هَذِهِ الْأَعْضَاءَ فِيهَا مُقَدَّرٌ، فَوَجَبَ ذَلِكَ فِيهَا مَعَ بَقَاءِ مِلْكِ السَّيِّدِ فِي الْعَبْدِ، كَالْيَدِ الْوَاحِدَةِ، وَسَائِرِ الْأَعْضَاءِ، وَلِأَنَّ مَنْ ضُمِنَتْ يَدُهُ بِمُقَدَّرٍ، ضُمِنَتْ يَدَاهُ بِمِثْلَيْهِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَمْلِكَهُ كَالْحُرِّ. وَقَوْلُهُمْ: إنَّهُ اجْتَمَعَ الْبَدَلُ وَالْمُبْدَلُ لِوَاحِدٍ. لَيْسَ بِصَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الْقِيمَةَ هَاهُنَا بَدَلُ الْعُضْوِ وَحْدَهُ، وَلَوْ كَانَ بَدَلًا عَنْ الْجُمْلَةِ، لَكَانَ بَدَلُ الْيَدِ الْوَاحِدَةِ بَدَلًا عَنْ نِصْفِهِ، وَبَدَلُ تِسْعِ أَصَابِعَ بَدَلًا عَنْ تِسْعَةِ أَعْشَارِهِ، وَالْأَمْرُ بِخِلَافِهِ.
وَالْأَمَةُ مِثْلُ الْعَبْدِ فِي ذَلِكَ، إلَّا أَنَّهَا تُشَبَّهُ بِالْحُرَّةِ، وَإِذَا بَلَغَتْ ثُلُثَ قِيمَتِهَا، احْتَمَلَ أَنَّ جِنَايَتَهَا تُرَدُّ إلَى النِّصْفِ، فَيَكُونُ فِي ثَلَاثِ أَصَابِعَ ثَلَاثَةُ أَعْشَارِ قِيمَتِهَا، وَفِي أَرْبَعَةِ أَصَابِعَ خُمْسُهَا، كَمَا أَنَّ الْمَرْأَةَ تُسَاوِي الرَّجُلَ فِي الْجِرَاحِ إلَى ثُلُثِ دِيَتِهَا، فَإِذَا بَلَغَتْ الثُّلُثَ، رُدَّتْ إلَى النِّصْفِ، وَالْأَمَةُ امْرَأَةٌ، فَيَكُونُ أَرْشُهَا مِنْ قِيمَتِهَا كَأَرْشِ الْحُرَّةِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يُرَدَّ إلَى النِّصْفِ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي الْحُرَّةِ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ؛ لِكَوْنِ الْأَصْلِ زِيَادَةُ الْأَرْشِ بِزِيَادَةِ الْجِنَايَةِ، وَأَنَّهُ كُلَّمَا زَادَ نَقْصُهَا وَضَرَرُهَا، زَادَ فِي ضَمَانِهَا، فَإِذَا خُولِفَ هَذَا فِي الْحُرَّةِ، بَقِينَا فِي الْأَمَةِ عَلَى وَفْقِ الْأَصْلِ. (٧٠٠٤) فَصْلٌ: وَإِذَا جُنِيَ عَلَى الْعَبْدِ فِي رَأْسٍ أَوْ وَجْهٍ دُونَ الْمُوضِحَةِ، فَنَقَصَتْهُ أَكْثَرَ مِنْ أَرْشِهَا، وَجَبَ مَا نَقَصَتْهُ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَدَّ إلَى نِصْفِ عُشْرِ قِيمَتِهِ، كَالْحُرِّ إذَا زَادَ أَرْشُ شَجَّتِهِ الَّتِي دُونَ الْمُوضِحَةِ عَلَى نِصْفِ عُشْرِ دِيَتِهِ. وَالْأَوَّلُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ هَذِهِ جِرَاحَةٌ لَا مُوَقَّتَ فِيهَا، فَكَانَ الْوَاجِبُ فِيهَا مَا نَقَصَ، كَمَا لَوْ كَانَتْ فِي غَيْرِ رَأْسِهِ، وَلِأَنَّ الْأَصْلَ وُجُوبُ مَا نَقَصَ، خُولِفَ فِي الْمُقَدَّرِ، فَفِي هَذَا يَبْقَى عَلَى الْأَصْلِ.
[مَسْأَلَةٌ كَانَ الْمَقْتُول خُنْثَى مُشْكِلًا]
(٧٠٠٥) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَإِنْ كَانَ الْمَقْتُولُ خُنْثَى مُشْكِلًا، فَفِيهِ نِصْفُ دِيَةِ ذَكَرٍ، وَنِصْفُ دِيَةِ أُنْثَى) وَهَذَا قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: الْوَاجِبُ دِيَةُ أُنْثَى؛ لِأَنَّهَا الْيَقِينُ، فَلَا يَجِبُ الزَّائِدَةُ بِالشَّكِّ. وَلَنَا: أَنَّهُ يَحْتَمِلُ الذُّكُورِيَّةَ وَالْأُنُوثِيَّةَ احْتِمَالًا وَاحِدًا، وَقَدْ يَئِسْنَا مِنْ انْكِشَافِ حَالِهِ، فَيَجِبُ التَّوَسُّطُ بَيْنَهُمَا، وَالْعَمَلُ بِكِلَا الِاحْتِمَالَيْنِ. (٧٠٠٦) فَصْلٌ: فَأَمَّا جِرَاحُهُ، فَمَا لَمْ يَبْلُغْ ثُلُثَ الدِّيَةِ، فَفِيهِ دِيَةُ جُرْحِ الذَّكَرِ؛ لِاسْتِوَاءِ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى فِي ذَلِكَ، وَإِنْ زَادَ عَلَى الثُّلُثِ، مِثْلُ أَنْ قَطَعَ يَدَهُ، فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ دِيَةِ يَدِ الذَّكَرِ، سَبْعَةٌ وَثَلَاثُونَ بَعِيرًا وَنِصْفٌ، وَيُقَادُ بِهِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَخْتَلِفَانِ فِي الْقَوَدِ، وَيُقَادُ هُوَ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا.
[مَسْأَلَةٌ كَانَ الْمَجْنِيّ عَلَيْهِ نِصْفه حُرّ وَنِصْفِهِ عَبْد]
(٧٠٠٧) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَإِنْ كَانَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ نِصْفُهُ حُرٌّ، وَنِصْفُهُ عَبْدٌ، فَلَا قَوَدَ، وَعَلَى الْجَانِي إنْ كَانَ عَمْدًا نِصْفُ دِيَةِ حُرٍّ وَنِصْفُ قِيمَتِهِ، وَهَكَذَا فِي جِرَاحِهِ، وَإِنْ كَانَ خَطَأً، فَعَلَيْهِ نِصْفُ قِيمَتِهِ، وَعَلَى عَاقِلَتِهِ نِصْفُ الدِّيَةِ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute