سِمَنًا نَقَصَهَا، ثُمَّ خَفَّ سِمَنُهَا فَعَادَ حُسْنُهَا وَقِيمَتُهَا رَدَّهَا وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْهَبْ مَا لَهُ قِيمَةٌ، وَالْعَيْبُ الَّذِي أَوْجَبَ الضَّمَانَ زَالَ فِي يَدَيْهِ. وَكَذَلِكَ لَوْ حَمَلَتْ فَنَقَصَتْ، ثُمَّ وَضَعَتْ فَزَالَ نَقْصُهَا، لَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا.
فَإِنْ رَدَّ الْمَغْصُوبَ نَاقِصًا بِمَرَضٍ، أَوْ عَيْبٍ، أَوْ سِمَنٍ مُفْرِطٍ، أَوْ حَمْلٍ، فَعَلَيْهِ أَرْشُ نَقْصِهِ، فَإِنْ زَالَ عَيْبُهُ فِي يَدَيْ مَالِكِهِ، لَمْ يَلْزَمْهُ رَدُّ مَا أَخَذَ مِنْ أَرْشِهِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَقَرَّ ضَمَانُهُ بِرَدِّ الْمَغْصُوبِ. وَكَذَلِكَ إنْ أَخَذَ الْمَغْصُوبَ دُونَ أَرْشِهِ، ثُمَّ زَالَ الْعَيْبُ قَبْلَ أَخْذِ أَرْشِهِ، لَمْ يَسْقُطْ ضَمَانُهُ؛ لِذَلِكَ.
[فَصْلٌ زَوَائِدُ الْغَصْبِ فِي يَدِ الْغَاصِبِ]
(٣٩٥٨) فَصْلٌ: زَوَائِدُ الْغَصْبِ فِي يَدِ الْغَاصِبِ مَضْمُونَةٌ ضَمَانَ الْغَصْبِ، مِثْلُ السِّمَنِ، وَتَعَلُّمِ الصِّنَاعَةِ، وَغَيْرِهَا، وَثَمَرَةِ الشَّجَرَةِ، وَوَلَدِ الْحَيَوَانِ، مَتَى تَلِفَ شَيْءٌ مِنْهُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ ضَمِنَهُ، سَوَاءٌ تَلِفَ مُنْفَرِدًا، أَوْ تَلِفَ مَعَ أَصْلِهِ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ: لَا يَجِبُ ضَمَانُ زَوَائِدِ الْغَصْبِ، إلَّا أَنْ يُطَالَبَ بِهَا فَيَمْتَنِعُ مِنْ أَدَائِهَا؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مَغْصُوبَةٍ، فَلَا يَجِبُ ضَمَانُهَا، كَالْوَدِيعَةِ، وَدَلِيلُ عَدَمِ الْغَصْبِ أَنَّهُ فِعْلٌ مُحَرَّمٌ، وَثُبُوتُ يَدِهِ عَلَى هَذِهِ الزَّوَائِدِ لَيْسَ مِنْ فِعْلِهِ؛ لِأَنَّهُ انْبَنَى عَلَى وُجُودِ الزَّوَائِدِ فِي يَدِهِ، وَوُجُودُهَا لَيْسَ بِفِعْلٍ مُحَرَّمٍ مِنْهُ. وَلَنَا، أَنَّهُ مَالُ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ، حَصَلَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ بِالْغَصْبِ، فَيَضْمَنُهُ بِالتَّلَفِ، كَالْأَصْلِ.
وَقَوْلُهُمْ: إنَّ إثْبَاتَ يَدِهِ لَيْسَ مِنْ فِعْلِهِ. لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ بِإِمْسَاكِ الْأُمِّ تَسَبَّبَ إلَى إثْبَاتِ يَدِهِ عَلَى هَذِهِ الزَّوَائِدِ، وَإِثْبَاتُ يَدِهِ عَلَى الْأُمِّ مَحْظُورٌ.
[فَصْلٌ لَيْسَ عَلَى الْغَاصِبِ ضَمَانُ نَقْصِ الْقِيمَةِ الْحَاصِلِ بِتَغَيُّرِ الْأَسْعَارِ]
(٣٩٥٩) فَصْلٌ: وَلَيْسَ عَلَى الْغَاصِبِ ضَمَانُ نَقْصِ الْقِيمَةِ الْحَاصِلِ بِتَغَيُّرِ الْأَسْعَارِ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ. وَحُكِيَ عَنْ أَبِي ثَوْرٍ أَنَّهُ يَضْمَنُهُ؛ لِأَنَّهُ يَضْمَنُهُ إذَا تَلِفَتْ الْعَيْنُ، فَيَلْزَمُهُ إذَا رَدَّهَا، كَالسِّمَنِ.
وَلَنَا، أَنَّهُ رَدَّ الْعَيْنَ بِحَالِهَا، لَمْ يَنْقُصْ مِنْهَا عَيْنٌ وَلَا صِفَةٌ، فَلَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، كَمَا لَوْ لَمْ تَنْقُصْ، وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ يَضْمَنُهَا مَعَ تَلَفِ الْعَيْنِ، وَإِنْ سَلَّمْنَا فَلِأَنَّهُ وَجَبَتْ قِيمَةُ الْعَيْنِ أَكْثَرَ مَا كَانَتْ قِيمَتُهَا، فَدَخَلَتْ فِي التَّقْوِيمِ، بِخِلَافِ مَا إذَا رَدَّهَا؛ فَإِنَّ الْقِيمَةَ لَا تَجِبُ، وَيُخَالِفُ السِّمَنَ، فَإِنَّهُ مِنْ عَيْنِ الْمَغْصُوبِ، وَالْعِلْمُ بِالصِّنَاعَةِ صِفَةٌ فِيهَا، وَهَا هُنَا لَمْ تَذْهَبْ عَيْنٌ وَلَا صِفَةٌ؛ وَلِأَنَّهُ لَا حَقَّ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ فِي الْقِيمَةِ مَعَ بَقَاءِ الْعَيْنِ، وَإِنَّمَا حَقُّهُ فِي الْعَيْنِ، وَهِيَ بَاقِيَةٌ كُلُّهَا كَمَا كَانَتْ، وَلِأَنَّ الْغَاصِبَ يَضْمَنُ مَا غَصَبَ، وَالْقِيمَةُ لَا تَدْخُلُ فِي الْغَصْبِ، بِخِلَافِ زِيَادَةِ الْعَيْنِ، فَإِنَّهَا مَغْصُوبَةٌ وَقَدْ ذَهَبَتْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute