصَاصِ فِي الْعَيْنِ، وَمِمَّنْ بَلَغَنَا قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ مَسْرُوقٌ، وَالْحَسَنُ، وَابْنُ سِيرِينَ، وَالشَّعْبِيُّ، وَالنَّخَعِيُّ، وَالزُّهْرِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ، - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ} [المائدة: ٤٥] . وَلِأَنَّهَا تَنْتَهِي إلَى مَفْصِلٍ، فَجَرَى الْقِصَاصُ فِيهَا كَالْيَدِ. وَتُؤْخَذُ عَيْنُ الشَّابِّ بِعَيْنِ الشَّيْخِ الْمَرِيضَةِ، وَعَيْنُ الْكَبِيرِ بِعَيْنِ الصَّغِيرِ وَالْأَعْمَشِ، وَلَا تُؤْخَذُ صَحِيحَةٌ بِقَائِمَةٍ؛ لِأَنَّهُ يَأْخُذُ أَكْثَرَ مِنْ حَقِّهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>