للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ كَفَّارَة الْقَتْل]

(٧٠٥٦) فَصْلٌ: وَكَفَّارَةُ الْقَتْل عِتْقُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ، بِنَصِّ الْكِتَابِ، سَوَاءٌ كَانَ الْقَاتِلُ أَوْ الْمَقْتُولُ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا، فَإِنْ لَمْ يَجِدْهَا فِي مِلْكِهِ، فَاضِلَةً عَنْ حَاجَتِهِ، أَوْ يَجِدْ ثَمَنَهَا، فَاضِلًا عَنْ كِفَايَتِهِ، فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، تَوْبَةً مِنْ اللَّهِ، وَهَذَا ثَابِتٌ بِالنَّصِّ أَيْضًا، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ، فَفِيهِ رِوَايَتَانِ؛ إحْدَاهُمَا، يَثْبُتُ الصِّيَامُ فِي ذِمَّتِهِ، وَلَا يَجِبُ شَيْءٌ آخَرُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَذْكُرْهُ، وَلَوْ وَجَبَ لَذَكَرَهُ. وَالثَّانِي: يَجِبُ إطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا؛ لِأَنَّهَا كَفَّارَةٌ فِيهَا عِتْقٌ وَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، فَكَانَ فِيهَا إطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا عِنْدَ عَدَمِهَا، كَكَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَالْفِطْرِ فِي رَمَضَانَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَذْكُورًا فِي نَصِّ الْقُرْآنِ، فَقَدْ ذُكِرَ ذَلِكَ فِي نَظِيرِهِ، فَيُقَاسُ عَلَيْهِ. فَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ، إنْ عَجَزَ عَنْ الْإِطْعَامِ، ثَبَتَ فِي ذِمَّتِهِ حَتَّى يَقْدِرَ عَلَيْهِ. وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ فِي هَذَا، كَالرِّوَايَتَيْنِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[مَسْأَلَةٌ قَبُول قَوْلِ الْعُدُول فِي الْقِصَاص]

(٧٠٥٧) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: وَمَا أَوْجَبَ الْقِصَاصَ، فَلَا يُقْبَلُ فِيهِ إلَّا عَدْلَانِ وَجُمْلَتُهُ أَنَّ مَا أَوْجَبَ الْقِصَاصَ فِي نَفْسٍ، كَالْقَتْلِ الْعَمْدِ الْعُدْوَانِ مِنْ الْمُكَافِئِ، أَوْ فِي طَرَفٍ، كَقَطْعِهِ مِنْ مَفْصِلٍ عَمْدًا مِمَّنْ يُكَافِئُهُ، فَلَا يُقْبَلُ فِيهِ إلَّا شَهَادَةُ رَجُلَيْنِ عَدْلَيْنِ، وَلَا يُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ، وَلَا شَاهِدٌ وَيَمِينُ الطَّالِبِ. لَا نَعْلَمُ فِي هَذَا بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ خِلَافًا؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْقِصَاصَ إرَاقَةُ دَمٍ، عُقُوبَةً عَلَى جِنَايَةٍ، فَيُحْتَاطُ لَهُ بِاشْتِرَاطِ الشَّاهِدَيْنِ الْعَدْلَيْنِ، كَالْحُدُودِ. وَسَوَاءٌ كَانَ الْقِصَاصُ يَجِبُ عَلَى مُسْلِمٍ أَوْ كَافِرٍ، أَوْ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ؛ لِأَنَّ الْعُقُوبَةَ يُحْتَاطُ لِدَرْئِهَا. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، - رَحِمَهُ اللَّهُ -، رِوَايَةٌ أُخْرَى، أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْقَتْلِ إلَّا شَهَادَةُ أَرْبَعَةٍ. وَهَذَا مَذْهَبُ الْحَسَنِ؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ يَثْبُتُ بِهَا الْقَتْلُ، فَلَمْ يُقْبَلْ أَقَلُّ مِنْ أَرْبَعَةٍ، كَالشَّهَادَةِ عَلَى الزِّنَى مِنْ الْمُحْصَنِ.

وَلَنَا، أَنَّهُ أَحَدُ نَوْعَيْ الْقِصَاصِ، فَيُقْبَلُ فِيهِ اثْنَانِ، كَقَطْعِ الطَّرَفِ. وَفَارَقَ الزِّنَى فَإِنَّهُ مُخْتَصٌّ بِهَذَا، وَلَيْسَتْ الْعِلَّةُ كَوْنَهُ قَتْلًا، بِدَلِيلِ وُجُوبِ الْأَرْبَعَةِ فِي زِنَى الْبِكْرِ، وَلَا قَتْلَ فِيهِ، وَلِأَنَّهُ انْفَرَدَ بِوُجُوبِ الْحَدِّ عَلَى الرَّامِي بِهِ، وَالشُّهُودِ إذَا لَمْ تَكْمُلْ شَهَادَتُهُمْ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُلْحَقَ بِهِ مَا لَيْسَ مِثْلَهُ.

[مَسْأَلَة وُجُوب الْمَال فِي الْجِنَايَاتِ دُون الْقَوَد]

(٧٠٥٨) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: وَمَا أَوْجَبَ مِنْ الْجِنَايَاتِ الْمَالَ دُونَ الْقَوَدِ، قُبِلَ فِيهِ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ، أَوْ رَجُلٌ عَدْلٌ مَعَ يَمِينِ الطَّالِبِ وَجُمْلَتُهُ أَنَّ مَا كَانَ مُوجَبُهُ الْمَالَ، كَقَتْلِ الْخَطَإِ، وَشِبْهِ الْعَمْدِ، وَالْعَمْدِ فِي حَقِّ مَنْ لَا يُكَافِئُهُ، وَالْجَائِفَةِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>