الْآلَةُ مِنْ عِنْدِ صَاحِبِ الْأَرْضِ.
وَيَجُوزُ اسْتِئْجَارُ الْبَقَرِ وَغَيْرِهَا لِدِرَاسِ الزَّرْعِ؛ لِأَنَّهَا مَنْفَعَةٌ مُبَاحَةٌ مَقْصُودَةٌ، فَأَشْبَهَتْ الْحَرْثَ. وَيَجُوزُ عَلَى مُدَّةٍ أَوْ زَرْعٍ مُعَيَّنٍ، أَوْ مَوْصُوفٍ، كَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي الْحَرْثِ. وَمَتَى كَانَ عَلَى مُدَّةٍ، اُحْتِيجَ إلَى مَعْرِفَةِ الْحَيَوَانِ الَّذِي يَعْمَلُ عَلَيْهِ لِيَعْرِفَ قُوَّتَهُ أَوْ ضَعْفَهُ، وَإِنْ كَانَ عَلَى عَمَلٍ غَيْرِ مُقَدَّرٍ بِالْمُدَّةِ احْتَاجَ إلَى مَعْرِفَةِ جِنْسِ الْحَيَوَانِ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ يَخْتَلِفُ بِهِ، فَمِنْهُ مَا رَوْثُهُ طَاهِرٌ، وَمِنْهُ مَا رَوْثُهُ نَجِسٌ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى مَعْرِفَةِ عَيْنِ الْحَيَوَانِ
وَيَجُوزُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ الْحَيَوَانَ بِآلَتِهِ، وَبِغَيْرِ آلَتِهِ، مَعَ صَاحِبِهِ، وَمُنْفَرِدًا عَنْهُ. كَمَا ذَكَرْنَا فِي الْحَرْثِ.
[فَصْلٌ اسْتِئْجَارُ بَهِيمَةٍ لِإِدَارَةِ الرَّحَى]
(٤٢٧٣) فَصْلٌ: وَيَجُوزُ اسْتِئْجَارُ بَهِيمَةٍ لِإِدَارَةِ الرَّحَى، وَيَفْتَقِرُ إلَى شَيْئَيْنِ؛ مَعْرِفَةِ الْحَجَرِ، إمَّا بِمُشَاهَدَةٍ، وَإِمَّا بِصِفَةٍ تَحْصُلُ بِهَا مَعْرِفَتُهُ؛ لِأَنَّ عَمَلَ الْبَهِيمَةِ يُخْتَلَفُ فِيهِ بِثِقْلِهِ وَخِفَّتِهِ، فَيَحْتَاجُ صَاحِبُهَا إلَى مَعْرِفَتِهِ. وَتَقْدِيرِ الْعَمَلِ، إمَّا بِالزَّمَانِ، فَيَقُولُ: يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ. أَوْ بِالطَّعَامِ فَيَقُولُ: قَفِيزًا أَوْ قَفِيزَيْنِ. وَيَذْكُرُ جِنْسَ الْمَطْحُونِ إنْ كَانَ يَخْتَلِفُ؛ لِأَنَّ مِنْهُ مَا يَسْهُلُ طَحْنُهُ، وَمِنْهُ مَا يَصْعُبُ. وَكَذَلِكَ إنْ اكْتَرَاهَا لِإِدَارَةِ دُولَابٍ، فَلَا بُدَّ مِنْ مُشَاهَدَتِهِ، وَمُشَاهَدَةِ دُولَابِهِ، لِاخْتِلَافِهَا، وَتَقْدِيرُ ذَلِكَ بِالزَّمَانِ، أَوْ مَلْءِ هَذَا الْحَوْضِ، أَوْ هَذِهِ الْبِرْكَةِ
وَكَذَلِكَ إنْ اكْتَرَاهَا لِلِاسْتِقَاءِ بِالْغَرْبِ، فَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَتِهِ؛ لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِكِبَرِهِ وَصِغَرِهِ، وَيُقَدَّرُ بِالزَّمَانِ، أَوْ بِعَدَدِ الْغُرُوبِ، أَوْ بِمَلْءِ بِرْكَةٍ أَوْ حَوْضٍ. وَلَا يَجُوزُ تَقْدِيرُ ذَلِكَ بِسَقْيِ أَرْضٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ، فَقَدْ تَكُونُ الْأَرْضُ عَطْشَانَةً لَا يَرْوِيهَا الْقَلِيلُ، وَتَكُونُ قَرِيبَةَ الْعَهْدِ بِالْمَاءِ فَيَكْفِيهَا الْقَلِيلُ، فَيَكُونُ ذَلِكَ مَجْهُولًا. وَإِنْ قَدَّرَهُ بِسَقْيِ مَاشِيَةٍ، احْتَمَلَ أَنْ لَا يَجُوزَ لِذَلِكَ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَجُوزَ؛ لِأَنَّ شُرْبَهَا يَتَقَارَبُ فِي الْغَالِبِ.
وَيَجُوزُ اسْتِئْجَارُ دَابَّةٍ لِيَسْتَقِيَ عَلَيْهَا مَاءً، وَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ الْآلَةِ الَّتِي يَسْتَقِي بِهَا، مِنْ رَاوِيَةٍ، أَوْ قِرَبٍ أَوْ جِرَارٍ، وَمَعْرِفَةُ ذَلِكَ إمَّا بِالرُّؤْيَةِ، وَإِمَّا بِالصِّفَةِ، وَيُقَدِّرُ الْعَمَلَ إمَّا بِالزَّمَانِ، وَإِمَّا بِعَدَدِ الْمَرَّاتِ، وَإِمَّا بِمَلْءِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ، فَإِنْ قَدَّرَهُ بِعَدَدِ الْمَرَّاتِ، احْتَاجَ إلَى مَعْرِفَةِ الْمَوْضِعِ الَّذِي يَسْتَقِي مِنْهُ، وَاَلَّذِي يَذْهَبُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِالْقُرْبِ وَالْبُعْدِ وَالسُّهُولَةِ وَالْحُزُونَةِ، وَإِنْ قَدَّرَهُ بِمَلْءِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ، احْتَاجَ إلَى مَعْرِفَتِهِ، وَمَعْرِفَةِ مَا يَسْتَقِي مِنْهُ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكْتَرِيَ الْبَهِيمَةَ بِآلَتِهَا وَبِدُونِهَا، مَعَ صَاحِبِهِ وَوَحْدَهَا. وَإِنْ اكْتَرَاهَا لِبَلِّ تُرَابٍ مَعْرُوفٍ، جَازَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَعْلُومٌ بِالْعُرْفِ. وَكُلُّ مَوْضِعٍ وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى مُدَّةٍ فَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ الظَّهْرِ الَّذِي يَعْمَلُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِهَا فِي الْقُوَّةِ وَالضَّعْفِ. وَإِنْ وَقَعَ عَلَى عَمَلٍ مُعَيَّنٍ، لَمْ يَحْتَجْ إلَى مَعْرِفَتِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْتَلِفُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute