[بَابُ صَدَقَةِ الْغَنَمِ]
ِ وَهِيَ وَاجِبَةٌ بِالسُّنَّةِ، وَالْإِجْمَاعِ؛ أَمَّا السُّنَّةُ فَمَا رَوَى أَنَسٌ، فِي كِتَابِ أَبِي بَكْرٍ، الَّذِي ذَكَرْنَا أَوَّلَهُ، قَالَ: «وَفِي صَدَقَةِ الْغَنَمِ فِي سَائِمَتِهَا، إذَا كَانَتْ أَرْبَعِينَ إلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ، شَاةٌ، فَإِذَا زَادَتْ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ إلَى مِائَتَيْنِ، فَفِيهَا شَاتَانِ، فَإِذَا زَادَتْ عَلَى مِائَتَيْنِ إلَى ثَلَاثِمِائَةٍ، فَفِيهَا ثَلَاثُ شِيَاهٍ، فَإِذَا زَادَتْ عَلَى ثَلَاثِمِائَةٍ، فَفِي كُلِّ مِائَةٍ شَاةٌ، وَإِذَا كَانَتْ سَائِمَةُ الرَّجُلِ نَاقِصَةً مِنْ أَرْبَعِينَ شَاةً وَاحِدَةً، فَلَيْسَ فِيهَا صَدَقَةٌ إلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبُّهَا، وَلَا يُخْرِجُ فِي الصَّدَقَةِ هَرِمَةً، وَلَا ذَاتَ عَوَارٍ، وَلَا تَيْسًا، إلَّا مَا شَاءَ الْمُصَدِّقُ» .
وَاخْتَارَ سِوَى هَذَا كَثِيرٌ، وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهَا. (١٧١٤) مَسْأَلَةٌ: قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ: (وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ أَرْبَعِينَ مِنْ الْغَنَمِ سَائِمَةٍ صَدَقَةٌ، فَإِذَا مَلَكَ أَرْبَعِينَ مِنْ الْغَنَمِ، فَأَسَامَهَا أَكْثَرَ السَّنَةِ، فَفِيهَا شَاةٌ، إلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ، فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةً، فَفِيهَا شَاتَانِ إلَى مِائَتَيْنِ، فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةً، فَفِيهَا ثَلَاثُ شِيَاهٍ) وَهَذَا كُلُّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ. قَالَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ: إلَّا الْمَعْلُوفَةَ فِي أَقَلَّ مِنْ نِصْفِ الْحَوْلِ، عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْخِلَافِ فِيهِ. وَحُكِيَ عَنْ مُعَاذٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ الْفَرْضَ لَا يَتَغَيَّرُ بَعْدَ الْمِائَةِ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ، حَتَّى تَبْلُغَ مِائَتَيْنِ وَاثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ، لِيَكُونَ مِثْلَيْ مِائَةٍ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ. وَلَا يَثْبُتُ عَنْهُ.
وَرَوَى سَعِيدٌ، عَنْ خَالِدِ، بْنِ مُغِيرَةَ، عَنْ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مُعَاذٍ، قَالَ: كَانَ إذَا بَلَغَتْ الشِّيَاهُ مِائَتَيْنِ لَمْ يُغَيِّرْهَا، حَتَّى تَبْلُغَ أَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ، فَيَأْخُذَ مِنْهَا ثَلَاثَ شِيَاهٍ، فَإِذَا بَلَغَتْ ثَلَاثَمِائَةٍ، لَمْ يُغَيِّرْهَا، حَتَّى تَبْلُغَ أَرْبَعِينَ وَثَلَاثَمِائَةٍ، فَيَأْخُذَ مِنْهَا أَرْبَعًا. وَلَفْظُ الْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ دَلِيلٌ عَلَيْهِ، وَالْإِجْمَاعُ عَلَى خِلَافِ هَذَا الْقَوْلِ دَلِيلٌ عَلَى فَسَادِهِ، وَالشَّعْبِيُّ لَمْ يَلْقَ مُعَاذًا. (١٧١٥) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (فَإِذَا زَادَتْ فَفِي كُلِّ مِائَةِ شَاةٍ شَاةٌ) ظَاهِرُ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّ الْفَرْضَ لَا يَتَغَيَّرُ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ وَوَاحِدَةٍ، حَتَّى يَبْلُغَ أَرْبَعَمِائَةٍ، فَيَجِبُ فِي كُلِّ مِائَةٍ شَاةٌ، وَيَكُونُ الْوَقْصُ مَا بَيْنَ الْمِائَتَيْنِ وَوَاحِدَةٍ إلَى أَرْبَعِمِائَةٍ، وَذَلِكَ مِائَةٌ وَتِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ. وَهَذَا إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ، وَقَوْلُ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ.
وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ أُخْرَى، أَنَّهَا إذَا زَادَتْ عَلَى ثَلَاثِمِائَةٍ وَوَاحِدَةٍ، فَفِيهَا أَرْبَعُ شِيَاهٍ، ثُمَّ لَا يَتَغَيَّرُ الْفَرْضُ حَتَّى تَبْلُغَ خَمْسَمِائَةٍ، فَيَكُونُ فِي كُلِّ مِائَةٍ شَاةٌ، وَيَكُونُ الْوَقْصُ الْكَبِيرُ بَيْنَ ثَلَاثِمِائَةٍ وَوَاحِدَةٍ إلَى خَمْسِمِائَةٍ، وَهُوَ أَيْضًا مِائَةٌ وَتِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ، وَهَذَا اخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ. وَحُكِيَ عَنْ النَّخَعِيِّ، وَالْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ، لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَعَلَ الثَّلَاثَمِائَةِ حَدًّا لِلْوَقْصِ، وَغَايَةً لَهُ، فَيَجِبُ أَنْ يَتَعَقَّبَهُ تَغَيُّرُ النِّصَابِ، كَالْمِائَتَيْنِ.
وَلَنَا، قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فَإِذَا زَادَتْ، فَفِي كُلِّ مِائَةٍ شَاةٌ» . وَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ لَا يَجِبَ فِي دُونِ الْمِائَةِ شَيْءٌ، وَفِي كِتَابِ الصَّدَقَاتِ الَّذِي كَانَ عِنْدَ الْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: " فَإِذَا زَادَتْ عَلَى ثَلَاثِمِائَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute