للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعُمَرُ أَوْصَى أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ صُهَيْبٌ وَأُمُّ سَلَمَةَ أَوْصَتْ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهَا سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ وَأَبُو بَكْرَةَ أَوْصَى أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ أَبُو بَرْزَةَ.

وَقَالَ غَيْرُهُ: عَائِشَةُ أَوْصَتْ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهَا أَبُو هُرَيْرَةَ وَابْنُ مَسْعُودٍ أَوْصَى أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ الزُّبَيْرُ، وَيُونُسُ بْنُ جُبَيْرٍ أَوْصَى أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ

وَأَبُو سَرِيحَةَ أَوْصَى أَنْ يُصَلِّي عَلَيْهِ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ فَجَاءَ عَمْرُو بْنُ حُرَيْثٍ وَهُوَ أَمِيرُ الْكُوفَةَ لِيَتَقَدَّمَ فَيُصَلِّيَ عَلَيْهِ. فَقَالَ ابْنُهُ: أَيُّهَا الْأَمِيرُ إنَّ أَبِي أَوْصَى أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ فَقَدَّمَ زَيْدًا

وَهَذِهِ قَضَايَا انْتَشَرَتْ، فَلَمْ يَظْهَرْ مُخَالِفٌ، فَكَانَ إجْمَاعًا، وَلِأَنَّهُ حَقٌّ لِلْمَيِّتِ، فَإِنَّهَا شَفَاعَةٌ لَهُ، فَتُقَدَّمُ وَصِيَّتُهُ فِيهَا كَتَفْرِيقِ ثُلُثِهِ، وَوِلَايَةُ النِّكَاحِ يُقَدَّمُ فِيهَا الْوَصِيُّ أَيْضًا، فَهِيَ كَمَسْأَلَتِنَا، وَإِنْ سُلِّمَتْ فَلَيْسَتْ حَقًّا لَهُ، إنَّمَا هِيَ حَقٌّ لِلْمُوَلَّى عَلَيْهِ، ثُمَّ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْأَمِيرَ يُقَدَّمُ فِي الصَّلَاةِ، بِخِلَافِ وِلَايَةِ النِّكَاحِ، وَلِأَنَّ الْغَرَضَ فِي الصَّلَاةِ الدُّعَاءُ، وَالشَّفَاعَةُ إلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَالْمَيِّتُ يَخْتَارُ لِذَلِكَ مَنْ هُوَ أَظْهَرُ صَلَاحًا، وَأَقْرَبُ إجَابَةً فِي الظَّاهِرِ، بِخِلَافِ وِلَايَةِ النِّكَاحِ

(١٥٤٧) فَصْلٌ: فَإِنْ كَانَ الْوَصِيُّ فَاسِقًا، أَوْ مُبْتَدِعًا، لَمْ تُقْبَلْ الْوَصِيَّةُ؛ لِأَنَّ الْمُوصِيَ جَهِلَ الشَّرْعَ فَرَدَدْنَا وَصِيَّتَهُ، كَمَا لَوْ كَانَ الْوَصِيُّ ذِمِّيًّا، فَإِنْ كَانَ الْأَقْرَبُ إلَيْهِ كَذَلِكَ لَمْ يُقَدَّمْ، وَصَلَّى غَيْرُهُ، كَمَا يُمْنَعُ مِنْ التَّقْدِيمِ فِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ

[مَسْأَلَةٌ تَقْدِيمُ الْأَمِيرِ عَلَى الْأَقَارِبِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ]

(١٥٤٨) مَسْأَلَةٌ قَالَ: " ثُمَّ الْأَمِيرُ " أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ يَرَوْنَ تَقْدِيمَ الْأَمِيرِ عَلَى الْأَقَارِبِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ: يُقَدَّمُ الْوَلِيُّ، قِيَاسًا عَلَى تَقْدِيمِهِ فِي النِّكَاحِ، بِجَامِعِ اعْتِبَارِ تَرْتِيبِ الْعَصَبَاتِ، وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يُؤَمُّ الرَّجُلُ فِي سُلْطَانِهِ» .

وَحَكَى أَبُو حَازِمٍ قَالَ: شَهِدْت حُسَيْنًا حِينَ مَاتَ الْحَسَنُ، وَهُوَ يَدْفَعُ فِي قَفَا سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ، وَيَقُول: تَقَدَّمْ، لَوْلَا السُّنَّةُ مَا قَدَّمْتُك وَسَعِيدٌ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ وَهَذَا يَقْتَضِي سُنَّةَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَمَّارٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ قَالَ: شَهِدْت جِنَازَةَ أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ عَلِيٍّ، وَزَيْدِ بْنِ عُمَرَ فَصَلَّى عَلَيْهَا سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ وَكَانَ أَمِيرَ الْمَدِينَةِ وَخَلْفَهُ يَوْمئِذٍ ثَمَانُونَ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِمْ ابْنُ عُمَرَ، وَالْحَسَنُ

<<  <  ج: ص:  >  >>